غضب في «صلاح الدين» بعد مقتل 7 أفراد من عائلة واحدة

الهجوم وقع في قطاع تابع لـ«الحشد» جنوب تكريت... و«داعش» أعلن مسؤوليته

TT

غضب في «صلاح الدين» بعد مقتل 7 أفراد من عائلة واحدة

في حادث ليس هو الأول من نوعه في محافظة صلاح الدين (180 كم شمالي بغداد)، أقدم مسلحون مجهولون، فجر أمس الجمعة، على قتل عائلة كاملة تتكون من 7 أفراد ولاذوا، كالعادة، بالفرار. وفي وقت لاحق أمس، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الحادث. ووفقاً لما نشرته مواقع إخبارية عراقية عن وكالة أعماق التابعة للتنظيم، فإن «داعش» أعلن أن مسلحيه «قتلوا 6 أفراد من أسرة واحدة؛ هم 4 رجال وامرأتان يعملون (جواسيس) لصالح الحشد الشعبي، إضافة إلى عنصر من الشرطة». وأضافت الوكالة أنه «جرى قتل هؤلاء من خلال اقتحام منزلين وإطلاق النار عليهم جميعاً في منطقة البو دور، جنوب تكريت».
يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها «داعش» مسؤوليته عن هذه الحادثة، فيما لم يعلن مسؤوليته عن الحوادث التي سبقتها. خلية الإعلام الأمني أعلنت، في بيان لها، أن «الجهات المختصة في قاطع عمليات صلاح الدين باشرت بالتحقيق في ملابسات جريمة قتل عائلة في صلاح الدين على أيدي جماعة مسلحة».
إلى ذلك رفض أهالي المغدورين تشييع جثامينهم إلا بحضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أو وزير الداخلية عثمان الغانمي، لغرض الاستماع إلى مطالبهم.
ويأتي حادث قرية البو دور الغامض بعد شهور من جريمة مماثلة وقعت في ناحية الفرحاتية التابعة لقضاء بلد في محافظة صلاح الدين، راح ضحيتها 8 أفراد. ولم يتم الإعلان حتى الآن عن نتائج التحقيق في تلك الجريمة التي لم يتم تبنيها من أي جهة بما في ذلك تنظيم داعش.
الناطق باسم مجلس شيوخ محافظة صلاح الدين الشيخ مروان الجبارة، أكد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الحادث وقع ضمن منطقة البو دور وهي ضمن قاطع ناحية دجلة (مكيشيفة) وهي شريط يمتد بمحاذاة طريق بغداد – الموصل، وهي تتبع لناحية دجلة التابعة لقضاء سامراء جنوب تكريت». وفي وصف الحادث يقول الجبارة إن «الحادث حصل بعد أن دخلت سيارتان يرتدي مستقلوهما الزي العسكري، وتم قتل العائلة بأسلحة كاتمة للصوت، وعددهم 7 أشخاص، فيما نجا شخص أصيب بجروح بليغة»، مبيناً أن «الجهة الماسكة للأرض هي اللواء 35 التابع إلى الحشد الشعبي، علماً بأن القاطع ممسكوك بشكل كبير جداً بحيث لا يسمح حتى للأهالي بالدخول إليه أو الخروج منه إلا بموافقات». وأعرب الجبارة عن الاستغراب «من حصول هذا الحادث وهروب الجناة دون معرفة الأسباب، علماً بأن هذا الحادث ليس الأول وربما لن يكون الأخير». وتابع الجبارة قائلاً إن «حوادث كثيرة في الواقع حصلت في هذا القاطع مثل حادث مقتل المختار وعائلته في منطقة السموم، وحادث آخر قتل فيه عدد من المواطنين، فضلاً عن حادث المكيشيفة الذي أعلن تنظيم داعش تبنيه في وقته».
وأوضح الجبارة أن «الأهالي في هذه المناطق بدأوا يفكرون بعملية نزوح عكسية». ودعا الجبارة الحكومة العراقية إلى أن «تأخذ زمام المبادرة وتكشف مثل هذه الجرائم بكل تفاصيلها وإلا فإن هناك تخوفاً من قبل الأهالي، نظراً للإخفاق في حماية المواطنين».
من جهته، أكد محافظ صلاح الدين عمار جبر أن الأجهزة الأمنية «تحقق بشكل كامل لكشف ملابسات الحادث». وأضاف: «أمن المواطن وأمن المحافظة هو خط أحمر، ولن نسمح بأن تكون صلاح الدين مرتعاً لتكرار مثل هذه الجرائم الشنعاء بحق المواطنين الآمنين»، مبيناً أن «المتسببين بمثل هذه الحوادث سينالون جزاءهم العادل مهما كانوا ومهما كانت الأسباب».
إلى ذلك، طالب تحالف القوى العراقية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بإعادة النظر في الخطط الأمنية، والاعتماد على أبناء المناطق نفسها. ودعا تحالف القوى، في بيان له، القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي والقيادات الأمنية إلى «مراجعة فورية للخطط الأمنية وإعادة النظر في انتشار القوات الأمنية الماسكة للأرض حتى لا يحدث تداخل في الواجبات ويتسبب في ضياع المسؤوليات وملامح الجرائم التي تحدث هناك»، مشيراً إلى أن ذلك يتم «بالاعتماد المباشر في ضبط الأمن ومسك الأرض في المدن والقرى من قبل القوات المحلية والحشود العشائرية التي هي أعرف بالواقع الاجتماعي والميداني لهذه المدن». ووجه التحالف دعوة إلى رئاسة مجلس النواب لـ«تشكيل لجنة تقصي حقائق من لجنة الأمن والدفاع للوقوف على فاعلية الإجراءات والتدابير والخطط الأمنية المتخذة هناك لمنع تكرار هذه الجرائم».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».