وزير خارجية فرنسا ينتقد «تقاعس» المسؤولين اللبنانيين عن إنقاذ بلدهم

لو دريان: لا يزال هناك وقت... لكن غداً سيفوت الأوان

الوزير لودريان خلال المؤتمر الصحافي أمس (إ.ب.أ)
الوزير لودريان خلال المؤتمر الصحافي أمس (إ.ب.أ)
TT

وزير خارجية فرنسا ينتقد «تقاعس» المسؤولين اللبنانيين عن إنقاذ بلدهم

الوزير لودريان خلال المؤتمر الصحافي أمس (إ.ب.أ)
الوزير لودريان خلال المؤتمر الصحافي أمس (إ.ب.أ)

مرة جديدة تقرع باريس ناقوس الخطر وتحذر من انحدار لبنان نحو الهاوية. ومرة جديدة، يستخدم أعلى المسؤولين الفرنسيين لغة خشنة مع الطبقة السياسية اللبنانية لدفعها نحو التحرك والتوقف عن المناورات. وفي كل مناسبة، تعود فرنسا للتأكيد على أن مبادرتها لمساعدة لبنان ما زات قائمة ولكن يتعين على اللبنانيين التحرك.
وأمس، اقتنص وزير الخارجية جان إيف لو دريان فرصة المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد ظهراً في مقر الوزارة بمشاركة نظرائه من مصر والأردن وألمانيا ليقرّع المسؤولين اللبنانيين بعد أن خلع القفازات الدبلوماسية. وسبق للوزير الفرنسي أن حذر قبل أشهر من أن لبنان «ينهار». ولدى سؤاله عن تقويمه للوضع للبنان حالياً أجاب: «أتأرجح بين الحزن والغضب والقلق ولدي ميل إلى تصنيف السياسيين اللبنانيين أياً كانوا، على أنهم مسؤولون عن حجب مساعدة بلادهم وهي في حالة الخطر». وللتذكير، فإن هذا المبدأ يعد في القانون الفرنسي المتعلق بالأفراد بمثابة جريمة يعاقب عليها القانون. وأضاف لودريان: «قد أميل للقول إن المسؤولين السياسيين اللبنانيين لا يساعدون بلداً يواجه مخاطر، جميعهم أياً كانوا»، واستنكر «تقاعس» الطبقة السياسية عن التصدي لخطر «انهيار» البلاد. وقال: «لقد التزموا جميعاً بالعمل على تشكيل حكومة شاملة وبتنفيذ إصلاحات لا غنى عنها. كان ذلك قبل 7 أشهر ولا شيء يتحرك»، مذكراً بأن الرئيس إيمانويل ماكرون قام مرتين بزيارة لبنان في شهر أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول). وسبق لماكرون الذي طرح خطة إنقاذية للبنان عنوانها حكومة اختصاصيين وإصلاحات ضرورية وإعادة إعمار بيروت وما دمره تفجيرا المرفأ أن وصف الطبقة السياسية اللبنانية بـ«الخيانة الجماعية» لأنها قبلت بحضوره الخطة التي طرحها ثم انقلبت عليها سريعاً. وبعد سبعة أشهر ما زال لبنان من غير حكومة فيما الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية في أقصى حالات التردي.
وحذر لو دريان من أن انهيار لبنان «سيكون كارثة للبنانيين وللاجئين الفلسطينيين والسوريين ولكل المنطقة». وبنظره، ثمة فرصة ما زالت قائمة. وقال: «أعتقد أن الوقت لم يفت بعد، لكنه ضئيل جداً»، معيداً التأكيد على أن «الأمر متروك للسلطات اللبنانية لتتولى مصيرها وهي تعلم أن المجتمع الدولي ينظر بقلق... لا يزال هناك وقت للعمل اليوم، ولكن غداً سيفوت الأوان».
وكان بعض اللبنانيين يراهن على زيارة ثالثة لماكرون سبق أن أجلها بسبب إصابته بـ«كوفيد - 19». وأشارت مصادره إلى أنه ما زال عازماً على ذلك. ويري دبلوماسيون أن ماكرون لا يمكن أن يقامر بصورته وصورة بلاده ويقوم بزيارة ثالثة من غير توافر ضمانات لقدرته على تحقيق اختراق على الأقل من خلال تشكيل حكومة عجز حتى اليوم الرئيس المكلف سعد الحريري عن إنجازها. وثمة إجماع في باريس يعزو الفشل في دفع المسؤولين اللبنانيين إلى السير بخطتها إلى غياب «الرافعة» التي من شأنها التأثير على الطبقة السياسية إن إغراء أو زجراً، فضلاً عن العقبات الخارجية إيرانياً وأميركياً التي منعتها من التقدم ورهان بعض اللبنانيين على حصول تغيرات خارجية من شأنها قلب المعادلات القائمة حالياً في لبنان وتغيير موازين القوى. وبعد أن كانت الأنظار متجهة نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإن اللبنانيين يتطلعون اليوم لعملية لي الذراع القائمة بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي.
وفي المؤتمر الصحافي نفسه، قال وزير الخارجية مصر سامح شكري إن بلاده «تتمسك بمصالح الشعب اللبناني وهي على تواصل مع كافة الأطراف ويتعين على السياسيين اللبنانيين الاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني»، مضيفاً أن القاهرة تأمل في تشكيل حكومة جديدة قريباً. وقال نظيره الأردني أيمن الصفدي إن بلاده «تتابع بقلق الصعوبات التي يعاني منها لبنان» وأنه توجه إلى بيروت مرتين للتعبير عن تضامن عمان مع الشعب اللبناني. ونبه الصفدي من أنه «لا يمكن أن نسمح بانهيارات إضافية في لبنان لأن ذلك سيشكل أزمة وتهديداً للاستقرار».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.