مطالب باستقالة الحكومة التونسية بعد «اعتداء» على برلمانيين

جانب من مظاهرات قوات الأمن في العاصمة التونسية لتحسين ظروف العمل أول من أمس (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات قوات الأمن في العاصمة التونسية لتحسين ظروف العمل أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

مطالب باستقالة الحكومة التونسية بعد «اعتداء» على برلمانيين

جانب من مظاهرات قوات الأمن في العاصمة التونسية لتحسين ظروف العمل أول من أمس (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات قوات الأمن في العاصمة التونسية لتحسين ظروف العمل أول من أمس (إ.ب.أ)

خلّف تدخل قوات الأمن التونسية أمس لإنهاء اعتصام تنفذه منذ أشهر قيادات «الحزب الدستوري» المعارض أمام مقر» الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المحظور في جل الدول العربية والإسلامية، باستعمال القوة والغاز المسيل للدموع، انتقادات عدة للحكومة، واتهمتها جهات معارضة بالاعتداء على المعتصمين من نواب البرلمان، والتسبب في عدة إصابات وحالات إغماء، مطالبة الحكومة بالاستقالة.
ورابطت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر مع أنصارها أمام مقر «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس»، في محاولة لإجبار الأشخاص الذين كانوا بداخله على الخروج، وغلقه على خلفية اتهامه بالإرهاب. وسادت حالة من الاحتقان الشديد والفوضى بين موسي وأنصارها، وبين بعض أعضاء «الاتحاد»، الذين تشبثوا بالبقاء داخل المقر، مناشدين السلطات ورئيس الحكومة بالتدخل العاجل، والعمل على إبعاد موسي وأنصارها من المكان الذي «اقتحمته عنوة»، على حد تعبيرهم.
ونشرت موسي على صفحة الحزب الرسمية مقطع فيديو، يؤكد استعمال قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المعتصمين المطالبين بغلق المقر.
وفي المقابل، علّق هشام المشيشي، رئيس الحكومة، على عملية فض اعتصام الحزب «الدستوري الحر» بقوله «إنها مسألة قضائية، والنيابة العامة هي الجهة الوحيدة المخولة لإنفاذ القانون في ظل حظر التجول، وحالة الطوارئ التي تشهدها تونس»، مشيرا إلى أن الاتهامات الموجهة لحكومته في هذا الشأن «لا معنى لها لأن كل تحرك يتم في إطار القانون، الذي يتم تطبيقه على أي كان، ودون استثناء».
في السياق ذاته، اتهم حسام الحامي، المنسق العام لائتلاف «صمود» المعارض، الحكومة بـ«مساندة هذا التنظيم العالمي الإرهابي، على حساب التوجه المدني في تونس»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تدخل قوات الأمن العنيف «يأتي في إطار حملة ممنهجة تقوم بها الحكومة الحالية لضرب تحركات المعارضة بكل أطيافها، وحماية تحركات الأحزاب الحاكمة، منتهجة سياسة المكيالين، بما يؤكد فقدانها لدورها الأساسي في حماية الحقوق والحريات، بعدما أثبتت فشلها في إدارة دواليب الدولة»، على حد قوله.
وبناء على هذه الاتهامات، طالب الحامي باستقالة الحكومة الحالية، وقال إنها «أصبحت تمثل عائقا حقيقيا في استكمال الانتقال الديمقراطي، وذلك لعجزها التام عن تسيير البلاد، وانخراطها المفضوح في دعم منظومتي الإرهاب والفساد»، معبرا عن مساندته للحزب «الدستوري الحر» المعارض، لما تعرضت له قياداته ومناصريه من «اعتداءات ومضايقات من قبل أعوان الأمن، ومن الحزام العنيف لحركة النهضة، وفصائل ما يسمى (ائتلاف الكرامة)، وبقايا روابط حماية الثورة».
من ناحيتها، قالت المحللة السياسية يسرى الشيخاوي: «إذا حامت حول فرع اتحاد علماء المسلمين في تونس تهم وشبهات تستوجب التدخل، فإن الجهة المخولة لإنفاذ القانون هي القضاء، أما غير ذلك فهو ضرب من ضروب العبث، والدفع نحو التناحر والاقتتال بين أفراد الشعب الواحد». مضيفة أنه «من حق موسى أو غيرها الاعتصام من أجل الضغط في اتجاه موقف ما، لكن اقتحام مقر الاتحاد فيه نوع من المغالاة والاستفزاز، وضرب لمؤسسات الدولة، وقد يخلف كثيرا من المشاكل الجانبية».
يذكر أن «الدستوري الحر» أكد في بيان له، الخميس الماضي، أن الإدارة العامة للجمعيات برئاسة الحكومة استجابت لطلبه بتفعيل المرسوم الحكومي المتعلق بالجمعيات، والبدء في إجراءات حل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس، لمؤسسه يوسف القرضاوي.
وطالب «الدستوري الحر» أكثر من مرة بحل هذا الاتحاد نهائيا، وإيقاف نشاطه في تونس، متهما إياه بدعم التنظيمات الإرهابية. ومن جانبه رفع «الاتحاد» شكوى قضائية ضد موسى، واتهمها بالاعتداء على مقره، لكن لم يصدر أي حكم قضائي بعد.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.