المخابرات الإسرائيلية تكشف «ملف نصر الله»: يعيش خوفاً دائماً من الاغتيال

TT

المخابرات الإسرائيلية تكشف «ملف نصر الله»: يعيش خوفاً دائماً من الاغتيال

ضمن الحرب النفسية المكشوفة التي تديرها أجهزة الأمن الإسرائيلية، كشفت شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان) أمس (الأربعاء)، ما أسمته «الملف الشخصي لأمين عام (حزب الله)، حسن نصر الله، وملامحه النفسية». ووصفته فيه بأنه «نرجسي جداً، ومهووس بالإعلام الإسرائيلي، ويعيش تحت الأرض ولا يطل برأسه من الشباك».
والملف المذكور هو واحد من ملفات تعدها أجهزة المخابرات عن عدد كبير من الشخصيات السياسية والعسكرية في المنطقة والعالم، وتهتم بشكل خاص بأولئك الذين تضعهم في «قائمة سوداء» كأعداء. وحسب مصدر رفيع سابق في المخابرات، فإن ملفاً كهذا يعمل فيه عادة طاقم ضخم من الخبراء والمتابعين، الذين يكونون ما يسمى «دماغ الشخصية» التي يتابعونها. ويكون الهدف أن يصبح الجهاز قادراً على التفكير بعقلية الشخصية؛ حتى يحددوا ماذا ستكون ردود فعله على كل حدث.
وتم منح حق النشر بشكل حصري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، التي نشرت أمس مقاطع من تقرير ستنشره كاملاً غداً (الجمعة)، حول ما وصفته بـ«ملف نصر الله»، وهو عبارة عن ملف وضعته شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) للملامح النفسية لأمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله.
ويتخلل التقرير مقابلات مع ضباط في «أمان»، الذين «مهمتهم الدخول إلى (عقل) زعيم (حزب الله)، ومحاولة فهمه، وتحليل خطواته واستباقها». وقالت إحداهم، وهي الباحثة الاستراتيجية الكبيرة في دائرة الأبحاث في «أمان»، الدكتورة «ك»، إن «نصر الله يعيش وسائل الإعلام الإسرائيلية، ويعرف الذين يكتبون فيها. وهذه طريقته لدراسة الجمهور الإسرائيلي. ومن حيث شخصيته، فإنه مركزي جداً، يقصي الآخرين، ومنشغل بنفسه. وهو شخص حاد جداً، ذكي جداً، لكنه نرجسي جداً».
وأضافت «ك»، أن «نصر الله لا يخرج من المنزل، ولا يقترب من النوافذ. وعملياً، لا يرى ضوء النهار. وهو يدرك جيداً أنه في اللحظة التي يخرج فيها رأسه، ستعلم إسرائيل بمكانه. ونحن نعلم أنه يفتقر لفيتامين D. وهو في الستين من عمره وموجود في المجموعة التي يشكل فيروس كورونا خطراً عليها، لكنه يعارض اللقاحات الأميركية. وقد نجح في إدارة تنظيم كبير مثل (حزب الله)؛ لأنه (بعد سنوات طويلة في قيادة التنظيم، يوجد ما يسمى «روح القائد». فيكفي أن ينقل توجيهاً، وسيعلمون ما الذي يريده)». وتابعت «ك»، أنه «بسبب تخوفه من اكتشاف مكان وجوده، فليس بحوزته هاتف نقال. وينقل الرسائل بواسطة نائبه، نعيم قاسم، ورئيس المجلس التنفيذي، (هاشم) صفي الدين. ومنذ اغتيال من لُقبوا برؤساء أركان (حزب الله)، عماد مغنية و(مصطفى) بدر الدين، ولاحقاً اغتيال قائد (فيلق القدس) الإيراني، قاسم سليماني، يعمل نصر الله كزعيم دولة، وكوزير للدفاع وكرئيس لأركان القوات، وحتى كقائد منطقة عسكرية وأحياناً كقائد وحدة عسكرية أيضاً. وهو يعتمد على عدد قليل من الأشخاص، ولا يعيّن أشخاصاً في المناصب الرفيعة الشاغرة».
وأشار التقرير إلى مقتل هادي، نجل نصر الله الأكبر، خلال اشتباك مع قوة من وحدة الكوماندوس «إيغوز» الإسرائيلية في لبنان، عام 1997، وجرت لاحقاً صفقة تبادل تمت خلالها استعادة جثة هادي مقابل جثة جندي إسرائيلي، قُتل خلال عملية نفذتها وحدة الكوماندوس البحري في لبنان. وقال الضابط «أ» في «أمان»، إن «نصر الله يسعى للاستفادة إعلامياً من حقيقة أن لديه ابناً شهيداً. لكن ابنه الثاني، جواد، تسبب بحرج كبير له؛ لما ينشره في الشبكات الاجتماعية من مقولات سياسية وشخصية. فبعد اغتيال الكاتب والصحافي لقمان سليم، الذي انتقد نصر الله بشدة بعد الانفجار الضخم في ميناء بيروت، غرد جواد في (تويتر)، (خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب #بلا_أسف). وبعد وقت قصير تم محو التغريدة. وعلى ما يبدو أنه تلقى اتصالاً هاتفياً عصبياً».
وتابع «أ»، أن نصر الله يواجه صعوبة في التعامل مع الميديا الجديدة. فالانتقادات ضده في الشبكات الاجتماعية تثير جنونه؛ «لأنها توجه له اتهامات شديدة وتفتقد للاحترام الذي يتوخاه». ووصف التقرير نصرالله بأنه «ألد عدو لإسرائيل، ويرأس التنظيم الذي يسيطر على لبنان، وبحوزته عشرات آلاف من الصواريخ التي تغطي الأراضي الإسرائيلية كافة تقريباً».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».