أطفال سوريون لاجئون في تركيا يحلمون ببلدهم الذي لا يعرفونه

السورية عهد الولي تعمل في محل بقالة في محافظة غازي عنتاب التركية الحدودية بعد فرارها من حلب عام 2014 (أ.ف.ب)
السورية عهد الولي تعمل في محل بقالة في محافظة غازي عنتاب التركية الحدودية بعد فرارها من حلب عام 2014 (أ.ف.ب)
TT

أطفال سوريون لاجئون في تركيا يحلمون ببلدهم الذي لا يعرفونه

السورية عهد الولي تعمل في محل بقالة في محافظة غازي عنتاب التركية الحدودية بعد فرارها من حلب عام 2014 (أ.ف.ب)
السورية عهد الولي تعمل في محل بقالة في محافظة غازي عنتاب التركية الحدودية بعد فرارها من حلب عام 2014 (أ.ف.ب)

يبلغ محمد خمس سنوات وتكبره أريج بسنة، أما دلع فلها من العمر عشر سنوات. ورث هؤلاء الأطفال السوريون اللاجئون إلى تركيا من أهلهم الحنين إلى وطن لا يعرفونه حتى أو بالكاد.
فهرباً من النزاع الذي ينهش سوريا منذ عشر سنوات، لجأت هذه العائلات إلى تركيا التي تعدّ أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري بينهم نحو 1.5 مليون طفل لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة، بحسب الأرقام الرسمية.
محمد ووالداه ماهر عماد الدين وروان سامح وأصلهما من حلب، هم بين نحو 450 ألف لاجئ سوري يعيشون في محافظة غازي عنتاب التركية الحدودية، حيث تزوّج ماهر وروان.
يقول الطفل إنه يريد ذات يوم «العودة» إلى سوريا هو الذي وُلد في تركيا ولم يزر يوماً بلده الأصلي، «لأنها جميلة سوريا، أبي وأمي يقولان لي ذلك».
يعمل والده في مؤسسة خيرية فيما تدرسّ والدته اللغة العربية في جامعة غازي عنتاب. وهم يعيشون في حي ميسور نسبياً، لكن لا يفكرون إلا بأمر واحد، العودة ذات يوم إلى سوريا.
يقول الطفل إنه تعلّم ذلك من والديه. تقاطعه الأمّ لتؤكد أنه «يرى ذلك أيضاً على التلفزيون... يشاهد نشرات الأخبار معنا. هناك أمور تفوته لكنه ينجح في تكوين فكرة حول ما تمرّ به سوريا».
وترى أن مشاهد الدمار التي تسببت بها ضربات النظام السوري ستولد «في داخلهم دوافع انتقامية هذا أكيد دورنا كأهل توجيه هذا الشعور للبناء».
كانت والدة الطفلة أريج بيضون البالغة اليوم ستة أعوام، حاملة بها عندما قُتل والدها الذي كان يقاتل في صفوف فصيل مقاتل، في حلب.
وصلت أريج إلى غازي عنتاب عندما كان عمرها أربعة أشهر وتعيش مع جديها لوالدتها وأخوالها وعائلاتهم (13 شخصاً في المجمل)، في شقة بائسة.
تزوجت أمها من جديد. وعندما تقول أريج «أمي وأبي» تعني جدّها وجدّتها اللذين يهتمان بها.
تتحدث أريج ذات العينين الحاذقتين والشعر المصفف إلى الوراء بمشابك ذهبية، عن سوريا بفصاحة تفاجئ الجميع نظراً إلى صغر سنّها. وتقول: «هناك، الحرب في كل مكان، هناك الكثير من الطائرات والقنابل لتفجير المدينة».
وتتابع: «هنا عندما أرى دمية في السوق، أطلب من أمي أن تشتريها لي. لكنها تقول لا، لأننا لا نملك المال». وتضيف: «أريد أن تعود سوريا كما كانت من قبل، دون قنابل، كي أرجع إليها».
تعيش دلع حديدي البالغة عشرة أعوام، مع عائلتها في الحي الفقير نفسه. وُلدت الفتاة قبل 45 يوماً من بدء الثورة، كان عمرها 15 شهراً عندما غادر أهلها حلب. لكنها تتحدث كما لو أنها عاشت هناك فترة طويلة.
وتقول: «أرغب في العودة إلى حلب إلى منزلي وحيي والناس الذين أحبهم. أتمنى أن يموت الأسد لنتمكن من العودة».
وفيما ينقل الكبار خصوصاً حب الانتماء إلى الوطن إلى الصغار، تساهم وسائل إعلام موجهة إلى الشتات السوري لا سيما في تركيا، في تغذية هذا الشعور أيضاً.
محمود الوهب البالغ 14 عاماً واللاجئ أيضاً يقدم برنامج «بدي ألعب» (أريد أن ألعب) عبر إذاعة روزانا السورية التي لديها مكتب في غازي عنتاب وآخر في باريس.
ويقول في استوديوهات الإذاعة: «نحاول أن نزرع هذا الانتماء لكن بطريقة غير مباشرة فنحن لدينا دائماً أخبار عن الأطفال السوريين داخل سوريا ومعلومات عن سوريا وعن الوضع في سوريا وكيف كانت قبل (النزاع) ونتناول حتى اللغة العربية كي لا يفقدوا لغتهم الأم».
ويضيف: «دائماً نحاول أن ننقل لهم هذه المعلومات حتى يعرفوا أنهم يبقون سوريين حتى لو كانوا في بلد ثانٍ».
وترى المديرة التنفيذية للإذاعة لينا الشواف أن «ما من أحد يترك بلده وليس لديه حلم بالعودة. هذا الشيء مرتبط بكيف تربيت وأين كبرت وبذكرياتك... فحتى لو تأقلمنا كسوريين في بلاد اللجوء لكن حلم العودة يبقى».
وتوضح: «نتطرق لموضوع الانتماء بطريقة اجتماعية سهلة وسلسة عبر قصص من ثقافتنا مثلاً. الأهل يزرعون الحنين للبيت والأرض والبلد لدى أبنائهم نحاول أن نزرع ذلك عن طريق الثقافة والحكايات، عن طريق ألعاب كنا نلعبها في سوريا».
وتقول مقدمة الفترة الصباحية «رزنامة روزانا» نيولفر البراك «مرة سألت المستمعين أن يحكوا لي عن حارتهم. كيف كانت... فحكى كل واحد عن حارته كم كانت جميلة. وقطعنا عهداً أنه لدى عودتنا إلى سوريا سيدعونا كل واحد إلى المكان الذي كان يحدثنا عنه. وفي حال لم يكن قد أعيد أعماره... سنعمره معه».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.