«الخط العربي»... في معرض عالمي بعواصم ثلاث

احتفاءً بتأثيره الفاعل في عدد من اللغات

يستمر المعرض العالمي للخط العربي حتى نهاية عام 2021
يستمر المعرض العالمي للخط العربي حتى نهاية عام 2021
TT

«الخط العربي»... في معرض عالمي بعواصم ثلاث

يستمر المعرض العالمي للخط العربي حتى نهاية عام 2021
يستمر المعرض العالمي للخط العربي حتى نهاية عام 2021

انطلقت فعاليات المعرض العالمي للخط، الذي دشنته مكتبة الملك عبد العزيز العامة، أمس، بتزامن في الرياض والدار البيضاء وبكين، بمشاركة أشهر الخطاطين المعنيين بالخط العربي وفنونه؛ استجابة لمبادرة وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، بأن يكون عام 2021 عام الخط العربي، في خطوة تعكس اهتمام السعودية، ومؤسساتها الثقافية والمعرفية، والوعي الكبير بأهمية العناية بالموروث العربي الإسلامي الأصيل.
المعرض العالمي للخط العربي، مقرَّر استمراره حتى نهاية هذا العام (2021)، حيث تعرض فيه لوحات متنوعة لأشهر وأمهر الخطاطين، ومخطوطات نادرة تبرز جماليات الخط العربي وأنواعه، بالإضافة إلى عملات نادرة من المسكوكات الإسلامية تمثل العصور الإسلامية المختلفة من مقتنيات المكتبة، وعرض مكتبة تضم أكثر من 200 كتاب عن جماليات الخط العربي وفنونه.
يضمّ المعرض، لوحات متنوعة بأنواع الخط بواسطة أشهر وأميز الخطاطين، ومخطوطات نادرة تبرز جماليات الخط العربي وأنواعه، وتُنظّم على هامشه مجموعة من الفعاليات الفنية المتعلقة بالخط، بالإضافة إلى 15 ورشة عمل للمتقدمين، والمبتدئين والناشئة، ومسابقة ارتجالية للأطفال، كما يُعرض متجر لبيع الأدوات الخاصة بالخط العربي.
ويتماهى المعرض الفني، مع جهود وزارة الثقافة، التي حددت 6 أهداف رئيسة، يتمحور حولها عام الخط العربي، تبدأ بإبراز فن الخط العربي بصفته فناً قائماً بذاته، وتعزيز دور السعودية كحاضنة للخط العربي، وراعية وداعمة له، وتعزيز ممارسات الخط العربي وتحفيزها على مستوى المؤسسات والأفراد، وتقديم الدعم للمتخصصين والموهوبين في الخط العربي، ونشر ثقافة استخدامه بين النشء.
من جانبه، قال فيصل بن معمر، المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة، بهذه المناسبة «إن الخط العربي، بوصفه أحد أهم سمات حضارتنا، التي تفرَّدت بها على بقية الحضارات والثقافات، ولا يزال مؤثراً فاعلاً في عدد من اللغات التي تكتب حرفه كالبلوشية، والهاوسا، والكشميرية، والسندية، والأردية، والطاجكية، والتوسوكية، والفارسية، والبنجابية، والأذرية وغيرها، وباعتباره أحد أهم أشكال الفن العربي الأصيل، الشاهد على أناقة الحرف المرسوم، وتنوع أشكاله البصرية والفنية والجمالية، والمعزِّز لهويتنا الثقافية».
وأوضح ابن معمر، أنّ المعرض، سجَّل أبرز من خدم الخط العربي وأظهر جمال حروفه وهندسها ونظم سطوره ونمقها، مشيراً إلى قُطبة المحرِّر وابن مقلة وابن البواب وياقوت المستعصمي وحمد الله الأماسي والحافظ عثمان والخطاط راقم ومحمد سامي ومحمد شوقي وحامد الآمدي والخطاط هاشم محمد، جنباً إلى جنب مع الخطاطين السعوديين البارعين الذين أسهموا إسهامات رائعة مميزة في هذا الفن.
ووفق ابن معمر، تُعزز توحيد جهود القطاعات المعنية والمبادرات الفردية لخدمة فن الخط العربي، الدور الوظيفي لمكتبة الملك عبد العزيز العامة، من خلال تنظيم هذا المعرض العالمي في الرياض، وبفرعيها في الدار البيضاء وبكين. كما يعزز المعرض الثقافة والهوية العربية السعودية الحضارية، وتفتح المكتبة فرصة للتلاقي على جسور رؤاها الإبداعية والفنية، في عمل متكامل يشكله الحرف والقلم والورق في فضاء محبب ورحب لكل محبي الكلمة المكتوبة والمسموعة والمرئية. ولكل محبي الثقافة والمعرفة والإبداع.



مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».