لبنان: قطع طرقات محدود احتجاجاً على الأزمتين الاقتصادية والسياسية

الدخان يتصاعد من إطارات مشتعلة تُغلق طريقاً رئيسية في منطقة جل الديب بشمال بيروت (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد من إطارات مشتعلة تُغلق طريقاً رئيسية في منطقة جل الديب بشمال بيروت (د.ب.أ)
TT

لبنان: قطع طرقات محدود احتجاجاً على الأزمتين الاقتصادية والسياسية

الدخان يتصاعد من إطارات مشتعلة تُغلق طريقاً رئيسية في منطقة جل الديب بشمال بيروت (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد من إطارات مشتعلة تُغلق طريقاً رئيسية في منطقة جل الديب بشمال بيروت (د.ب.أ)

جدد محتجون صباح اليوم (الثلاثاء)، قطع طرقات في مناطق لبنانية عدة، لكن بزخم أقل من اليوم السابق، حين أغلقت شوارع رئيسية طوال النهار، اعتراضاً على استمرار تدهور قيمة الليرة والجمود السياسي في البلاد، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ومنذ صباح اليوم، عمد عشرات المحتجين إلى إغلاق طرق عدة في شمال البلاد خصوصاً في طرابلس، وفي البقاع شرقاً.
وفتحت القوى الأمنية والعسكرية عدداً من الطرقات الرئيسية، فيما تسبب قطع الطريقين السريعتين المؤديتين إلى بيروت من الشمال والجنوب في زحمة سير خانقة.
ولم تغلق أي طرقات رئيسية في بيروت، بعكس أمس (الاثنين)، عندما بدأ التحرك بإغلاق غالبية مداخل العاصمة.
وتصاعد تحرك قطع الطرقات خلال الأيام الماضية بعدما سجّلت الليرة انخفاضاً قياسياً غير مسبوق منذ دخول لبنان دوامة الانهيار الاقتصادي قبل عام ونصف العام. واقترب سعر الصرف في مقابل الدولار من عتبة 11 ألفاً في السوق السوداء.
وأمس، استمر إغلاق الطرقات طوال اليوم تحت شعارات عدة بينها «يوم الغضب». وقد عمل الجيش على فتح بعضها، إلا أن المحتجين كانوا يغلقون أخرى.
ويلجأ المحتجون إلى قطع الطرقات عبر الإطارات والنفايات المشتعلة أو بوضع سياراتهم في منتصف الطريق.
واعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون أمس، بعد ترؤسه اجتماعاً أمنياً اقتصادياً أن «قطع الطرقات مرفوض». واتفق المجتمعون على مطالبة الأجهزة الأمنية والعسكرية بعدم السماح بإقفال الطرقات.
إلا أنه لم تسجل خلال الأيام الماضية أي مواجهات بين القوى الأمنية والعسكرية والمحتجين بعكس تحركات سابقة شهدتها البلاد.
وفي بعض المناطق، يُشارك مناصرو بعض الأحزاب في التحركات على الأرض. ويتهم مسؤولون في السلطة أحزاباً منافسة لهم بالوقوف خلف الاحتجاجات.
ويشهد لبنان منذ صيف 2019 أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت إلى خسارة العملة أكثر من 80 في المائة من قيمتها، وفاقمت معدلات التضخم وتسبّبت بخسارة عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.
ورغم ثقل الأزمة الاقتصادية، لم تثمر الجهود السياسية والضغوط الدولية، عن تشكيل حكومة جديدة. ويتبادل عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الاتهامات بالعرقلة وبوضع شروط مضادة.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.