«اجتماع بعبدا»: ضبط التلاعب بالدولار وعدم السماح بإقفال الطرق

عون يتحدث عن جهات خارجية تعمل لضرب الليرة

TT
20

«اجتماع بعبدا»: ضبط التلاعب بالدولار وعدم السماح بإقفال الطرق

على وقع عودة الاحتجاجات التي عمت المناطق اللبنانية أمس (الاثنين)، وبعد أسبوع على ارتفاع غير مسبوق لسعر صرف الدولار (تجاوز 10 آلاف ليرة في السوق السوداء فيما سعره الرسمي 1515)، عقد في بعبدا اجتماعاً طارئ مالي - أمني برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي اتهم جهات خارجية بالعمل على «ضرب العملة الوطنية».
حضر الاجتماع رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب وعدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية ومدعي عام التمييز وحاكم مصرف لبنان وعدد من المسؤولين في القطاعين المصرفي والصيرفي. وبعد المداولات أوصى المجتمعون بتكليف الأجهزة الأمنية بضبط جميع الأشخاص الذين يخالفون أحكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة، سواء كانوا من الصرافين المرخصين أو غير المرخصين الذين يمارسون المضاربة.
كذلك، كلفت بناء لإشارة القضاء، الأجهزة الأمنية، بالعمل على استكمال إقفال المنصات والمجموعات الإلكترونية غير الشرعية المحلية التي تحدد أسعار الدولار تجاه الليرة اللبنانية، ومتابعة التواصل لهذه الغاية مع الجهات الرسمية الدولية والمنصات العالمية الإلكترونية بالاستناد إلى القوانين الدولية المرعية الإجراء، كما التأكيد على ضرورة وأهمية إعداد وإقرار مشروع القانون المعروف بـ«الكابيتال كونترول».
وطلب من الوزارات المعنية والأجهزة الأمنية العمل على ضبط استعمال العملة الأجنبية إلا لغايات قطاعية تجارية أو صناعية أو صحية، وذلك لتأمين المتطلبات الأساسية للمواطنين، وتكليف وزارة الخارجية والمغتربين بتكثيف العمل الدبلوماسي لحض الدول المانحة على مساعدة النازحين السوريين في وطنهم الأم. وفيما يتعلق بالاحتجاجات وإقفال الطرقات، طلب المجتمعون إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية «عدم السماح بإقفال الطرقات مع الأخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين وعلى الممتلكات العامة والخاصة».
وفي مستهل الاجتماع، أكد عون أن «الأوضاع المستجدة على الصعيدين المالي والأمني تحتاج إلى معالجة سريعة، لأننا نشهد ارتفاعاً غير مبرر في سعر صرف الدولار، بالتزامن مع إشاعات هدفها ضرب العملة الوطنية وزعزعة الاستقرار».
وقال: «هذا الواقع يفرض اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لملاحقة المتلاعبين بلقمة عيش اللبنانيين من خلال رفع الأسعار على نحو غير مبرر. أما الإجراءات فهي ذات طبيعة مالية، قضائية وأمنية». وحذر من «خطورة ما يجري لما له من انعكاسات على الأمن الاجتماعي وتهديد الأمن الوطني».
وطلب من الإدارات والجهات المعنية «قمع المخالفات التي تحصل، لا سيما التلاعب بأسعار المواد الغذائية واحتكارها وحرمان المواطن منها»، مشدداً على «عدم جواز استمرار هذا الفلتان الذي يضر بمعيشة الناس»، داعياً الأجهزة الأمنية والإدارات المختصة إلى «القيام بواجباتها في هذا المجال». كذلك طلب عون من الأجهزة الأمنية «الكشف عن الخطط الموضوعة للإساءة للبلاد، لا سيما بعدما توافرت معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجية تعمل على ضرب النقد ومكانة الدولة المالية».
وتناول الرئيس الوضع الأمني في البلاد، فقال: «إذا كان من حق المواطنين التعبير عن آرائهم بالتظاهر، إلا أن إقفال الطرقات هو اعتداء على حق المواطنين بالتنقل والذهاب إلى أعمالهم، لا سيما بعد أسابيع من الإقفال العام الذي فرضه حال التعبئة العامة لمواجهة وباء (كورونا)». وأضاف: «إن قطع الطرق مرفوض وعلى الأجهزة الأمنية والعسكرية أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبيق القوانين دون تردد، خصوصاً أن الأمر بات يتجاوز مجرد التعبير عن الرأي إلى عمل تخريبي منظم لضرب الاستقرار». ونبه إلى «خطورة الشعارات التي يتم رفعها بقصد المساس بوحدة الوطن وإثارة الفتن والنيل من الدولة ورمزها»، مؤكداً أنه «ماضٍ في برنامجه الإصلاحي مهما بلغت الضغوط». وقال: «أنا أتيت لأحدث التغيير الذي ينشده اللبنانيون ولن أتراجع».
بدوره تحدث دياب قائلاً: «الوضع الذي وصلنا إليه على مستوى عالٍ من الخطورة. هناك من يتلاعب بسعر صرف الدولار الأميركي كيفما يشاء، ويتحكم بمصير البلد. هل يعقل أن تتحكم منصات مجهولة بسعر صرف الدولار والدولة بكل أجهزتها عاجزة عن مواجهة هذه المنصات؟ هذه المنصات سياسية وليست مالية، ولذلك فإن هدفها الحقيقي ليس تحديد سعر الصرف في السوق السوداء، إنما تهدف إلى خراب لبنان عبر التأثير على الواقع الاجتماعي والمعيشي لتحريض الناس ودفعهم للخروج إلى الشارع. المشكلة أن هذه المنصات، ورغم أنها لا تعكس فعلياً سعر صرف الدولار، إلا أنها أصبحت مرجعاً للصرافين وكذلك بالنسبة للتجار في مختلف أنواع البضائع. هناك من يدفع البلد نحو الانفجار، ويجب أن يكون حسم وحزم في التعامل مع هذه القضية، وقطع الطريق على التلاعب بمصير البلد من قبل جهة أو جهات تتآمر على الناس ولقمة عيشهم وتتلاعب بالاستقرار الاجتماعي والأمن الوطني».



«هدنة العيد» في غزة... فُرص التهدئة تتزايد

فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة العيد» في غزة... فُرص التهدئة تتزايد

فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ساعات حاسمة يترقبها قطاع غزة لتأمين هدنة بالتزامن مع دخول عيد الفطر عبر مخرجات مفاوضات تستضيفها الدوحة، مقابل تحديات عديدة أبرزها احتمال استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي، منذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار منذ 18 مارس (آذار) الماضي.

ومع ترويج منابر إسرائيلية إعلامية استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يقول خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن التزام حكومة بنيامين نتنياهو بالتهدئة التي يعكف عليها الوسطاء منذ أيام هو الضمان الأكبر لرؤية هدنة إنسانية في عيد الفطر واستمرارها وإلا الانهيار سيعود مجدداً.

وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن حركة «حماس» أبدت مرونة مع الوسيطين مصر وقطر لتأمين هدنة في عيد الفطر، وفرص التوصل لها واستمرارها مع عيد الفصح لدى اليهود أكبر من تحدياتها طالما التزم نتنياهو بها وضغطت واشنطن عليه.

وكانت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أفادت السبت، بأن «(حماس) قد تكون منفتحة على إطلاق سراح بعض الرهائن مقابل هدنة في عيد الفطر»، مشيرة إلى أن هيئة البث الإسرائيلية تحدثت عن أن الرهائن الذين سيطلق سراحهم سيكون من بينهم الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، مع مشاركة الولايات المتحدة وقطر بشكل مكثف في الاقتراح.

فلسطينيون يمرون بين أنقاض مبانٍ دُمرت خلال الحرب الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يمرون بين أنقاض مبانٍ دُمرت خلال الحرب الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

وجاء تقرير هيئة البث بعد يوم من تصريح دبلوماسي عربي رفيع المستوى لـ«تايمز أوف إسرائيل» بأن قطر عرضت على «حماس» مقترحاً أميركياً جديداً لإعادة وقف إطلاق النار من خلال إطلاق سراح ألكسندر، مقابل أن يصدر الرئيس دونالد ترمب بياناً يدعو فيه إلى التهدئة في غزة واستئناف المفاوضات من أجل إنهاء دائم للحرب، مشيراً إلى أن الوسطاء القطريين أبلغوا الحركة بأن الامتثال للمقترح الأميركي سيخلق لهم حسن نية مع ترمب، مما يزيد من احتمال أن يضغط على نتنياهو للموافقة على وقف دائم لإطلاق النار.

وكشف استطلاع رأي حديث أجرته «القناة 12» الإسرائيلية أن 69 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون إنهاء حرب غزة، مقابل اتفاق يفرج فيه عن جميع الرهائن المتبقين في القطاع، وفي المقابل يعارض 21 في المائة من الإسرائيليين مثل هذه الصفقة.

وحتى بين أنصار الائتلاف الحاكم في إسرائيل الذي يقوده نتنياهو، أيدت أغلبية بنسبة 54 في المائة مثل هذه الخطوة، مقارنة بمعارضة 32 في المائة لوقف الحرب مقابل عودة الرهائن، ويأتي هذا وسط بيان جديد من هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين، السبت يطالب بإبرام صفقة تبادل رهائن.

وباعتقاد الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء سمير فرج، فإن فرص التوصل لهدنة في عيد الفطر أكبر من العقبات، وخصوصاً بعد ما قدمته «حماس» من مرونة وتنازلات، حيث الأعياد لدى المسلمين واليهود.

ومدعماً فرص نجاح الهدنة، يقول أستاذ العلوم السياسية في «جامعة الأمة» بغزة، الدكتور حسام الدجني، إن أحد أهم أسباب التقدم وتحقيق اختراق نحو التهدئة هو حلول عيد الفطر لدى المسلمين و«الفصح» لدى اليهود، فضلاً عن حاجة «حماس» لتمرير صفقة تعيد فتح المعابر لدخول المساعدات لتجاوز التجويع الذي تمارسه إسرائيل ضد غزة، بخلاف استطلاعات الرأي التي تحث نتنياهو على التوصل لصفقة.

وكان عضو المكتب السياسي في «حماس»، باسم نعيم، أفاد في حديث «وكالة الصحافة الفرنسية»، بأن المحادثات بين الحركة والوسطاء من أجل استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة «تكثّفت في الأيام الأخيرة»، وقال: «نأمل أن تشهد الأيام القليلة المقبلة انفراجة حقيقية»، لافتاً إلى أن الحركة تتعامل «بكل مسؤولية وإيجابية ومرونة».

وأفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، الخميس الماضي، بأن وفداً أمنياً مصرياً توجه إلى الدوحة بهدف «مواصلة المباحثات الرامية للإفراج عن الأسرى والرهائن، في إطار مرحلة انتقالية للسعي لخفض التصعيد»، في قطاع غزة، تزامناً مع إجراء وزير الخارجية المصري، اتصالين هاتفيين مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والتركي هاكان فيدان، بشأن التهدئة بغزة، وفق بيانين لـ«الخارجية المصرية»، الجمعة.

يأتي ذلك وسط تصعيد إسرائيلي أسفر عن مقتل 921 شخصاً قتلوا في القطاع منذ أن استأنفت إسرائيل غاراتها الواسعة النطاق على القطاع في 18 مارس (آذار) الجاري، وأفادت «القناة 12» الإسرائيلية السبت، بأن الجيش شن موجة هجمات واسعة على قطاع غزة حيث سمع دوي انفجارات عنيفة.

وعلى رغم التصعيد فإن جهود مصر حثيثة نحو إبرام «هدنة العيد»، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً على أهمية أن تمارس واشنطن ضغطاً أكبر على إسرائيل لضمان نفاذها واستمرارها وعدم التذرع بأي حجج تعطلها أو تغير تفاصيلها.

وباعتقاد الدجني، فإن خروج رهينة إسرائيلي يحمل الجنسية الأميركية سيكون أحد أسباب ضغط واشنطن على إسرائيل لضمان استمرار أي تهدئة مستقبلية، مستدركاً: «لكن التهديدات والتحديات موجودة ولدى نتنياهو فقط، الذي قد يواصل الضغط العسكري، ظناً أن هذا سيضغط على (حماس) لمكاسب أكبر وهذا أصبح غير مجد والهدنة الأسلم للجميع».