زيارة البابا التاريخية إلى العراق... فسحة أمل أم نجاح عابر؟

البابا فرنسيس يسير مع الرئيس العراقي برهم صالح باتجاه طائرته بعد اختتام زيارته للعراق في مطار بغداد (أ.ب)
البابا فرنسيس يسير مع الرئيس العراقي برهم صالح باتجاه طائرته بعد اختتام زيارته للعراق في مطار بغداد (أ.ب)
TT

زيارة البابا التاريخية إلى العراق... فسحة أمل أم نجاح عابر؟

البابا فرنسيس يسير مع الرئيس العراقي برهم صالح باتجاه طائرته بعد اختتام زيارته للعراق في مطار بغداد (أ.ب)
البابا فرنسيس يسير مع الرئيس العراقي برهم صالح باتجاه طائرته بعد اختتام زيارته للعراق في مطار بغداد (أ.ب)

على مدى ثلاثة أيام، كان العراق محط أنظار العالم، هذه المرة لحدث سعيد تمثل بأول زيارة للبابا في التاريخ شكل تنظيمها بالنسبة لبغداد رهاناً دبلوماسياً وأمنياً، فيما تأمل بأن تحقق منها مكاسب سياسية واقتصادية.
بالنسبة للمتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف، تشكل هذه الزيارة «نقطة انتقال» للعراق.
وأكد لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «ما لم يكن العراق آمناً ومستقراً لما كانت شخصية بمستوى البابا قد تجولت فيه»، متحدثاً أيضاً عن أفق «تقوية العلاقات الثنائية والمتعددة» مع دول أخرى بفضل هذه الزيارة.
وقبل ثلاث سنوات فقط، طوى العراق صفحة تنظيم «داعش»، الذي سيطر في عام 2014 على ثلث أراضيه.
وقبل أيام قليلة من وصول البابا الأرجنتيني، تسبب هجوم صاروخي جديد على قاعدة عين الأسد التي تضم قوات أميركية في الأنبار بغرب العراق، بمقتل متعاقد مدني أميركي مع التحالف الدولي.
لكن باستقبال البابا، أرادت بغداد أن تظهر للعالم أن الأمن استتب من جديد في البلاد بعد تلك المرحلة الصعبة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
أراد العراق أيضاً التأكيد على «التعايش» بين جميع الطوائف والأعراق التي تكون نسيجه الاجتماعي، والتي لم يتعرف العالم على بعضها إلا بسبب انتهاكات المتطرفين الوحشية بحقها أو خلال الحرب الأهلية الدامية بين عامي 2006 و2008.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بعد لقاء البابا فرنسيس في زيارته المرجع الشيعي علي السيستاني، السادس من مارس (آذار) يوماً وطنياً «للتسامح والتعايش».
يشرح المحلل السياسي فرهد علاء الدين من مؤسسة المجلس العراقي الاستشاري أن «العراق يواجه الكثير من التحديات وربما سمحت لنا الزيارة بأن ننساها لبعض الوقت، لكن هذه المصاعب لا تزال موجودة».
لم يتجاهل البابا على أي حال في زيارته التحديات التي يعاني منها العراق. كان البابا قد أبدى أيضاً دعماً لمئات الآلاف من المتظاهرين الذي نزلوا إلى شوارع احتجاجاً على الحكومة والفساد، مندداً بالقمع الدموي الذي تعرضوا له.
ولم يتوانَ في خطبه التي ألقاها خلال الزيارة عن التنديد بـ«الفساد» المزمن في العراق، ودعا أيضاً لوقف التدخلات الخارجية في بلد بات مسرحاً للمنافسة بين الولايات المتحدة وإيران. واختار البابا، بعناية، مسار ومحطات رحلته لهذا الهدف.
وأوضح المحلل السياسي سجاد جياد الباحث في مركز «سانتوري فاونديشن» لوكالة الصحافة الفرنسية أن صورة البابا وسط أنقاض كنيسة في الموصل «تلقي الضوء على مطالب العراقيين من سلطاتهم المحلية، على عجز الحكومات، وبطء إعادة الإعمار الذي يمنع عودة النازحين».
بالنسبة للمحلل السياسي العراقي أسامة السعيدي، فإن هذه «الزيارة هدفت إلى لفت النظر على المستوى الداخلي والدولي لمكانة وأهمية العراق».
والآن وقد أدرك العالم حجم «الموروث الحضاري والديني» و«تعدد الثقافات» في العراق، فيما تابع جولة البابا من أور، الموقع الذي يعتقد أنه مسقط رأس النبي إبراهيم، وصولاً إلى النجف مقر المرجعية العليا لعدد كبير من المسلمين الشيعة في العالم، «فلا بد للطبقة السياسية أن تتحمل المسؤولية في المحافظة على هذا الشعب وهذا البلد».
وأكد السعيدي لوكالة الصحافة الفرنسية أنه لا بد من «إعادة نظر في كل البنى التحتية» بعد هذه الزيارة، «ليصبح البلد مؤهلاً وصالحاً للعيش».
من جهته، رحب مصدر أمني في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية بـ«عدم حدوث أي خرق أمني ولو بشكل صغير جداً»، مضيفاً: «هذا دليل دامغ وواضح على نجاح العراق بقواته الأمنية والاستخبارية» في إتمام هذه الزيارة.
ورغم أن الزيارة فتحت الأبواب أمام السياحة في مواقع عديدة لكن العراق لا يتمتع حتى الآن بالبنى التحتية اللازمة لاستقبالهم. ولا يزال العراقيون محرومين من الكهرباء لساعات طويلة، فضلاً عن مواجهتهم نقصاً بخدمات أولية عديدة مثل المياه.
كما أن مستشفيات البلاد عاجزة عن مواجهة وباء «كوفيد - 19» الذي يجتاح العالم.
لا تلغي الإيجابية العابرة للزيارة بالنسبة لجياد أيضاً واقع أنه «لا يزال هناك زعماء طوائف يؤججون التوترات الإثنية، وإيران لا تزال تتدخل بالشأن العراقي، وهناك أيضاً مشكلة المجموعات المسلحة» ذات النفوذ، في بلد لم ينتف فيه تماماً أيضاً وجود خلايا لتنظيم «داعش»، بالإضافة إلى فصائل موالية لإيران.
ويضيف أنه «للأسف، أعتقد أننا سنسمع أخباراً كثيرة عن العراق، لكنها ستكون أخباراً حزينة لا سعيدة».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.