موضوعياً، يمثل العراق بلداً ذا آفاق واعدة في التحول التدريجي من الطاقة الأحفورية كالنفط والغاز إلى أشكال متنوعة من الطاقة المتجددة والنظيفة، وهو شأن ذو أهمية استراتيجية للانتقال إلى التنمية المستدامة الخضراء وتحقيق أهدافها التي وضعتها الأمم المتحدة، ودولة العراق أحد الموقعين عليها.
وتعد الملوثات الهوائية للنفط الخام الأكثر شيوعاً على شكل مواد غازية أو أبخرة سوائل أو دقائق وجسيمات صلبة، كما يعتبر حرق الغاز المصاحب للنفط الخام أحد المصادر الكبيرة لانبعاث الغازات الدفيئة في الهواء. وتشمل هذه الغازات كبريتيد الهيدروجين والغازات الهيدروكربونية المتطايرة والمركبات الأروماتية. وتكمن خطورة هذه الغازات في كونها مركبات سامة ومسرطنة إضافة إلى الدخان الأسود في الهواء نتيجة الاحتراق غير التام. وتسبب هذه الغازات العديد من المشاكل الصحية والبيئية في العراق. وهناك أيضاً ملوثات سائلة تسحب إلى الخارج أثناء الإنتاج وتعتبر من أكبر النفايات من حيث الحجم. وتحتوي هذه المياه على خليط معقد من المركبات غير العضوية وعلى كميات من المواد النفطية. أما الملوثات الصلبة فهي الطين غير النقي (البنتونايت) وتحوي العديد من العناصر السامة الثقيلة كالزئبق والزرنيخ والكادميوم والرصاص.
وعالمياً، بدأ النفط يفقد دوره كمصدر وحيد للطاقة، وانصب الاهتمام على الغاز الطبيعي الذي هو صديق أكثر من النفط الخام للبيئة. وقدر احتياطي العراق 132 تريليون قدم مكعب. ويتم حرق أغلبه كغاز مصاحب لاستخراج النفط وبسبب عدم استثماره يخسر العراق عشرة ملايين دولار يومياً.
ولكن الأهم والبديل الحقيقي هو التحول إلى الطاقة المتجددة والنظيفة البديلة الخضراء. وبسبب ازدياد الحاجة لتوفير الطاقة الكهربائية سواء على صعيد التوليد والنقل والتوزيع من وحدات التوليد المركزي إلى المنازل من خلال شبكات معقدة وبسبب الزيادة العالية للسكان والتحديات البيئية والتغير المناخي، تزايد الاهتمام في العالم على مصادر الطاقة المتجددة وأيضاً للحد من انبعاثات الغازات الكربونية.
ونعني بالطاقة المتجددة أشكال الطاقة المتولدة من المصادر الطبيعية مثل طاقة الشمس والرياح والمياه والأمطار والأمواج وحرارة جوف الأرض طاقة الكتل الحيوية وتحويل النفايات المنزلية والصناعية إلى طاقة كهربائية وحرارية، وطاقة الجاذبية، وأيضاً استخدام غاز الهيدروجين كمصدر نظيف للطاقة أيضاً. وما يساعد على توفيرها هو التطور العلمي والتكنولوجي المتسارع وانخفاض الكلفة السعرية.
وتتوفر في العراق الظروف المثالية للانتقال التدريجي الرصين إلى الطاقة المتجددة والنظيفة، خاصة أن التغير المناخي قد رفع من درجات الحرارة إلى مديات غير مسبوقة والتي تجعله أحد أكثر مستويات الإشعاع الشمسي جاذبية، خاصة في محافظات الجنوب والمثنى والأنبار، خاصة أن الطلب على الكهرباء يزداد في فصل الصيف بما يجعلها مثالية لاستخدام الطاقة الشمسية.
وتتوفر في العراق إمكانات جيدة لإيجاد مصادر للطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والمائية والريح، بينما يفتح العلم حالياً مجالات أوسع خاصة بالاهتمام بغاز الهيدروجين كمصدر للطاقة النظيفة. مصدر آخر مهم في العراق غير مستغل هو حرق وتحويل النفايات المنزلية والصناعية إلى طاقة كهربائية وحرارية نظيفة، الأمر الذي تقوم به العديد من البلدان.
وقد نظمت جمعية البيئة والصحة العراقية في المملكة المتحدة مؤتمرين عالميين حول إدارة واستخدام الطاقة المتجددة والنظيفة، ومن ضمنها الطاقة الشمسية في العراق في جامعة «ينيفرسيتي كوليدج – لندن» في 28 سبتمبر (أيلول) 2019 وفي 16 فبراير (شباط) 2020، حول إدارة وتدوير النفايات في العراق وتحويلها إلى طاقة كهربائية وحرارية. وأسس «المركز العراقي العالمي لبحوث الطاقة المتجددة والتغير المناخي في لندن» في 2019 و«شبكة البيئيين العراقيين» في 2020.
ومن التوصيات التي أود تقديمها:
- إشراك الكوادر العلمية من الأكاديميين والخبراء البيئيين والأطباء والمهندسين والقضاة والكادر التدريسي في الجامعات والمعاهد والمدارس للعمل الطوعي للحفاظ على البيئة العراقية.
- تعزيز التعليم والدراسات العليا للانتقال إلى بناء وتطوير مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة الصديقة للبيئة، خاصة الطاقة الشمسية والألواح الشمسية، وتوفيرها بأسعار مخفضة، بل وحتى مجاناً للمنازل التي تسكنها عوائل متعففة وفقيرة.
- تشريع قانون خاص لاستخدام الطاقة المتجددة والنظيفة، ومن ضمنها استعمال الألواح الشمسية في جميع مؤسسات الدولة وضمان عمليات تدوير النفايات.
- الحد من الانبعاثات الغازية كغاز الميثان الناتج من احتراق النفط الخام، والتي هي أحد مسببات التغير المناخي في العراق والعالم.
* رئيسة ومؤسسة جمعية البيئة والصحة العراقية في المملكة المتحدة
فرصة العراق في التحول إلى الطاقة المتجددة والنظيفة المستدامة
فرصة العراق في التحول إلى الطاقة المتجددة والنظيفة المستدامة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة