«الباتيك» يبحث عن مساحة رحبة في النسيج المصري

أصوله تعود إلى جنوب شرقي آسيا

فن الباتيك اقتحم عالم الديكور (الشرق الأوسط)
فن الباتيك اقتحم عالم الديكور (الشرق الأوسط)
TT

«الباتيك» يبحث عن مساحة رحبة في النسيج المصري

فن الباتيك اقتحم عالم الديكور (الشرق الأوسط)
فن الباتيك اقتحم عالم الديكور (الشرق الأوسط)

بعد نجاح جهود صناع «النسيج اليدوي الصعيدي» في تسجيله بقائمة «اليونيسكو للتراث اللامادي» أخيراً، استحوذت بعض التشكيلات الجديدة التي تستمد تصميماتها الفريدة من التراث الآسيوي على اهتمام محبي المنسوجات اليدوية، ومن بينها «الباتيك» الذي يقدم في مصر حالياً بتصاميم حديثة، تتمرد على شكله التقليدي في صورة لوحات فنية تزين الجدران إلى قطع مبتكرة تقتحم عالم الأزياء والديكور بتصاميم عصرية، تخرج به من هويته الآسيوية في بعض الأحيان إلى تصاميم مصرية خالصة.
وفن الباتيك عبارة عن تقنية تزيين القماش باستخدام الشمع والصباغة بشكل متكرر متبادل، وهو يتطلب درجة معقدة عالية من المهارة الفنية، وأكثر ما يميزه عن فن طباعة النسيج أن العمل الواحد في الباتيك اليدوي لا يمكن أن يتكرر بسبب تقنية تنفيذه التي تضمن التفرد لتصميمه اللوني، بحسب محمد محيي، خبير النسيج، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن الباتيك في الأصل فن صباغة النسيج يدوياً بنقوش مستوحاة من التراث الفني والتاريخي لآسيا، وفي حين أنه واسع الانتشار في مختلف أقطار جنوب شرقي آسيا، وتحديداً في إندونيسيا وماليزيا وتايلاند، فإن الباتيك الذي تنتجه مصر خلال السنوات القليلة السابقة يتمتع بطابع تراثي محلي مستلهم من موتيفات وعناصر مأخوذة من إرثها الفني بكل خصوصيته وأصالته».
ويرجح محيي معرفة مصر القديمة بفن الباتيك عن طريق بلاد الحبشة، ويدلل على ذلك بمقتنيات الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، إذ توجد قطعة من هذا الفن ضمنها.
وقد انتقل الباتيك من مصر إلى الهند، ومنها انتشر في جنوب شرقي آسيا، ولذلك فإن الهند ترى أنها هي الموطن الأساسي له، وتستند في ذلك إلى رسومه التي تعكس مجموعة من الأساطير الهندوسية والبوذية القديمة.
ويلقى فن الباتيك في مصر اهتماماً متزايداً من جانب المصممين والجمهور على السواء، بحسب محيي الذي يضيف: «يعمل بعض المصممين الآن على إعادة إحياء هذا الفن، بشكل يخرج به من إطار اللوحات الفنية التي عرفها المشهد التشكيلي في فترات زمنية سابقة، مثل أعمال الرواد نازك حمدي وعلي الدسوقي وعمر النجدي، إلى أعمال تجمع بين الجانبين الوظيفي والجمالي، لا سيما في عالم الأزياء والديكور. وربما من أبرز الأسباب وراء ذلك ما تشهده الفنون اليدوية في مصر من شغف بها، وبقيمها الفنية والاقتصادية والثقافية، ما ساعد على دخول كثيرين مجال (الشغل اليدوي)، والالتحاق بالورش المتخصصة، واعتمادها مصدر رزق، لا سيما مع التوسع في البيع الإلكتروني».
ويتابع: «كما أنه لا شك أن تسجيل نسيج الصعيد على قائمة اليونيسكو قد لفت الأنظار بشكل عام إلى ملف النسيج اليدوي، بصفته جزءاً من تفرد الشخصية المصرية، كما أنه حفز وحث على الاستلهام من جذورنا».
الفنانة سمر حسنين إحدى أبرز المصممات المصريات اللاتي يقدمن الباتيك بهوية مصرية مستلهمة من التراث من مختلف المحافظات، على غرار سيناء وسيوة والنوبة والوادي الجديد وقنا وسوهاج، إضافة إلى إدخال هذا الفن في قطع الديكور والمفروشات، مثل شابوه الأباجورات والمساند والستائر ومفارش السرير والسفرة بالموتيفات التراثية نفسها. وتقول حسنين لـ«الشرق الأوسط»: «رأيت أن توظيف الباتيك في عالم الأزياء والديكور سيكون أكثر قدرة على نقل الجمال، والمحافظة على الهوية، عبر تصاميم متنوعة مستغرقة في التراث المصري والعربي، مما يؤثر في الحياة اليومية للناس بشكل أوسع من مجرد رسمه على لوحات مرتفعة السعر للغاية، تقتصر على دائرة ضيقة من المقتنيين، وقد ساعدني على الاستلهام عملي مدربة للحرف اليدوية في هذه المحافظات، الأمر الذي جعلني أطلع عن قرب على فنونها، وأدرس ألوانها ورموزها وتقنياتها».
وتؤكد حسنين أن أكثر ما يميز الباتيك اليدوي أنه من المستحيل تقليده؛ بمعنى أن القطعة الواحدة لا يمكن أن يكون لها مثيل من الناحية الفنية، ما يجعل المقتني يشعر بأنه يعبر عن شخصيته هو وحده، وذلك يرضي المرأة على وجه التحديد.
وتبدأ المصممة المصرية عملها بوضع التصميم واختيار القماش «ثم يتم عزل القماش الأبيض، وتقسم الألوان إلى عدة مراحل، تبدأ بصباغة اللون الفاتح، وعزل الأماكن الأخرى بالشمع حتى لا يطولها اللون. وبعد أن يجف اللون تماماً، ويتم تثبيته، نبدأ بعزل الأماكن التي تمت صباغتها كي لا تتأثر باللون الجديد، وهكذا تتكرر عمليات العزل والصباغة. وعندما نصل إلى التصميم المطلوب، نضع القماش في الماء المغلي على النار حتى نتخلص من الشمع، ويصبح القماش مُعداً للحياكة».
في المقابل، يحرص بعض المصممين على الإبقاء على الباتيك فناً آسيوي الطابع، ومنهم مهندسة طباعة المنسوجات هبة عبد المجيد التي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الثقافات تقتبس وتنتقل عبر الحدود، وتحقق حوارات بين الحضارات، من هنا حرصت على تقديم الباتيك بموتيفاته الآسيوية. وقد جذبني هذا الفن على وجه الخصوص لتعدد أبعاده الاجتماعية ودلالاته. فعلى سبيل المثال، هناك موتيفات ترتبط بالسعادة وجلب الحظ، وهي ما كان يتم وضعها في ثياب الزواج، وعادة ما تكون ملابس العروسين منقوشة بزخارف متشابهة، في إشارة إلى الانسجام، في حين يرتدي والدا العروسين باتيك (ترونتوم) الذي يرمز إلى الحكمة، وهكذا. ومن هنا، أقدم أعمال مستلهمة من هذه الموتيفات، وأقوم بشرحها للراغبين في الاقتناء، للاختيار من ضمنها».



«جائزة الشجاعة» لفتاة في التاسعة «أهدت» جدّتها عمراً جديداً

الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
TT

«جائزة الشجاعة» لفتاة في التاسعة «أهدت» جدّتها عمراً جديداً

الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)

مُنحت «جائزة الشجاعة» إلى فتاة رأت أنَّ جدتها تعاني سكتةً دماغيةً، فطبَّقت تعليمات حفظتها من أجل إنقاذها. وأدركت صفاء حسين، البالغة 9 سنوات، من شيبلي بغرب يوركشاير بإنجلترا، الأعراض التي ينبغي الانتباه إليها بعدما تعلّمتها في المدرسة الابتدائية؛ فحصلت على شهادة تقدير من عمدة مدينة برادفورد ضمن حفل استقبال خاص. كما كُرِّمت المُساعِدة في التدريس، هيلين ماثيوز، التي أدارت درس الإسعافات الأولية خارج المنهج الدراسي.

وقال رئيس بلدية المدينة بيف مولاني: «إنه لأمرٌ عظيم أن نعترف بشجاعة صفاء والتعليم الممتاز الذي تلقّته، مما سمح لها باتخاذ إجراءات للمُساعدة في إنقاذ جدّتها. أحسنت صفاء بحفاظها على هدوئها وتقديمها المُساعدة». تغيَّبت صفاء عن المدرسة، وأقامت مع جدّتها ماري شيخ (79 عاماً)، بينما كانت والدتها في العمل.

علَّقت الصغيرة: «عندما جلستُ على سريرها، حاولت تقديم بعض الطعام لها، لكنها لم تستطع تناوله. جرّبتُ كل ما قالته السيدة ماثيوز، وكنتُ أعلم أنها أُصيبت بسكتة دماغية». وتابعت: «اتصلتُ بأمي وقلتُ لها: (عليكِ الاتصال بسيارة إسعاف. جدّتي مصابة بسكتة دماغية)؛ ففعلت ذلك». أخذت سيارة الإسعاف، شيخ، إلى مستشفى برادفورد الملكي حيث تلقَّت علاجاً مُنقذاً للحياة. أضافت صفاء: «كانت سكتة دماغية مخيفة. أشعر بالسعادة والحماسة لأن جدّتي لا تزال بيننا».

شهادة تقدير على العمل البطولي (مواقع التواصل)

بدورها، روت والدتها، عائشة شيخ (49 عاماً)، أنها تركت ابنتها مع والدتها، وبعد 40 دقيقة تلقَّت المكالمة الهاتفية. وقالت: «دعتني قائلة إنّ جدّتها في حالة سيئة وتعرَّضت لسكتة دماغية. قلتُ لها: (ماذا تعنين؟ أنت في التاسعة، كيف عرفتِ أنها أصيبت بسكتة دماغية؟)، فأجابت: (قدَّمتُ لها نوعاً من الإفطار ولم تستطع تناوله. وأيضاً كان وجهها شاحباً ولم تستطع التحدُّث. إنها بطلتنا الصغيرة. لقد أنقذتها. لم تكن لتنجو لولا ذلك». وتابعت: «ولولا الآنسة ماثيوز أيضاً التي لقّنتها الإرشادات».

أما ماثيوز فأكدت أنّ أحد أدوارها كان تعليم الإسعافات الأولية من السنة الأولى حتى السادسة: «إنه ليس جزءاً من المنهج الوطني، لكننا نعتقد أنه من الجيّد تعليم الأطفال». وأضافت أنّ أحد الأشياء التي علّمتها كانت أهمية «الساعة الذهبية» وكيفية التصرُّف خلالها: «قال المسعفون إنّ هذا ما أنقذ الجدّة، لأنّ صفاء أنجزت دورها بسرعة، ونحن فخورون بها».