الثلاثي الأوروبي يلغي خططاً لتوبيخ طهران في الوكالة الدولية

أميركا: على إيران معالجة مخاوف بشأن جزيئات اليورانيوم في موقعين سريين

المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي أثناء مشاركته بمؤتمر صحافي في فيينا أمس (أ.ف.ب)
المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي أثناء مشاركته بمؤتمر صحافي في فيينا أمس (أ.ف.ب)
TT

الثلاثي الأوروبي يلغي خططاً لتوبيخ طهران في الوكالة الدولية

المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي أثناء مشاركته بمؤتمر صحافي في فيينا أمس (أ.ف.ب)
المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي أثناء مشاركته بمؤتمر صحافي في فيينا أمس (أ.ف.ب)

ألغت فرنسا وألمانيا وبريطانيا خططا لتوبيخ طهران في مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعدما قبلت إيران مبادرة للمشاركة في جهود «محددة منتظمة» لتوضيح قضايا عالقة في أنشطتها النووية، مثل العثور على جزيئات اليورانيوم في موقعين سريين وفق ما أعلن المدير العام للوكالة الدولية، رافائيل غروسي، أمس.
وقال دبلوماسيون في فيينا أمس إن تراجع الثلاثي الأوروبي المنضوي في الاتفاق النووي محاولة لتجنب التصعيد وإفساح المجال للدبلوماسية. ونقلت «رويترز» عن مصدر دبلوماسي فرنسي أن إيران أعطت إشارات مشجعة في الأيام الأخيرة بشأن بدء محادثات غير رسمية مع القوى الكبرى والولايات المتحدة.
وقال غروسي في مؤتمر صحافي، إنه يسعى لإنهاء «حوار الطرشان» مع إيران والذي فشل في الخروج بإجابات ذات مصداقية. وتابع «نحاول الجلوس إلى الطاولة لنرى ما إذا كان بوسعنا حل هذا نهائيا» أمس، غير أنه لم يستطع «الجزم» بأن «هذا التعاون الجديد» سيكون مختلفا عن سابقاته، أي أنه لم يحصل على ضمانات تؤكد بأن طهران لن تماطل هذه المرة في المحادثات كما تفعل عادة.
وكان الثلاثي يضغط على مجلس محافظي الوكالة التابعة للأمم المتحدة الذي يضم 35 دولة كي يتبنى مشروع قرار خلال اجتماعه ربع السنوي هذا الأسبوع يعبر عن القلق إزاء انتهاكات إيران الأخيرة للاتفاق، ومنها إنهاء عمليات التفتيش المفاجئة التي تقوم بها وكالة الطاقة الذرية.
ودعا المشروع كذلك إيران إلى الرد على أسئلة الوكالة بشأن منشأ جزيئات اليورانيوم التي عثر عليها حديثا في مواقع عدة غير معلنة وقديمة على ما يبدو، لكنها لم تبلغ عنهما في مفاوضات الاتفاق النووي. ومع نفاد الوقت أمام صدور قرار، أعلنت وكالة الطاقة الذرية عن مسعى دبلوماسي جديد للحصول على إجابات من إيران.
وقال دبلوماسي من دولة عضو بمجلس محافظي الوكالة كانت متشككة في القرار «الحكمة سادت».
واكتفى غروسي بالقول «لا نعرف ما إذا كنا سنتوصل لنتيجة مع إيران في هذه المحادثات ولكن علينا إبقاء الباب مفتوحا»، موضحا «سنبدأ عملية تحليل الوضع تحليلا مركزا باجتماع فني ينعقد في إيران في بداية أبريل (نيسان) وآمل أن تليه اجتماعات فنية وسياسية أخرى».
وأبلغ مصدر دبلوماسي فرنسي الصحافيين في فيينا أمس بتعليق السعي لاستصدار قرار ينتقد إيران لاعتقاد ترويكا الاتحاد الأوروبي بأنها انتزعت تنازلات تسمح لغروسي بالعمل على القضايا المعلقة ولأن القرار سيضر بفرص عقد اجتماع بين إيران والولايات المتحدة وأطراف الاتفاق الأخرى. وقال «إذا كنا مضينا قدما في التصويت (على مشروع قرار) لزاد ذلك من صعوبة بدء هذا الاجتماع سريعا».
ولشعورها بالقلق من احتمال صدور القرار، هددت إيران بالتراجع عن اتفاق وقعته في الآونة الأخيرة مع وكالة الطاقة الذرية يحد من تأثير أحدث تحركاتها ويمكن الوكالة من مراقبة منشآتها ومواصلة نفس عملها تقريبا لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر.
وفي طهران، رحب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده بالتراجع الأوروبي، وقال في بيان إن «تطورات اليوم قد تبقي مفتوحا طريق الدبلوماسية الذي بدأته إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأضاف «تأمل إيران في أن تقتنص الأطراف المشاركة في الاتفاق هذه الفرصة، مع تعاون جدي من أجل ضمان تطبيق هذا الاتفاق من قبل الجميع» حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ولكن هذا «التعاون» لن يشمل العودة بالعمل بالبروتوكول الإضافي الذي كانت انسحبت منه إيران والذي كان يسمح للمفتشين بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة في مواقع يشتبه بأنها تشهد نشاطات نووية.
وبذلك وضع غروسي لنفسه مهلة زمنية حددها بالاجتماع القادم لمجلس المحافظين في يونيو (حزيران) المقبل. وقال بأن هذه المحادثات التي ستشمل «قضايا عالقة» بين طهران والوكالة، من بينها شروحات حول عثور المفتشين على آثار يورانيوم في موقعين سريين.
وتشكو الوكالة من أنها لم تحصل على أجوبة شافية من الإيرانيين حول هذا الموضوع، وأن طهران تماطل وتعطي أجوبة غير مقنعة تقنيا. وأعلن غروسي بأن أول هذه المحادثات ستجري في مطلع أبريل المقبل، وأنه يأمل «بأن تتبعها اجتماعات أخرى تقنية أو سياسية».
وقال القائم بالأعمال الأميركي في مجلس حكام الوكالة الدولية لويس بونو، بأن غروسي أبلغ مجلس المحافظين «بأنه بعث برسالة جديدة لطهران يدعوها فيها للتعاون»، وأنه «منحها فرصة جديدة لتقديم التعاون اللازم» ضمن اتفاقية الضمانات النووية، قبل الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين.
وقال المندوب الأميركي «سنراقب عن كثب ردا إيرانيا بناء يتيح حدوث تقدم جوهري»، وأضاف بأن الولايات المتحدة مثل جميع أعضاء مجلس المحافظين «ستعدل آراءها»، حول الخطوات المقبلة للمجلس استنادا إلى ما كانت «إيران ستغتنم الفرصة وتعدل هي أيضا وجهة نظرها من التعامل بشكل موثوق به مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وأضاف بأن «عمليات التحقق القوية هي أساس النظام العالمي لعدم الانتشار النووي والقاعدة الصلبة التي تبنى عليها اتفاقيات وترتيبات منع انتشار الأسلحة النووية»، وقال «على إيران معالجة مخاوف وكالة الطاقة الذرية بشأن جزيئات اليورانيوم».
وفي حين عبر غروسي عن أمله في أن يبلغ مجلس محافظي الوكالة بحدوث تقدم في اجتماعه التالي في يونيو حزيران، قال المصدر الفرنسي إن مسعى استصدار قرار قد يتجدد حتى قبل ذلك الحين إذا حدثت مشكلات بين إيران والوكالة.
وترفض إيران، حتى الآن، المشاركة في محادثات غير رسمية مع القوى العالمية والولايات المتحدة بشأن إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015.
وقال المصدر للصحافيين «الأمور تسير في الاتجاه الصحيح وكانت هناك إشارات إيجابية هذا الأسبوع وبخاصةً في الأيام القليلة الماضية. نرى تحركات لم نرها في مطلع الأسبوع». وأضاف المصدر أن الهدف هو إحضار الجميع إلى الطاولة قبل عيد النيروز (رأس السنة الفارسية يوم 20 مارس/ آذار).
وتابع أن الفرصة ستتقلص بدءا من منتصف أبريل (نيسان) مع انطلاق حملة انتخابات الرئاسة في إيران. وقال المصدر «نركز جهودنا ليتسنى عقد هذا الاجتماع في غضون الأيام أو الأسابيع المقبلة».
وتعتقد وكالة المخابرات الأميركية ووكالة الطاقة الذرية بأن إيران كان لديها برنامج أسلحة نووية توقفت عنه في 2003. وتنفي إيران أن تكون حازت برنامجا من هذا القبيل في أي وقت من الأوقات.
وقال غروسي «إما أن تستمروا في هذه اللعبة التي يمكن أن تستمر طويلا أو تجربوا شيئا آخر... شعرت بأن علينا أن نحاول بحث هذا بطريقة مختلفة».



إردوغان يلوح لأوروبا بالأمن... وحزب كردي يطالب بحرية «أوجلان»

إردوغان متحدثاً أمام السفراء الأجانب في تركيا (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً أمام السفراء الأجانب في تركيا (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يلوح لأوروبا بالأمن... وحزب كردي يطالب بحرية «أوجلان»

إردوغان متحدثاً أمام السفراء الأجانب في تركيا (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً أمام السفراء الأجانب في تركيا (الرئاسة التركية)

دعا حزب تركي مؤيد للأكراد إلى تخفيف ظروف سجن زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، حتى يتمكن من القيام بمهامه في الدعوة التي أطلقها لحلّ الحزب ونزع أسلحته، لافتاً إلى أن الدعوة موجهة إلى الحكومة والبرلمان في تركيا أيضاً. في الوقت ذاته، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده لن تسمح بإعادة تصميم المنطقة أو تقسيمها وفقاً لخرائط جديدة، مؤكداً أن أمن أوروبا لا يمكن تصوره من دون تركيا.

وقال إردوغان إنه لا يمكن تصور أمن القارة الأوروبية من دون تركيا، وباعتبار بلاده جزءاً لا يتجزأ من القارة الأوروبية فإنها ترى أن عملية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي أولوية استراتيجية. وفي إشارة إلى عزم تركيا على التخلص من مشكلة الإرهاب، قال إردوغان في كلمة خلال حفل إفطار سنوي للسفراء الأجانب في تركيا، أقيم في مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، ليل الاثنين – الثلاثاء: «لن نسمح بإعادة تصميم منطقتنا أو تقسيمها أو فصلها على أساس خرائط جديدة، كما كانت قبل قرن من الزمان».

إردوغان خلال إلقائه كلمة أمام السفراء الأجانب في إفطار أقامه حزب العدالة والتنمية الحاكم (الرئاسة التركية)

وتطرق إلى المبادرة التي أطلقها رئيس حزب الحركة القومية، شريك حزب العدالة والتنمية في «تحالف الشعب»، والتي بدأت بحوار مع أوجلان، قائلاً إن «أحد أهداف العمل الذي نقوم به (تركيا بلا إرهاب) هو منع هذه الخطط القذرة والدموية للمتربصين بالمنطقة، ونحن ندرك تماماً من يحاول القيام بماذا، كما نعرف جيداً السيناريوهات التي ترسم لنا».

حرية أوجلان

في السياق ذاته، دعت الرئيسة المشاركة لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، تولاي حاتم أوغولاري، إلى توفير ظروف العمل والحياة الحرة لأوجلان بسرعة، قائلة إنه يريد المساهمة بفاعلية في تحقيق السلام، وفي تنفيذ دعوته.

الرئيسة المشاركة لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب تولاي حاتم أوغولاري (موقع الحزب)

وقالت أوغولاري، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبها، الثلاثاء: «يجب اتخاذ الخطوات القانونية والقضائية في هذه العملية، ويجب تنفيذ تأكيد السيد أوجلان على (الاعتراف بالسياسة الديمقراطية والبعد القانوني) من أجل أن تكون القضية الكردية خالية من الصراع والعنف».

بدوره، أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، أوزغور أوزال، تعليقاً على دعوة أوجلان خلال كلمته أمام المجموعة البرلمانية للحزب: «نقول إن هذه المشكلة يجب حلّها تحت سقف هذا البرلمان من خلال اتخاذ خطوات ديمقراطية وإصدار قوانين».

رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال متحدثاً بالبرلمان الثلاثاء (موقع الحزب)

وقال أوزال إن الرئيس إردوغان هو سياسي ينكر وجود المشكلة الكردية في تركيا، لكننا نؤكد وجودها وندعو لحلّها داخل البرلمان، من خلال اتخاذ خطوات ديمقراطية وإصدار القوانين، وكل ذلك يجب أن يتم بكل صدق وشفافية وتوافق اجتماعي. وأضاف: «نحن نعلم أنه تم تحويل الوضع إلى كارثة على يد إردوغان، في عام 2015 عندما أنكر وجود المشكلة الكردية، ونؤكد أن المنظور الخاطئ نفسه لا يزال موجوداً اليوم، ونود أن نذكركم بأن إردوغان فعل ذلك، بينما كان يتم إعداد الطاولة في دولما بهشه، وإجراء الاستعدادات للبثّ المباشر وإعلان خطوات حلّ المشكلة الكردية بعد المفاوضات مع أوجلان، كما نذكركم بأن نداء أوجلان ليس حلاً سحرياً أيضاً».

اعتقال رئيس بلدية معارض

من ناحية أخرى، تطرق أوزال إلى قرار اعتقال رئيس بلدية «بيكوز»، التابعة لحزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، علاء الدين كوسلر، الذي تم احتجازه الأسبوع الماضي والتحقيق معه بتهمة التلاعب في عطاءات، قائلاً إن كوسلر تعرض هو الآخر لـ«العصا القضائية» بعد رئيسي بلديتي أسنيورت وبشكتاش. وأصدرت محكمة تركية أمراً بتوقيف كوسلر، الذي تم القبض عليه و22 آخرين، الخميس االماضي، بقرار من المدعي العام في إسطنبول.

احتجاج في إسطنبول على اعتقال أحد رؤساء البلديات من حزب الشعب الجمهوري (رويترز)

وقرّرت المحكمة، في ساعة متأخرة من ليل الاثنين - الثلاثاء، توقيف 13 مشتبهاً بهم، من بينهم كوسلر، بتهم التلاعب في عطاءات والعمل ضمن تنظيم بدافع إجرامي. وتم إخلاء سبيل 9 آخرين. واعتقلت الحكومة أو عزلت العديد من رؤساء البلديات المنتخبين من المعارضة في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) 2024، منهم 11 رئيس بلدية من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، بتهمة دعم الإرهاب، و4 من حزب الشعب الجمهوري، بتهم الإرهاب أو التلاعب في العطاءات. وتقول المعارضة إن الحملة القضائية على البلديات ذات دوافع سياسية، فيما تنفي الحكومة ذلك.