{الشرق الأوسط} في مهرجان برلين الدولي (3) العالم العربي نقطة اهتمام سينمائي في برلين

«ملكة الصحراء» جميل و«تاكسي» باناهي مفتعل

من «الحب وسرقة وأشياء أخرى»
من «الحب وسرقة وأشياء أخرى»
TT

{الشرق الأوسط} في مهرجان برلين الدولي (3) العالم العربي نقطة اهتمام سينمائي في برلين

من «الحب وسرقة وأشياء أخرى»
من «الحب وسرقة وأشياء أخرى»

هناك أفلام عربية بلا ريب منتشرة في الأقسام الموازية والجانبية لمهرجان برلين المقام حاليا وحتى الخامس عشر من الشهر الحالي، مثل «بانوراما» و«فورام». لكن المسابقة، وكما ذكر سابقا، تخلو من فيلم عربي وإن لا تخلو من فيلم يوفر صورة زاهية عن عالم وردي أيام مطلع القرن العشرين، عندما أخذ هذا الجزء من العالم تأليف كياناته. هذا الفيلم هو «ملكة الصحراء» للمخرج الألماني المثير للاهتمام دوما فرنر هرتزوغ.
لكن الأفلام العربية المنتشرة خارج المسابقة تستحق بدورها عناء البحث والتفتيش. هناك «حب وسرقة وأشياء أخرى» لمؤيد عليان المقدم باسم فلسطين، و«أوديسا عراقية» للمخرج (المكتفي باسم واحد) سمير، من إنتاج ألماني سويدي وإماراتي مشترك، و«قل للربيع ألا يأتي هذا العام» لسعيد تاجي فاروقي (ممول بريطانيا) و«البحر من ورائكم» لهشام العسري (المغرب)، وهذه كلها تتوارد في قسم البانوراما، ثاني أهم الأقسام من بعد المسابقة.
في أقسام أخرى نجد «20 مصافحة من أجل السلام» لمهدي فليفل (فلسطين) و«من رام الله» لأسيم ناصر (فلسطين) و«ذكريات محقق خاص» لرانيا أسطفان (لبنان) وكذلك من لبنان «ألم تقتل دبا؟» لمروى عرسانيوس. على أن الموضوع العربي أوسع في دائرته من كل ما تطرحه هذه الأفلام.
خروج «قناص أميركي» بنجاح غير متوقع يضاف إلى ما سبق من أفلام حول المواقع الساخنة في العالم العربي وأفغانستان وفي خط المواجهة بين الثقافتين الإسلامية والأوروبية والتي شاهدنا منها العديد من الأعمال (بينها ما عرض في دورات برلينية سابقة). لكنه في الوقت ذاته يبدأ موسما جديدا من الأعمال المنخرطة في بحث عن الأحداث الحاضرة أو تلك التي لا تزال تجتر نفسها منذ سنوات.
الفيلم الدنماركي «حرب» للمخرج توبياس لندهولم يواصل سلسلة من الأفلام الدنماركية والسويدية التي تعاطت والحرب الأفغانستانية (من بينها مثلا «ألف مرة تصبح على خير» لإريك بوب والمسلسل التلفزيوني «القتل» مثلا) الدائرة منذ سنوات. وهو، بسبب موضوعه، ونظرا لنجاح «قناص أميركي»، يلقى اهتماما واسعا بين المشترين والموزعين خلال سعي الشركة المنتجة لبيعه مسبقا قبل البدء بتصويره ربيع هذا العام. فيلم آخر جديد يتم الحديث عنه وطرحه للبيع حاليا يحمل عنوان «كوجاكي: الحكاية الحقيقية»: بريطاني حول الحادثة التي أودت بحياة جندي بريطاني وجرح ستة آخرين عندما فتح جندي دنماركي النار عليهم. الفيلم من إخراج بول كاتيس الذي صرح لمجلة «ذا هوليوود ريبورتر» بأن فيلمه لا يمجد شخصية القناص كما فعل فيلم كلينت ايستوود.
بدورها نجد الفلسطينية نجوى نجار تحاول الاستفادة بدورها من هذا الزخم بتقديم فيلمها الجديد «عينا لص» حول الشاب الفلسطيني الذي قتل سبعة جنود إسرائيليين وثلاثة مستوطنين يهود في الضفة الغربية من فلسطين. الفيلم الذي سبق وتم تقديمه في مهرجان دبي الأخير لا يسرد الواقعة المذكورة مباشرة أو يمنحها الوقت الكافي لتصبح محوره، لكن المخرجة تسعى لأن تربط عملها بما يسود من اهتمام لأفلام تبحث في كل هذه الحروب المستوطنة. الفيلم العربي الذي يبدو آيلا إلى تحقيق القدر الأعلى من الاهتمام هو «حب وسرقة وأشياء أخرى» (نقده في الغد) كونه يقدم، بلغة فنية تثير الاحترام، الموضوع الفلسطيني من زاوية جديدة تنتمي، موضوعا، إلى تلك الأفلام التشويقية كتلك التي حققها المخرج هاني أبو أسعد في «الجنة الآن» و«عمر».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».