«قيد الإنشاء»... قصة المجتمعات العربية ومعنى الهوية

موضوع منحة {مسك} للفنون في نسختها الثانية

من معرض الفائزين بالمنحة الأولى لمعهد مسك... عمل «كتاب الرمل» لمهند شونو
من معرض الفائزين بالمنحة الأولى لمعهد مسك... عمل «كتاب الرمل» لمهند شونو
TT

«قيد الإنشاء»... قصة المجتمعات العربية ومعنى الهوية

من معرض الفائزين بالمنحة الأولى لمعهد مسك... عمل «كتاب الرمل» لمهند شونو
من معرض الفائزين بالمنحة الأولى لمعهد مسك... عمل «كتاب الرمل» لمهند شونو

في نسختها الأولى أطلقت «منحة مسك الفنية» قدرات إبداعية كبيرة، ترجمت لأعمال فنية، عرضت للجمهور، ضمن أسبوع مسك للفنون في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. معرض العام الماضي حمل اسم «مكوث» وضم أعمالاً مميزة لـ5 فنانين، وهم مهند شونو وأيمن زيداني وسعد الهويدي وعلاء الغفيلي وحمود العطاوي.
وبعد نجاح المعرض الأولى الناتج عن المنحة، أعلنت في أواخر الشهر الماضي النسخة الثانية من المنحة، ولكن بضعف المبلغ المقدم، وحسب ما علقت ريم السلطان الرئيسة التنفيذية للمعهد فقد كان للاهتمام البالغ والأعداد الضخمة التي تقدمت للمنحة أكبر الأثر في قرار مضاعفة مبلغ المنحة من 500 ألف ريال إلى مليون ريال لدعم عدد أكبر من الفنانين، وأضافت السلطان في تصريح صحافي: «يمثل الفنانون ثقافتنا ومجتمعنا وعالمنا المتغير دائماً، ومن جانبها تحتفي المنحة بالفنانين من السعودية ومن الدول العربية وتخلق مناخاً يرعى إبداعهم ويمدهم بالقوة والرعاية والتعليم».
السلطان علقت لـ«الشرق الأوسط» بقولها: «نشعر، كمؤسسة غير ربحية تهدف لدعم شباب الفنانين، بأننا ملزمون بتعزيز هذه الأصوات. ومنحة معهد مسك للفنون التي تتماشى مع سياسة المعهد في دعم الفنانين والمنسقين السعوديين هي إحدى الوسائل التي تمكننا من ذلك». وتشير أيضاً إلى مبادرات أخرى: «نحن نقدم أيضاً أول برنامج إقامة فنية في الرياض مفتوحاً للفنانين المحليين والدوليين؛ ودورة تدريبية جماعية عبر الإنترنت، مدتها 6 أسابيع مخصصة للمنسقين العرب الشباب».
ووقع الاختيار على موضوع «تحت الإنشاء» ليكون محور أعمال النسخة الثانية، ويتناول التطورات الثقافية والجذرية للمجتمعات العربية ويستلهم، الموضوع أيضاً من «الحالة الرمزية للمجتمع العربي كمراكز ثقافية ناشئة تعنى بالفكر، على وجه الخصوص، كيف ننظر إلى الهوية على أنها رمز للنمو والاستمرارية والتكرارات اللانهائية للتمثيلات الثقافية عبر التاريخ». وبحسب البيان الصحافي، فقد «أدى تطور العولمة والبدء في تبني تقنيات وبنى تحتية جديدة إلى تغييرات هيكلية وثقافية جذرية، ورغم ذلك فنحن نستمر في التعلم والنمو والانصياح للتطورات السريعة. وبينما نتجاوز خيالات الاستشراق الغربية، تحولت المنطقة العربية إلى مدن حضرية أعدنا بناءها، بينما نبحث عن التوازن بين التجانس الثقافي، وتشييد شامل لما يمثله معنى الهوية لدينا، فلم نروِ قصتنا الكاملة بعد! فقصتنا لم تكتمل وما زلنا نتقدم، فلدينا إمكانات لا حصر لها، وهذا ما دفعنا للتساؤل هل ما زلنا «قيد الإنشاء»؟
تقوم لجنة من المختصين من معهد مسك للفنون بإدارة النسخة الثانية من المنحة، وتشمل أسماء رائدة في المجتمع الفني العربي، منهم ريم فضة (مديرة مؤسسة أبوظبي الثقافية)، ليلى الفداغ (المدير العام للمتحف الوطني السعودي)، ميرنا عياد (مستشار فني واستراتيجي ثقافي)، كونستانتينوس شاتزيانتونيو، (رئيس المجموعات والحفظ في مركز الملك عبد العزيز للثقافة العالمية).
ومن جانبها، عبّرت د. ليلى الفداغ المدير العام للمتحف الوطني السعودي لـ«الشرق الأوسط» عن سعادتها بعضوية اللجنة المسؤولة عن إدارة المنحة، والعمل إلى جانب معهد مسك للفنون، على دعم الجيل الشاب من الفنانين والمنسقين الفنيين في المنطقة. وأضافت: «بعض الجوانب الأساسية للإشراف على المنحة تتضمن بناء حوار مع كل فنان على حدة مع توفير النصيحة والدعم والتشجيع. لدى معهد مسك للفنون فهم عميق لأهمية التوجيه المتخصص ومدى تأثيره على مشوار أي فنان شاب، ومن جهتي أتطلع للمساهمة في هذه العملية الشاملة على مدى العام».
وسيعلن عن الفائزين في شهر أبريل (نيسان) المقبل، على أن تعرض الأعمال الناتجة في أسبوع مسك للفنون في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.