معركة «القاسم الانتخابي» في المغرب باتت محسومة

«العدالة والتنمية» عدّ نفسه «مستهدفاً»

سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية (ماب)
سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية (ماب)
TT

معركة «القاسم الانتخابي» في المغرب باتت محسومة

سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية (ماب)
سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية (ماب)

شرعت «لجنة الداخلية» بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، مساء أمس، في مناقشة 4 مشاريع قوانين تنظيمية، تتعلق بالانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية، المقررة في الأشهر القليلة المقبلة، قبل المصادقة عليها.
ويتعلق الأمر بمشروع قانون تنظيمي يهم مجلس النواب، ومشروع قانون تنظيمي يهم مجلس المستشارين، ومشروع قانون تنظيمي ثالث يتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية (البلديات والجهات والمجالس الإقليمية)، ومشروع قانون تنظيمي رابع يتعلق بالأحزاب السياسية.
ومن أبرز القضايا الانتخابية، المثيرة للجدل، اقتراح مجموعة من الأحزاب تعديلاً على طريقة احتساب القاسم الانتخابي، باعتماد المسجلين في اللوائح الانتخابية وليس على أساس الأصوات الصحيحة كما هو معمول به. ويعدّ حزب «العدالة والتنمية» (مرجعية إسلامية)، متزعم الغالبية الحكومية الحالية، أن هذا التعديل يستهدفه؛ إذ يروم تقليص عدد المقاعد التي يفترض أن يحصل عليها في الانتخابات التشريعية المقبلة.
وبينما كان منتظراً أن يكون مجلس النواب قد حسم في معركة القاسم الانتخابي في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، بات حزب «العدالة والتنمية» الخاسر الأكبر في هذه المعركة.
واقترحت فرق المعارضة مراجعة حساب القاسم الانتخابي، وجاء في نص التعديل أن القاسم «يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المسجلين بالدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها»، وهو التعديل نفسه الذي طالبت به فرق من الأغلبية، وهي «التجمع الوطني للأحرار»، و«الاتحاد الدستوري»، و«الحركة الشعبية».
وكان تعديل حساب القاسم الانتخابي موضوع خلاف استمر أشهراً، خلال مشاورات الأحزاب السياسية مع وزارة الداخلية لتعديل القوانين الانتخابية، وبين حزب «العدالة والتنمية» وبقية الأحزاب من المعارضة والأغلبية. ذلك أن «العدالة والتنمية» يعدّ نفسه مستهدفاً بهذا التعديل؛ لأنه سيؤدي إلى تقليص عدد مقاعده في مجلس النواب المقبل، كما أنه يعدّ أن هذه الطريقة في حساب القاسم الانتخابي «غير ديمقراطية»؛ لأنها تساوي بين الأحزاب التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات، وتلك التي حصلت على أصوات أقل. لكن الأحزاب المدافعة عن هذا التعديل ترى أن التعديل يستهدف «تعزيز التعددية السياسية».
وحسب مصدر من حزب «العدالة والتنمية»، فإن هذا الأخير يمكن أن يفقد نحو 30 مقعداً إذا جرى اعتماد هذا التعديل، كما أن حزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض يمكن أن يفقد نحو 20 مقعداً بالنظر لحصوله على 102 مقعد في تلك الانتخابات.
أما بالنسبة للتعديلات الأخرى، فأبرزها ما اقترحته فرق المعارضة، وبعض فرق الأغلبية، من توسيع حالات التنافي بين العضوية في مجلس النواب ورئاسة مجلس جهة، ورئاسة مجلس عمالة أو إقليم (مجلس المحافظة)، إضافة إلى ما جاء به مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب من منع الجمع بين عضوية مجلس النواب، ورئاسة كل مدينة يتجاوز عدد سكانها 300 ألف نسمة.
أما بخصوص تمويل الأحزاب من طرف الدولة، فقد اقترحت المعارضة مراجعة شروط استفادة الأحزاب من التمويل.
يذكر أن الأحزاب تحصل على دعم مالي سنوي من الدولة، شريطة أن يغطي الحزب المعني بالتمويل «ثلث عدد الدوائر الانتخابية المحلية الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب»، وأن تكون هذه الدوائر موزعة على الأقل على 3 أرباع جهات المملكة، وتغطي على الأقل نصف عدد الدوائر الانتخابية الجهوية الخاصة بانتخاب أعضاء المجلس.
وهذا الدعم يقسم إلى 3 أنواع: دعم مالي سنوي «جزافي» يوزع عليها بالتساوي. وحصة «إضافية» تعادل الحصة الجزافية السابقة، لكنها مشروطة بحصول الحزب على الأقل على نسبة 3 في المائة من الأصوات، ودون أن تصل إلى نسبة 5 في المائة من عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات العامة التشريعية، في مجموع الدوائر الانتخابية. وهنا تطالب المعارضة بتخفيض هذا السقف إلى واحد في المائة من الأصوات، وأقل من 3 في المائة منها.
ثم هناك حصة ثالثة تخصص للأحزاب السياسية التي حصلت على نسبة 5 في المائة على الأقل من عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات. ويوزع هذا المبلغ على أساس عدد المقاعد والأصوات، التي حصل عليها كل حزب سياسي خلال الانتخابات نفسها. وهنا أيضاً اقترحت المعارضة تخفيض عتبة الاستفادة إلى 3 في المائة أو أكثر من نسبة الأصوات.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».