إنسان «نياندرتال» تمتع بقدرات سمعية شبيهة بتلك الموجودة لدى البشر

صورة لنموذج يمثل رجل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)
صورة لنموذج يمثل رجل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)
TT

إنسان «نياندرتال» تمتع بقدرات سمعية شبيهة بتلك الموجودة لدى البشر

صورة لنموذج يمثل رجل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)
صورة لنموذج يمثل رجل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

كان لدى إنسان «نياندرتال» البدائي نظام سمعي جيد شبيه بذاك الذي يتسم به الإنسان المعاصر، وفقاً لدراسة علمية رأت في ذلك دليلاً إضافياً على أنه، مثل ابن عمه الإنسان العاقل، كان يتمتع بقدرة تواصل فاعلة.
لطالما انقسم علماء المستحاثات البشرية حيال القدرات الإدراكية لإنسان «نياندرتال»؛ إذ دافع بعضهم عن فكرة أن سلالة البشر الحاليين؛ أي الإنسان العاقل، هي الوحيدة التي طورت قدرة على تصور الرموز والتعبير عنها من خلال استخدام الكلام.
وذكّر فريق علماء الإحاثة، بقيادة مرسيدس كوندي فالفيردي، المختصة في علم الصوتيات الحيوية في جامعة «ألكالا» الإسبانية، بأن علم الآثار يوثق مزيداً من «السلوكيات المعقدة لدى إنسان (نياندرتال)».
وبات معلوماً اليوم أن هذه السلالة البشرية التي يعود آخر أثر لها إلى نحو 40 ألف سنة، كانت تعرف؛ على غرار الإنسان العاقل، كيف تواري موتاها الثرى، وتتقن أيضاً طريقة صنع الأدوات المعقدة.
ويقول عالم المستحاثات البشرية الفرنسي، برونو موراي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «أسلافنا كانوا يتشاركون (مع سلالات بشرية أخرى مختلفة عنا بالمورفولوجيا (مثل نياندرتال)، القدرات عينها على الانخراط في أنشطة رمزية وتشاركها».
ومجرد إنتاج أدوات يستلزم وجود قدرات إدراكية «تترجم لغة يتم النطق بها بصورة مشابهة على الأقل أو قريبة جداً من تلك الموجودة لدينا»، وفق الباحث.
ولتحديد ما إذا كان إنسان «نياندرتال» قادراً على استخدام لغة، يتعين التأكد مما إذا كان قادراً على وضع رموز لتحديد مفاهيم معينة، وما إذا كان يملك القدرة الجسدية على إنتاج لغة وتصورها لإيصال هذه الرموز، وفق معدي الدراسة التي نشرتها مجلة «نيتشر إيكولوجي آند إيفوليوشن».
ولهذه الغاية، أعاد الباحثون افتراضياً إنشاء القنوات السمعية الخارجية والوسطى لخمسة أفراد من فصيلة إنسان «نياندرتال» عاشوا في فترة تتراوح بين ما قبل 130 ألف سنة و45 ألفاً. واستخلص الباحثون قيماً تحدد مدى قدرتهم على فهم الأصوات، خصوصاً نطاق الترددات.
وتوضح الأستاذة الجامعية كوندي فالفيردي لوكالة الصحافة الفرنسية أنه كلما كان النطاق أوسع «زادت القدرة على استخدام أصوات مختلفة وبات التواصل أكثر فاعلية».
وقارن الباحثون هذه المستويات بتلك المسجلة لدى مجموعتين من الأفراد من البشر المعاصرين ومن الأسلاف الأوائل لإنسان «نياندرتال» والذين عُثر على نماذج عدة منهم في شمال إسبانيا ويعود تاريخها إلى 430 ألف سنة.
وخلص الباحثون إلى أن إنسان «نياندرتال» كان يتشارك القدرات السمعية عينها مع الإنسان العاقل، خصوصاً في ما يرتبط بسماع أصوات بنطاق تردد أعلى مقارنة مع الأسلاف.
وترتبط هذه النطاقات المرتفعة بالقدرة على تكوين أحرف ساكنة، وهي خاصية مهمة في التواصل اللغوي تميّز البشر عن أساليب التواصل لدى قردة الشمبانزي وكل الثدييات تقريباً والتي تستند على الأحرف المصوتة.
وأشارت الدراسة إلى أن الأحرف الساكنة «تكتسب أهمية خاصة لتحديد معنى الكلمات».
وخلصت الدراسة إلى أن تطور القدرات السمعية لدى إنسان «نياندرتال» لفهم الأصوات يعني أنه كان يعرف كيفية إصدارها. وقد تبيّن للباحثين وجود «نظام تواصل صوتي بالتعقيد والفاعلية عينيهما كذلك الموجود لدى البشر».
وتقول كوندي فالفيردي إن إنسان «نياندرتال»؛ «كان قادراً على نقل معلومة شفوية بسرعة ومع نسبة خطأ ضعيفة». كما تبدي اعتقادها بأنه «فيما لو سمعنا اثنين من إنسان (نياندرتال) يتحادثان خلف ستار من دون رؤيتهما، فقد يخيل لنا أننا نسمع شخصين من بلد آخر لا نفهم لغتهما».
ويصف عالم الاستحاثات البشرية في «المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي» في باريس، أنطوان بالزو، عبر وكالة الصحافة الفرنسية، المقالة العلمية بأنها «مثيرة للاهتمام وتعتمد مقاربة حذرة». كما يثني على توصية الباحثين بضرورة «مقارنة هذه النتائج مع تلك العائدة لبشر من سلالة الإنسان العاقل القديم». ويشير إلى أن مفتاح فهم عالم «نياندرتال» يكمن في «أوجهه الثقافية التي تكتسب أهمية كبيرة».



تطوّر الحج في معرض بـ«دارة الملك عبد العزيز»


قبو زمزم يظهر في صحن المطاف عام 1970 (دارة الملك عبد العزيز)
قبو زمزم يظهر في صحن المطاف عام 1970 (دارة الملك عبد العزيز)
TT

تطوّر الحج في معرض بـ«دارة الملك عبد العزيز»


قبو زمزم يظهر في صحن المطاف عام 1970 (دارة الملك عبد العزيز)
قبو زمزم يظهر في صحن المطاف عام 1970 (دارة الملك عبد العزيز)

يروي معرض «100 عام من العناية بالحرمين»، في دارة الملك عبد العزيز، تطور رحلة الحج منذ عام 1925 حتى اليوم، مِن وقت المشقة إلى تجربة آمنة وروحانية، عبر سرد بصري مميز.

يشمل المعرض صوراً نادرة للملك عبد العزيز، وهو يشرف شخصياً على مواسم الحج، ويُظهر تطور وسائل النقل؛ من القوافل البطيئة إلى قطار الحرمين السريع. كما يتناول تطور منظومة الأمن، من البرقيات اليدوية إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة المشاعر.

ويُبرز المعرض أيضاً مشروع «زمزم»، الذي تحوّل من سبيل بسيط إلى نظام ذكي يخدم مئات الآلاف من الحجاج يومياً. كما يتناول صوراً تروي مشروعات توسعة الحرم الشريف عبر العهود السعودية، بالإضافة إلى عرض صناعة الكسوة وملابس الكعبة عبر التاريخ.

وفي مجال الرعاية الصحية، يبين المعرض كيف بدأ اهتمام المملكة بصحة الحجاج، بدءاً من الفحوصات الطبية في الموانئ، وصولاً إلى تطبيقات الرعاية الرقمية الحديثة.

وأخيراً، يُبرز المعرض التحول من الإشراف الرمزي إلى منظومة مؤسسية متكاملة، مؤكداً التزام المملكة المستمر خدمة الحرمين الشريفين على مدار 100 عام.


الحياة الفطرية لـ«الشرق الأوسط»: «رأس حاطبة» موئل بحري مهم و35 جزيرة في «الثقوب الزرقاء»

ارتفاع نسبة المناطق البحرية المحمية في السعودية (الحياة الفطرية)
ارتفاع نسبة المناطق البحرية المحمية في السعودية (الحياة الفطرية)
TT

الحياة الفطرية لـ«الشرق الأوسط»: «رأس حاطبة» موئل بحري مهم و35 جزيرة في «الثقوب الزرقاء»

ارتفاع نسبة المناطق البحرية المحمية في السعودية (الحياة الفطرية)
ارتفاع نسبة المناطق البحرية المحمية في السعودية (الحياة الفطرية)

أكّد «المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية» في السعودية أن محمية «رأس حاطبة» تحتضن 8 جزر بحرية، معظمها رملية، وتُضفي قيمة بيئية عالية من خلال دعم النظم البيئية البرية والبحرية، وتعمل بوصفها أماكن تعشيش للطيور البحرية والسلاحف البحرية، ما يزيد من تكامل وظائفها الإيكولوجية، مشيراً إلى أن محمية «الثقوب الزرقاء» تضم 35 جزيرة بحرية، معظمها رملية، وتُعد إضافة حيوية للمنظومة البيئية من خلال دعم تكامل النظم البرية والبحرية، عبر توفير موائل تعشيش للطيور البحرية والسلاحف، وتُعزز من التفاعل الإيكولوجي بين البيئات المختلفة.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أعقب موافقة مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، على إدراج محميتَي «الثقوب الزرقاء»، و«رأس حاطبة» البحريتين ضمن قائمة المحميات الوطنية، قال عبد الناصر قطب، المدير العام لإدارة المحافظة على البيئة البحرية والساحلية في «المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية»، إن محمية «رأس حاطبة» تضم تشكيلات متنوعة من الشعاب المرجانية، تشمل الشعاب الحاجزية، ومئات الشعاب البُقعية، التي تمثل بدورها بنية أساسية لأنظمة الحياة البحرية، إذ توفر مواقع للتغذية، والتكاثر، والحضانة لعدد كبير من الكائنات البحرية، لافتاً إلى أن وجود هذا التباين في الأنماط المرجانية يعزز من مرونة النظام البيئي وقدرته على مواجهة الضغوط الطبيعية والبشرية، علاوة على كونها إحدى أهم المحميات البحرية في البلاد نظير الثراء البيئي الفريد والموائل البحرية بالغة الحساسية، ما يجعلها مركزاً رئيسياً لدعم التنوع الأحيائي وصون النظم البيئية.

وكشف قطب أن الدراسات الميدانية الحديثة أظهرت أن المؤشر الصحي للشعاب المرجانية والأسماك في حالة جيدة، ما يعكس استقراراً بيئياً ومرونة عالية للنظام البيئي البحري في مواجهة التغيرات.

تلتزم السعودية بتوسيع شبكة المحميات الوطنية لتتجاوز الـ100 (الحياة الفطرية)

وعن مميّزات المحميّة، بيَّن قطب أنها تتميز بانتشار مروج الحشائش البحرية، التي تُعد ركيزة أساسية في السلسلة الغذائية البحرية، وتوفر مناطق تغذية وحضانة للأسماك والسلاحف البحرية، إضافة إلى دورها البيئي، حيث تمثل هذه المروج أحد أهم مخازن الكربون الأزرق، علاوة على انتشار «أشجار المانغروف» التي تُشكل خط الدفاع الأول للسواحل من خلال الحدّ من التآكل وحماية الشواطئ من الأمواج والعواصف، معداً أن الغابات الساحلية توفّر موائل بالغة الأهمية، بوصفها مناطق حضانة طبيعية لصغار الأسماك واللافقاريات، وبيئة تعشيش للطيور الساحلية والبحرية.

وبالإضافة إلى ذلك، تُعد المحمية موئلاً مهماً لكثير من الكائنات البحرية الكبرى، مثل القروش، والدلافين، والسلاحف، والحيتان، وقرش الحوت، وهي أنواع ذات قيمة إيكولوجية عالية، وبعضها مصنّف عالمياً أنواعاً مهددة بالانقراض، ما يبرز الأهمية الاستثنائية للمحمية بوصفها موقعاً حيوياً لدعم بقاء هذه الأنواع والحفاظ على توازن المنظومة البحرية، وفقاً لمدير عام إدارة المحافظة على البيئة البحرية والساحلية.

ونوّه قطب بكثير من المشاهدات، التي تضمّنت مشاهدات للدلفين الشائع «قاروري الأنف»، وهو من الأنواع الرئيسية التي تعكس صحة النظام البيئي البحري نظراً لاعتماده على السلسلة الغذائية المتكاملة، والقروش، بما يُبرز الدور الحيوي لهذه المفترسات العليا في حفظ التوازن البيئي وتنظيم تجمعات الأسماك، و«أسماك الراي» التي تُعد جزءاً مهماً من الشبكة الغذائية البحرية، وتسهم في ديناميكية الرواسب القاعية، ومشاهدة واحدة للحوت البريدي، وهو من الثدييات البحرية الكبيرة ذات القيمة العالمية، حيث يؤكد وجوده أهمية المنطقة موئلاً للهجرة والتغذية، إلى جانب مشاهدتان لقرش الحوت، وهو أكبر الأسماك في العالم المُدرج على قائمة الأنواع المهددة بالانقراض، ومشاهدتان للسلاحف الخضراء، وهي من الأنواع المهددة بالانقراض عالمياً، وتعتمد في غذائها على مروج الحشائش البحرية، ما يعكس سلامة هذه البيئات في المنطقة.

تتميَّز محميتا «الثقوب الزرقاء» و«رأس حاطبة» بتنوع بيئي فريد (الحياة الفطرية)

وعن المراقبة، شدّد قطب أنه تتم مراقبة صحة النظم البيئية المتعلقة بالشعاب المرجانية ووفرة الأسماك وكتلتها الحيوية مرتين سنوياً، إلى جانب مسح سنوي لمروج الحشائش البحرية والتنوع الأحيائي المرتبط بها، مع تحديد المهددات البيئية وإدارتها بفاعلية، إلى جانب التزام المحمية بالرقابة البيئية من خلال التفتيش الدوري لضمان الامتثال للوائح حماية الحياة الفطرية، إضافة إلى حظر أنشطة الصيد بشباك الجرّ داخل المواطن البحرية الحساسة، وأردف أن العمل القريب من نطاقها يشمل تقييم الأنواع غير المحلية وإعداد خطة أمن حيوي للحدّ من تأثيرها على النظام البيئي.

وعن محمية «الثقوب الزرقاء»، كشف قطب أنها تضم شعاباً مرجانية تشمل الحاجزية منها، والحلقية، والبُقعية، ما يوفر بيئات معقدة وغنية، من شأنها تنويع الموائل البحرية وتوفير أماكن للتكاثر والتغذية والحضانة لعدد كبير من الكائنات، وتعزيز مرونة النظام البيئي وقدرته على مواجهة الضغوط الطبيعية والبشرية، وعرّج على كونها أحد المواقع البحرية والجيولوجية الأكثر تفرّداً في البحر الأحمر، إذ اكتُشفت حديثاً عام 2022 من خلال رحلة العقد العالمية لاستكشاف البحر الأحمر بمشاركة سفينة الأبحاث «OceanXplorer» وسفينة «العزيزي» التابعة لجامعة الملك عبد العزيز، عادّاً هذا الاكتشاف قيمة علمية ومعرفية استثنائية، نظراً لاحتضان المحمية لتكوينات طبيعية نادرة من الثقوب الزرقاء التي تمثل نظماً بيئية بحرية ذات أهمية كبرى لفهم تطور النظم المرجانية و«الجيومورفولوجية» في المنطقة.

تطوير منظومة وطنية شاملة للمناطق المحمية وفق معايير عالمية (الحياة الفطرية)

وعلى الرغم من أن المؤشر الصحي للشعاب المرجانية والأسماك في حالة مقبولة، فإن ذلك يُبرز الحاجة الملحة إلى مواصلة جهود الإدارة البيئية للحفاظ على هذا التنوع الفريد وتعزيزه، حسبما أجاب قطب على سؤال لـ«الشرق الأوسط».

وفي الجانب المتعلق ببيئات المحمية البحرية، أوضحت معلومات «الشرق الأوسط» أنها تزخر بتنوع غني من الأسماك واللافقاريات، بما في ذلك نجم البحر، وقنافذ البحر، والمحار العملاق، وخيار البحر، وهي كائنات تُعد مؤشرات حيوية على صحة النظام البيئي البحري، وتنتشر بها مروج الحشائش البحرية التي تُشكّل عنصراً محورياً في السلسلة الغذائية البحرية، وتوفر مناطق تغذية أساسية للسلاحف والكائنات البحرية العاشبة، إضافة إلى دورها في تخزين الكربون الأزرق.

وحسب مدير عام إدارة المحافظة على البيئة البحرية والساحلية، تُعد المحمية موطناً لعدد من الكائنات البحرية الكبرى مثل السلاحف، والقروش، والدلافين والحيتان، بما يعكس مكانتها بوصفها موئلاً طبيعياً للأنواع ذات القيمة «الإيكولوجية» العالية، وبعضها مهدَّد بالانقراض عالمياً، ما يمنح المحمية بُعداً استراتيجياً في صون التنوع الأحيائي على المستويين الإقليمي والعالمي.

محمية «رأس حاطبة» تحتضن 8 جزر بحرية معظمها رملية (الحياة الفطرية)

ونوّه قطب بعدد من المشاهدات في المحميّة، تضمّنت رصد مشاهدات للدلافين، منها الدلفين الدوار، والدلفين الشائع «قاروري الأنف»، ودلفين المحيط الهندي «قاروري الرأس»، والدلفين الاستوائي «المنقّط»، وهي أنواع ذات أهمية إيكولوجية عالية، بالإضافة إلى تسجيل مشاهدات لقرش الحوت، وأسماك الراي، والحوت البريدي، والسلاحف البحرية، الخضراء منها، وصقرية المنقار.

ولفت قطب، من موقعه، إلى أن المسوحات الدورية لمراقبة صحة الشعاب المرجانية ووفرة الأسماك تجري مرتين سنوياً، ومراقبة مروج الحشائش البحرية سنوياً، مع تحديد المهددات البيئية وإدارتها بفاعلية.

كما يجري المركز تفتيشاً بيئياً دورياً داخل المحمية للتأكد من الالتزام باللوائح، إضافة إلى ذلك، يجري العمل على إعداد خطة أمن حيوي في المناطق الساحلية المحيطة للحد من مخاطر الأنواع غير المحلية.


مصر: مطالبات بتشديد الرقابة بـ«المتحف الكبير» لردع «السلوكيات السلبية»

المتحف المصري يشهد زخماً في الحضور (وزارة السياحة والآثار)
المتحف المصري يشهد زخماً في الحضور (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: مطالبات بتشديد الرقابة بـ«المتحف الكبير» لردع «السلوكيات السلبية»

المتحف المصري يشهد زخماً في الحضور (وزارة السياحة والآثار)
المتحف المصري يشهد زخماً في الحضور (وزارة السياحة والآثار)

تصاعدت مطالبات في مصر بتشديد الرقابة على المتحف المصري الكبير بعد ظهور سلوكيات وُصفت بأنها «سلبية» انتقدها رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وطالب بالتصدي لها عبر نشر الوعي الجماهيري.

ونشر كثير من مواقع التواصل الاجتماعي لقطات ومشاهد ومقاطع فيديو تشير إلى «سلوكيات سلبية» لأفراد، من بينها من يلمسون الآثار، ومن يضعون ملون الشفاه لأحد التماثيل، ومن يجلسون فوق التماثيل، وغيرها من السلوكيات التي نبّه إليها كثير من المؤثرين المهتمين بالحضارة المصرية.

وأشار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، إلى بعض الحالات الفردية التي تشهد ممارسات سلبية يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن المصريين غير راضين عنها، وأضاف في كلمة مصورة خلال اجتماع مجلس الوزراء: «بالطبع يقال لماذا لا نمنع هذه الحالات المحدودة من التجاوزات، ومع الأعداد التي تزيد على 10 آلاف زائر يومياً، يصعب السيطرة على كل الحالات، ولكن يجب أن ننتبه إلى أن هذه السلوكيات تعطي انطباعاً سلبياً، ومن الضروري أن نحافظ على آثارنا، ولا نسمح لهذه النوعية من الممارسات الفردية السلبية».

عدد كبير من السائحين يزور المتحف الكبير يومياً (وزارة السياحة والآثار)

ووجّه رئيس الوزراء كلامه للمواطن المصري البسيط، وقال: «إذا رأى أي مواطن ممارسات فردية سلبية، فأتمنى أن يوجه وينصح من يفعل ذلك بأن هذا لا يجوز»، وتابع: «نعم هناك منظومة أمنية ومنظومة مراقبة، لكن لكي تكتمل فرحتنا بالمتحف يجب ألا نسمح بحالات فردية تقوم بممارسات يمكن أن تعطي انطباعاً سلبياً».

وكانت إدارة المتحف المصري الكبير أعلنت قبل أيام عن وصول متوسط عدد الزائرين إلى 19 ألف زائر يومياً منذ فتح أبواب المتحف للجمهور يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بالتزامن مع ذكرى اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922.

وترى الدكتورة مونيكا حنا عميد كلية الآثار والتراث الثقافي بالأكاديمية البحرية أن «زيارة الشباب للمتحف والتفاعل معه أمر محمود، لكن التصرفات الفردية السلبية يجب أن تكون هناك تعليمات لردعها»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر يحتاج إلى نظام صارم وتعليمات تكتب على التذكرة، وربما أيضاً يحتاج إلى فيلم توعوي أو تعيين مشرفين للمتحف بشكل كاف للسيطرة على الأعداد الكبيرة من الزوار».

وكان عدد من مستخدمي وسائل التواصل انتقدوا قيام «بلوغرز» و«يوتيوبرز» بالتصوير داخل المتحف ونشر مقاطع مصورة متعددة، وبطريقة قد تكون غير ملائمة للمكان، من بينهم «يوتيوبر» قام بقراءة آيات من القرآن الكريم داخل المتحف، تتحدث عن «كفر آل فرعون»، وأوردت تقارير محلية أنه تم القبض على «اليوتيوبر».

وقال المتخصص في المصريات، الدكتور محمد حسن: «المشكلة بدأت حين تسربت فيديوهات من شباب متطوع في حفل الافتتاح قدموا مقاطع كوميدية ساخرة من كواليس الحفل على (تيك توك)، ووصلت بعض المقاطع إلى قوائم (الترند) مما شجع كثيراً من الشباب على زيارة المتحف وتكرار الأمر بحثاً عن (الترند)».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «رأينا كثيراً من السلوكيات الفردية السلبية، مثل واقعة (الروج) وهو تصرف يشير إلى جهل من قامت به بقيمة التراث، وهناك من قام بتلاوة القرآن بصوت عالٍ داخل المتحف ليحصل على (الترند)». وفق تعبيره.

ولفت حسن إلى «قيام الدولة باتخاذ إجراءات صارمة تجاه هذه التصرفات الفردية السلبية، حيث أحيل الشاب الذي قام بتلاوة القرآن في المتحف للنيابة العامة، وأعتقد أن هذا إجراء رادع لكل من تسول له نفسه أن يتخذ تراث مصر وآثارها وسيلة للشهرة».

وأكد أن إدارة المتحف تعمل على منع مثل هذه السلبيات «لكن أيضاً يجب أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني بالتوعية، وأقترح إصدار لائحة شديدة الصرامة لمنع هذه التجاوزات، تصل إلى حد التجريم وتطبيق غرامات مالية، ونشرها بكل وسائل التواصل الاجتماعي لكل من تسول له نفسه العبث داخل المتحف».

وأقيم المتحف المصري الكبير على مساحة تصل إلى 117 فداناً ليُشكّل مشهداً طبيعياً متصلاً مع الأهرامات، ويضم أكثر من 57 ألف قطعة أثرية تحكي التاريخ المصري القديم بعصوره المختلفة.

ويرى الخبير السياحي المصري، بسام الشماع، أن «المتحف الكبير فرصة كبيرة لتثقيف وتعليم شرائح كثيرة من المصريين حول تاريخهم من الأطفال إلى الكبار»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «يجب التوعية بطريقة التعامل مع الآثار داخل المتحف، وطريقة التعامل مع السائحين أيضاً حتى لا نعطي انطباعاً سلبياً».

وتابع: «هناك صحوة واتجاه كبير في المجتمع المصري بقيمة الحضارة المصرية القديمة وآثارها وحضارتها، ويجب أن نستغل هذه الصحوة في التوعية لتفادي السلوكيات السلبية الناتجة بالدرجة الأولى عن قلة الوعي، من يقفزون على الآثار أو يلمسونها أم من تضع (الروج) للأثر وهي في الحقيقة كانت تمثل فقط أنها تفعل ذلك، نحتاج إلى تثقيف الجمهور، ووضع لائحة وقوانين صارمة ثم معاقبة من يتجاوز».