الجزائر: أمين عام حزب الغالبية يتحفظ على المشاركة في مؤتمر الوفاق الوطني

سعداني أكد أن حزبه يرفض أن يكون مرؤوسًا في أي مبادرة

الجزائر: أمين عام حزب الغالبية يتحفظ على المشاركة في مؤتمر الوفاق الوطني
TT

الجزائر: أمين عام حزب الغالبية يتحفظ على المشاركة في مؤتمر الوفاق الوطني

الجزائر: أمين عام حزب الغالبية يتحفظ على المشاركة في مؤتمر الوفاق الوطني

تسبب عمار سعداني، أمين عام «جبهة التحرير الوطني» الجزائرية (غالبية)، في خلط أوراق «جبهة القوى الاشتراكية» المعارضة، بعد أن أبدى تحفظا على المشاركة في «مؤتمر إعادة بناء الوفاق الوطني» المرتقب في 24 من الشهر الحالي، في وقت تسعى فيه «القوى الاشتراكية» إلى إقناع «أحزاب السلطة» بحضور التظاهرة السياسية، لكن يتضح أنها وجدت صعوبات في ذلك.
وقالت مصادر من «الجبهة» لـ«الشرق الأوسط»، بأن قيادتها «فوجئت بتصريحات سعداني، التي تحدث فيها عن عدم وضوح مسعى التوافق الوطني»، وأوضحت أن الفريق القيادي الذي عرض المبادرة على الأحزاب والشخصيات والجمعيات: «شرحها بوضوح لقيادة جبهة التحرير خلال مناسبتين، وقد صرح سعداني بأنه يبارك المسعى».
وقال سعداني أول من أمس لصحافيين بالعاصمة إن حزبه «يرفض أن يكون مرؤوسا في أي مبادرة كانت»، ما يعني أنه لن يشارك في مؤتمر يقود أشغاله وفعالياته حزب آخر. وعد هذا الكلام هجوما غير مباشر على «القوى الاشتراكية»، التي ترى في مشاركة «جبهة التحرير»، بمثابة موافقة السلطة على مسعاها، ذلك أن حزب الغالبية يرأسه شرفيا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ويسمى «جهاز السلطة».
وجاءت تصريحات سعداني، بمناسبة لقاء جمعه مع بلقاسم ساحلي، أمين عام «التحالف الوطني الجمهوري»، وهو أحد الموالين للرئيس. وأفاد سعداني أن «مبادرة جبهة القوى الاشتراكية غير واضحة، لأن الكثير من نقاطها لم توضح من طرف الأصدقاء، ومن بينها معرفة حول ماذا سيكون الإجماع؟ وما هي الغاية من المبادرة؟ ومن يرأسها؟ ومن سيشارك فيها؟».
كما أعلن سعداني رفضه الجلوس إلى تنظيمات وشخصيات غير حزبية، مما يشكل ضربة أخرى لـ«القوى الاشتراكية» التي عرضت مبادرتها على مسؤولين سابقين في الحكومة، لكنهم غير منخرطين في أحزاب، مثل رئيسي الوزراء سابقا مقداد سيفي، ومولود حمروش، وقادة جمعيات معروفة.
وأظهر ساحلي أيضا برودة في التعاطي مع مشروع «القوى الاشتراكية»، بعد أن وافق عليه بوضوح في وقت سابق. ويفهم من موقفي سعداني وساحلي، حسب بعض المراقبين، أن «إيعازا» صدر من جهة في السلطة، بعدم رضاها عن شيء اسمه «بناء الوفاق الوطني». ويرى مراقبون أن السلطة لا تعترف بأن البلاد تعيش أزمة سياسية، تستدعي بناء «إجماع» أو «توافق»، وأن «القوى الاشتراكية» أخطأت عندما ربطت مؤتمرها بمشاركة السلطة. لكن حتى هذه المشاركة يلفَها غموض كبير، فأي شخص أو طرف في السلطة معني بالمسعى؟ هل الرئيس أم رئيس الوزراء أم عضو محدد في الحكومة؟ وهل «السلطة الفعلية»، التي تعني الجيش وجهاز المخابرات معنية بالمبادرة؟ لكن هذه الأسئلة لا يتفادى الخوض فيها مسؤولو الحزب المعارض، الذي أسسه رجل الثورة حسين آيت أحمد، المقيم بسويسرا.
يشار إلى أن محمد نبو، السكرتير الأول للحزب المعارض، قال في بيان سابق إن حزبه «يرحب بمشاركة جبهة التحرير الوطني في ندوة الإجماع الوطني، ويعتبر انخراطها فيها خطوة هامة»، لكن جاءت آخر تصريحات سعداني في الموضوع لتنسف هذا التفاؤل.
ويلتقي اليوم (السبت) صباحا بالعاصمة وفد من قيادة «القوى الاشتراكية»، مع أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» عبد القادر بن صالح، وهو القوة السياسية الثانية في البلاد، ومن أهم الموالين للرئيس، منذ أن جاء إلى الحكم عام 1999. ويبحث الحزب المعارض عن «مشاركة فعاَلة للتجمع الديمقراطي في ندوة الإجماع الوطني»، بحسب ما نشره الحزب بموقعه الإلكتروني. غير أن قريبين من بن صالح، نقلوا عنه بأنه غير متحمَس للمشروع.
ويضاف هذا التحفظ الشديد من جانب من يسمون بـ«أولياء بوتفليقة»، إلى رفض «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، التي تضم أحزابا إسلامية وليبرالية ولائيكية معارضة، حضور المؤتمر المرتقب. وبالمحصَلة فإن مشروع «القوى الاشتراكية» مهدد بالفشل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.