بغداد تناشد حراك الناصرية عدم تعكير أجواء زيارة البابا

وزير الإعلام: فرصة للقاء الأديان في مدينة أور التاريخية

لوحة ترحيب بالبابا فرانسيس في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)
لوحة ترحيب بالبابا فرانسيس في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)
TT

بغداد تناشد حراك الناصرية عدم تعكير أجواء زيارة البابا

لوحة ترحيب بالبابا فرانسيس في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)
لوحة ترحيب بالبابا فرانسيس في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)

وصف وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي، حسن ناظم، الزيارة المرتقبة من بابا الفاتيكان فرنسيس إلى العراق يوم الجمعة المقبل بأنها محطة حوار أديان في مدينة أور التاريخية، مؤكداً أنها ستكون «فرصة للقاء الأديان العراقية هناك؛ من مسلمين ومسيحيين وصابئة مندائيين وإيزيديين».
وقال الوزير ناظم؛ للصحافيين أمس: «سيحل قداسة البابا فرنسيس في بغداد في الخامس من الشهر الحالي، وستكون له لقاءات مع النخب السياسية والاجتماعية وأرباب الحوار ورجال الدين وناشطي المجتمع المدني، وسيكون له حضور منتظر في مدينة أور الأثرية بمحافظة ذي قار». ونقلت عنه «وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)» قوله: «نأمل ارتفاع مستوى الوعي لدى الشباب، وأن تكون هناك ظروف مناسبة لهذه الزيارة، وألا تتعكر أجواؤها بفعل الأحداث في مدينة الناصرية». وأكد أن «هذه الزيارة تصب في مصلحة مدينة الناصرية، والحكومة تعلم بأوضاع المدينة باعتبارها محافظة منكوبة، وتم تخصيص صندوق لدعم المشاريع فيها».
وذكر ناظم أن «المحطة الكبرى الأخرى هي النجف؛ واللقاء التاريخي بالمرجع الديني الأعلى علي السيستاني بغرض بحث مسائل الحوار الديني، وزيارة البابا إلى النجف ذات الثقل الكبير هي تتويج حركة عالمية في الحوار الإسلامي - المسيحي لتعزيز الأمن والسلام في بلدنا؛ إذ ما زلنا في مخاض تشوبه نزعات العنف واللاتسامح».
وأوضح ناظم أن «المحطة الأخيرة للبابا خلال زيارته العراق ستكون مدينتي الموصل وأربيل، وسيواصل لقاءاته وصلواته من أجل الضحايا الذين سقطوا على يد تنظيم (داعش) الإرهابي». وقال إن العراق أمام «فرصة للاستفادة من هذه الزيارة اجتماعياً، وأثرها على السلم والوئام المجتمعي»، معرباً عن أمله في أن «تنعش هذه الزيارة السياحة؛ حيث شرعت هيئة السياحة في إقامة مشاريع بهذا الصدد». وأضاف أن «مجلس الوزراء أوصى بمراعاة طلبات الإعلاميين العرب والأجانب لتغطية أحداث الزيارة، وقد وصل إلينا نحو ألف طلب، وهذا يضع أمامنا تحدياً كبيراً لتسهيل مهمتهم».
وفي كارملش وقرقوش والموصل في شمال العراق، حيث كنائس مدمرة ونفايات تجتاح الأزقة الضيقة وآثار الحرب لا تزال ظاهرة بوضوح، يؤكد رئيس أساقفة الكلدان في أبرشية الموصل، نجيب ميخائيل، أن التحضيرات جارية لزيارة البابا التاريخية، وأن استقباله سيجري في «أجواء من الفرح».
ورغم مرور 3 سنوات على طرد تنظيم «داعش» من المنطقة، فإن رئيس أساقفة الموصل ما زال يحتفظ بآثار من الجرائم الوحشية التي ارتكبها «الجهاديون» في كارملش؛ بينها صليب مكسور عند برج أعلى كنيسة، وأواني قداس، وأيقونة متضررة... أدلة من أجل «تجاوز الماضي»، كما يقول ميخائيل لوكالة الصحافة، عبر «التسامح؛ لكن من دون نسيان» تلك الجرائم. ويشير إلى أنه تمكن من «تهريب كثير من الوثائق القديمة من التنظيم المتطرف الذي احتل المنطقة بين 2014 و2017، وحكم بالرعب، مستهدفاً خصوصاً الأقليات، إلى إقليم كردستان»، مخاطراً أحياناً بحياته.
وتقع كارملش شرق مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى. وكانت الموصل على مدى قرون مركزاً تجارياً وثقافياً رئيسياً في الشرق الأوسط.
ويقول رئيس أساقفة الموصل؛ الذي لا تفارق وجهه الابتسامة، متحدثاً من كنيسة كارملش، إن جدول أعماله «أصبح ضاغطاً جداً منذ الإعلان عن الزيارة البابوية الأولى للعراق». ويتولى عدد من الكهنة ترجمة صلوات إلى الإيطالية والعربية واللاتينية والسريانية؛ لأن البابا سيحتفل في العراق بأول قداس له بحسب الطقوس الشرقية.
وشكلت لجان حكومية وأخرى في محافظات مختلفة لمتابعة الاستعدادات اللوجيستية ومراسم الزيارة.
ويرى ميخائيل (65 عاماً) أن المهمة التي يقوم بها مع محيطه «حساسة جداً، خصوصاً لأن أي مسؤول أجنبي حكومي لم يزر الموصل منذ أكثر من 5 سنوات». ويقول رجل الدين؛ الذي يضع قبعة بنفسجية ويرتدي ثوباً أسود بأطراف حمراء: «نواجه ضغطاً هائلاً... الأب الأقدس ليس كأي شخصية؛ إنه يمثل دولة وكاثوليك العالم».
وسيتنقل البابا (85 عاماً) بسيارة مكشوفة في بلد لم يستقر فيه الأمن منذ سنوات. ويصف ميخائيل التحضيرات بـ«المهمة الصعبة. الكل سيحاول الاقتراب من البابا... ويجب الاهتمام بالتنقلات، والزي الرسمي، وكتابة البيانات بدقة تامة، والدعوات».
ويشير ميخائيل إلى عدم وجود ملعب رياضي مناسب أو كاتدرائية لإقامة قداس بابوي في محافظة نينوى التي ولد فيها، مشيراً إلى أن هناك «14 كنيسة مدمرة، 7 منها تعود للقرون الخامس والسادس والسابع». بين هذه الكنائس، كاتدرائية مسكنته التي كان رئيس أساقفة الموصل يرتادها برفقة أهله في صغره وتغطيها اليوم حجارة وركام. أما «كنيسة القديس شمعون الصفا (القديس بطرس)» فمليئة بأكياس قمامة.
وفي بلد لا تزال فيه خلايا جهادية مجهول مكانها، يرى ميخائيل؛ الذي يحمل شهادة الهندسة في التنقيب عن النفط قبل أن يقرر اعتناق الكهنوت، أن «كل مسؤول أمني سيكون في حالة توتر» خلال زيارة البابا. أما هو، فستكون هذه المرة الثانية التي يلتقي فيها البابا فرنسيس؛ إذ سبق له أن التقاه في روما.
ويؤكد ميخائيل أن زيارة البابا؛ التي من المقرر أن تستمر 3 أيام، «مهمة جداً لجميع العراقيين»، مشيراً إلى أن «هذا البلد مثل فسيفساء رائعة متعددة الألوان ومتكاملة، لهذا لا يمكن أن يُجزأ إلى أجزاء طائفية؛ للأسف (كما) يحدث اليوم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.