فصائل تريد تأجيل حوار المجلس الوطني... و«حماس» ترفض

عباس يصدر مرسوم تشكيل محكمة قضايا الانتخابات

وفد {الجبهة الديمقراطية} يصل إلى مقر الحوار الفلسطيني في القاهرة الشهر الماضي (أ.ف.ب)
وفد {الجبهة الديمقراطية} يصل إلى مقر الحوار الفلسطيني في القاهرة الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

فصائل تريد تأجيل حوار المجلس الوطني... و«حماس» ترفض

وفد {الجبهة الديمقراطية} يصل إلى مقر الحوار الفلسطيني في القاهرة الشهر الماضي (أ.ف.ب)
وفد {الجبهة الديمقراطية} يصل إلى مقر الحوار الفلسطيني في القاهرة الشهر الماضي (أ.ف.ب)

قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، إن فصائل منظمة التحرير تتجه لتأجيل الجولة الثانية من حوارات الفصائل الفلسطينية في القاهرة، المقررة خلال شهر مارس (آذار) الجاري.
وأضاف مجدلاني للإذاعة الرسمية أنه توجد مداولات مع قوى سياسية في منظمة التحرير لتأجيل هذه الجولة، وأن الاتصالات تجري مع عدد من قوى المنظمة التي شاركت في اجتماع القاهرة الأخير، من أجل تأجيل الجولة الثانية من حوارات الفصائل، التي ستبحث ترتيبات استكمال عقد المجلس الوطني الفلسطيني. وتابع أن «هناك ميلاً كبيراً لدى الغالبية العظمى، من القوى، لتأجيل الجولة لما بعد انتخابات المجلس التشريعي». ولفت إلى أن إجراء الحوار الآن سيكون «افتراضياً» لأنه لا توجد قضايا جوهرية يمكن البحث فيها.
ولم يحدد مجدلاني من هي الفصائل، لكن بعضها نفى علمه بالأمر وتمسك بجولة الحوار كما هي. وكانت الفصائل الفلسطينية اتفقت، الشهر الماضي، في نص البيان الختامي لجلسات الحوار الوطني التي انتهت في 9 فبراير (شباط)، على أنه سيُعقد اجتماع للفصائل في العاصمة المصرية خلال شهر مارس، بحضور رئاسة المجلس الوطني ولجنة الانتخابات المركزية؛ للتوافق على الأسس والآليات التي سيتم من خلالها استكمال تشكيل المجلس الوطني الجديد؛ بهدف تفعيل وتطوير منظمة التحرير وتعزيز البرنامج الوطني.
وفي الوقت الذي تتجه فيه فصائل المنظمة لتأجيل هذه الجلسة، ومناقشة الأمر بعد الانتخابات التشريعية، تصر حماس على التفاهم حول انتخابات المجلس الوطني، قبل الوصول إلى انتخابات المجلس التشريعي. وقالت مصادر مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حماس» تريد التأكد على أن الانتخابات ستمضي قدماً، وبدون انتخابات للمجلس الوطني متفق عليها، «لم تكن الحركة ستذهب لانتخابات التشريعي». وتريد «حماس» انتخابات متزامنة، لكن بعد تدخل دول إقليمية قدمت ضمانات للحركة، وافقت على انتخابات بالتدرج، شرط أن يشملها كلها مرسوم واحد يحدد تواريخها، وهذا ما تم فعلاً في مرسوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخاص بالانتخابات.
وحدد مرسوم عباس إجراء الانتخابات التشريعية بتاريخ 22/5/2021، والرئاسية بتاريخ 31/7/2021، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، وعلى أن يتم استكمال المجلس الوطني في 31/8/2021، وفق النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية، بحيث تُجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن. وأصدر عباس لاحقاً مراسيم خاصة تتعلق بالحريات، وكذلك نسبة المسيحيين في التشريعي، ثم أصدر، أمس، مرسوم محكمة الانتخابات الخاص بتشكيل محكمة قضايا الانتخابات، برئاسة قاضي المحكمة العليا (محكمة النقض)، إيمان ناصر الدين. وجاء في المرسوم أن المحكمة ستضم عضوية ثمانية قضاة آخرين من المحافظات الجنوبية والمحافظات الشمالية. وأضاف: «يأتي تشكيل محكمة قضايا الانتخابات بتنسيب من مجلس القضاء الأعلى وفقاً لأحكام القانون».
ومحكمة الانتخابات كانت إلى جانب الأمن والمجلس الوطني، قضايا شائكة، تم تجاوزها والاتفاق حولها في الحوارات السابقة، باستثناء الوطني الذي تم تأجيله إلى حوارات هذا الشهر. وأثار مجدلاني مسألة لم تحسم حول انتخابات الوطني، بالقول إن «الصورة ستكون اتضحت بعد إجراء الانتخابات (التشريعية)، وسيتضح من هي القوى المشاركة التي دخلت المجلس التشريعي والتي ستكون حكماً بالمجلس الوطني، ومن القوى التي لم تدخل»، مؤكداً أن إمكانية إجراء الانتخابات في الخارج، غير واقعية وغير ممكنة».
وعلى الأغلب، تريد «حماس» إجراء انتخابات المجلس الوطني بمشاركة الخارج، لكن فصائل المنظمة تعتقد أنه من الصعب تنفيذ ذلك. ويوجد للمجلس الوطني قانون خاص به. وقال مجدلاني: «سيدور الحديث كما جرت العادة عند تشكيل كل المجالس الوطنية حول تفاهمات لتشكيل المجلس، آخذين بعين الاعتبار تركيبة المجلس التقليدية والتاريخية، من التوزيع الجغرافي والمهني، إلى مشاركة الفصائل والقوى والشخصيات الأخرى».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.