اجتماع استثنائي لـ«العدالة والتنمية» المغربي لتطويق تداعيات «الاستقالات»

عقدت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المغربي، مساء أول من أمس، اجتماعاً استثنائياً، في مسعى لتطويق الأزمة، التي أثارتها استقالة إدريس الأزمي من الأمانة العامة للحزب ومن رئاسة المجلس الوطني للحزب (أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر). كما اتخذت قيادة الحزب خطوات لإقناع مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، بالتراجع عن طلب الاستقالة من العضوية في الحكومة.
في غضون ذلك، ترأس الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، سعد العثماني، وفداً زار الرميد مساء أول من أمس في مستشفى بضواحي مدينة الدار البيضاء، حيث خضع لعملية جراحية، لكن لم يتم تناول موضوع استقالته، حسبما أكد مصدر حزبي لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «الزيارة كانت بهدف الاطمئنان على صحته». بيد أنه راج داخل الحزب أن الرميد قد يتراجع عن استقالته دون أن يصدر عنه أي موقف.
وحسب المصدر ذاته، فإنه من المرجح أن يتراجع الرميد، لأن استقالته لم تكن بسبب خلافات جوهرية داخل الحزب، بل فقط بسبب غضبه من سوء تواصل رئيس الحكومة معه بخصوص عقد دورة استثنائية للبرلمان.
أما بشأن الأزمي، الذي برر استقالته بتحفظه على توجهات الحزب، فإن الأمانة العامة أعلنت تمسكها به «ليستمر في مهامه رئيساً للمجلس الوطني، وعضواً في الأمانة العامة»، وقررت «تكوين لجنة من بين أعضائها لزيارته، والتواصل معه لمراجعته في الموضوع».
ورغم أن الأمانة العامة للحزب أعلنت أن اختصاص النظر في الاستقالة يرجع للمجلس الوطني، فإن بعض أعضاء الحزب انتقدوا إعلان قيادة الحزب موقفاً مسبقاً يقضي بتمسكها بالأزمي، واعتبروا أن من له صلاحية البت في الاستقالة حسب النظام الداخلي للحزب هو المجلس الوطني.
ويرمي هؤلاء إلى نقل النقاش حول أسباب الاستقالة وأسبابها إلى المجلس، في سياق قد يتحول إلى مساءلة للأمانة العامة ووزراء الحكومة، وقد يؤدي إلى تبني طلب عقد مؤتمر استثنائي لتغيير القيادة الحالية، قبل الانتخابات.
وكان حزب العدالة والتنمية قد عاش سلسلة من الاستقالات، منذ توقيع اتفاق استئناف العلاقات مع إسرائيل في 22 ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، آخرها يوم الجمعة الماضي حين طلب مصطفى الرميد، وزير الدولة، من رئيس الحكومة الاستقالة من عضوية الحكومة، وتبعتها في اليوم نفسه استقالة الأزمي من رئاسة المجلس الوطني ومن الأمانة العامة. وبينما برر الرميد استقالته بأسباب صحية، فإن الأزمي انتقد في رسالة استقالته توجهات الحزب، وقال إنه لم يعد يتحمل ولا يستوعب «ما يجري داخل الحزب... ولا أقدر أن أغيره، وعليه لا يمكنني أن أسايره من هذا الموقع، أو أكون شاهداً عليه»، في إشارة إلى موضوعي توقيع العثماني على اتفاق استئناف العلاقات مع إسرائيل، واستعداد الحكومة للمصادقة على مشروع قانون حول الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي. وسبقت هاتين الاستقالتين استقالة عبد العزيز العمري من الأمانة العامة، وهو عمدة مدينة الدار البيضاء، وتجميد النائب البرلماني المقرئ أبو زيد لعضويته في الحزب، وكلاهما بسبب استئناف العلاقات مع إسرائيل.
كما هدد عبد الإله ابن كيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، أمس، بالانسحاب من الحزب «بشكل نهائي» إذا صادق نواب الحزب على مشروع قانون حول الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.
وجاء في التزام مكتوب لابن كيران، نشره موقع «كود» المغربي أمس، أنه بصفته عضواً في المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، «وإذا وافقت الأمانة العامة للحزب على تبني القانون المتعلق بالقنب الهندي (الكيف)، المعروض على الحكومة للمصادقة عليه، فإنني أجمد عضويتي في الحزب»، مبرزاً أنه في حالة إذا صادق ممثلو الحزب في البرلمان على القانون المذكور، فإنه سينسحب من الحزب «نهائياً».
في غصون ذلك هدد حزب العدالة والتنمية المغربي أمس بالتصويت ضد مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، (الغرفة الأولى في البرلمان)، الذي ينظم انتخابات المجلس المقررة في الأشهر المقبلة.
وقال سليمان العمراني، نائب الأمين العام للحزب في تسجيل مصور بثه أمس الموقع الإلكتروني للحزب، إنه في حالة إدخال تعديلات تعتمد توزيع المقاعد على أساس حساب «القاسم لانتخابي»، اعتماداً على المسجلين في اللوائح الانتخابية، بدل حسابه على أساس «الأصوات الصحيحة»، كما هو معمول به، فإن فريقي الحزب في غرفتي البرلمان (مجلسي النواب والمستشارين) سيصوتان بالرفض.
وأضاف العمراني أن الحزب قدم «تنازلات» للتوصل إلى توافق بين الأحزاب حول تعديلات القوانين الانتخابية. لكن بخصوص حساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين فإنه «يرفضه لاعتبارات مبدئية ودستورية»، لأنه يمس «بالاختيار الديمقراطي».
يأتي ذلك في وقت يفتتح فيه البرلمان اليوم (الثلاثاء) دورة استثنائية للتصويت على مشروعي قانونين، الأول يتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء، واستعمال وسائل الاتصال المسموع والمرئي العمومية خلال الحملات الانتخابية. فيما يتعلق الثاني بمدونة الانتخابات، وتنظيم المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية. وهما نصان سبق أن صادقت عليهما لجنة الداخلية بالمجلس، ويرتبط بهما تحيين اللوائح الانتخابية، وتحديد جولة إجراء الانتخابات.
وينتظر أن تشرع لجنة الداخلية في المصادقة على التعديلات على مشروعات القوانين التنظيمية الأخرى المتعلقة بالانتخابات خلال هذا الأسبوع، والتي سيتم إيداع تعديلات بشأنها من طرف الفرق البرلمانية. ويرجح أن تقدم مجموعة من الفرق البرلمانية تعديلات لاحتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح، وهو ما يغضب «العدالة والتنمية»، الذي يقول إن ذلك يستهدف تقليص مقاعده في البرلمان المقبل.