البحرية الأميركية: رسو المدمّرة «ونستون تشرشل» في السودان جزء من برنامج متفق عليه

المدمرة الأميركية «يو إس إس ونستون تشرشل» (أ.ف.ب)
المدمرة الأميركية «يو إس إس ونستون تشرشل» (أ.ف.ب)
TT

البحرية الأميركية: رسو المدمّرة «ونستون تشرشل» في السودان جزء من برنامج متفق عليه

المدمرة الأميركية «يو إس إس ونستون تشرشل» (أ.ف.ب)
المدمرة الأميركية «يو إس إس ونستون تشرشل» (أ.ف.ب)

قال الكولونيل في سلاح البحرية الأميركية أنطون سيميلروث إن وصول السفينة «يو إس إس ونستون تشرشل» إلى ميناء بورتسودان في الأول من مارس (آذار)، هو جزء من برنامج متفق عليه بين الولايات المتحدة والسودان. وأضاف في رسالة إلكترونية لـ«الشرق الأوسط» أنه جرى استقبال السفينة في احتفال رسمي حضره مسؤولون من القوات البحرية السودانية وأعضاء من وزارة الخارجية الأميركية. وقال إن هذه الزيارة وغيرها هي جزء من مشاركة الولايات المتحدة المخطط لها منذ فترة طويلة مع السودان، وهي تخدم مصالحنا الأمنية المتبادلة، وتُظهر علاقتنا الثنائية العميقة بعد إلغاء تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب.
وأضاف أن الولايات المتحدة على علم بالتقارير التي تفيد بأن فرقاطة روسية وصلت إلى بورتسودان مؤخراً، لكنه أحال التساؤل عمّا إذا كان لوصولها أي دلالات سياسية في هذا الوقت بالذات، إلى الحكومة السودانية. ولم يشأ المتحدث باسم وزارة الدفاع التعليق على توقيع السودان لاتفاقية مع روسيا يجيز لها استخدام الميناء لإقامة قاعدة بحرية روسية فيه لمدة 25 عاماً، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن التوصل إليها مع الخرطوم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ورست المدمرة الحربية الأميركية «يو إس إس ونستون تشرشل» التي تحمل صواريخ موجهة في السودان اليوم (الاثنين) بعد يوم واحد من رسو فرقاطة روسية في الميناء الرئيسي نفسه المطل على البحر الأحمر؛ حيث تخطط موسكو لإقامة قاعدة لوجستية بحرية، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وهي السفينة الحربية الأميركية الثانية التي ترسو في السودان بعد قيام واشنطن بشطب الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد أكثر من عام على الإطاحة بالرئيس عمر البشير من السلطة في أبريل (نيسان) 2019. وكانت السفارة الأميركية في الخرطوم قد أصدرت بياناً صحافياً في أعقاب رسو سفينة النقل السريع الاستكشافية «يو إس إن إس كارسون سيتي» في الميناء نفسه في 24 من الشهر الماضي، قائلة إنها «أول سفينة بحرية أميركية تزور السودان منذ عقود». وأضافت أن ذلك «يسلط الضوء على رغبة» الجيش الأميركي في «تعزيز شراكته المتجددة» مع القوات المسلحة السودانية. وقال القائم بالأعمال الأميركي بريان شوكان، إن السفينة «ونستون تشرشل» هي «ثاني سفينة أميركية تتوقف في السودان خلال هذا الأسبوع». وأضاف في تغريدة له على «تويتر» أن وصولها «يسلط الضوء على دعم الولايات المتحدة لعملية انتقال ديمقراطي في السودان».
وبدا الحضور الروسي والأميركي في تلك المنطقة وكأنه تنافس بين القوتين، للاستفادة من الموقع الاستراتيجي للميناء السوداني على البحر الأحمر. لكن تعزيز روسيا حضورها في القارة الأفريقية، ينظر إليه على أنه محاولة لاستغلال قرار واشنطن الاستراتيجي، بتخفيف وجودها وتورطها العسكري في القارة الأفريقية، ولموازنة الحضور الصيني المتنامي اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً في أفريقيا أيضاً.
وكانت الفرقاطة الروسية «الأدميرال غريغوروفيتش» قد رست يوم الأحد في بورتسودان، في الميناء الذي أعلنت روسيا أنها ستقيم فيه «قاعدة دعم لوجيستي» جديدة في المنطقة. وقالت البحرية الروسية، في بيان، إن الفرقاطة ستزود بالوقود، وسيرتاح طاقمها بعد مشاركتهم في تدريبات عسكرية في المحيط الهندي قبالة سواحل باكستان.
وقال الجيش السوداني في بيان صدر في وقت متأخر من ليل الأحد - الاثنين، إن زيارة الفرقاطة الروسية هي جزء من تطوير العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والسودان. وكانت روسيا قد أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، عن توقيع اتفاق مدته 25 عاماً لبناء قاعدة بحرية في بورتسودان، كجزء من مساعي موسكو الأخيرة لتجديد نفوذها الجيوسياسي وتعزيز حضورها في أفريقيا. وأضافت أن الغرض من القاعدة هو «الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة» بحسب الاتفاق، الذي سيسمح للبحرية الروسية بالاحتفاظ بما يصل إلى 4 سفن في الوقت نفسه في القاعدة، بما في ذلك السفن التي تعمل بالطاقة النووية، وإيواء ما يصل إلى 300 عسكري ومدني روسي. كما يتيح الاتفاق لروسيا الحق في نقل «الأسلحة والذخيرة والمعدات» اللازمة للقاعدة البحرية عبر المطارات والموانئ السودانية أيضاً. وستشكل القاعدة البحرية الروسية على البحر الأحمر، أول حضور لموسكو في أفريقيا، والثانية لها على أرض أجنبية بعد قاعدتها في مدينة طرطوس السورية على البحر المتوسط.
وتمتلك الولايات المتحدة قاعدة دائمة وحيدة في ميناء جيبوتي في أفريقيا، على بعد 1000 كيلومتر إلى الجنوب، تطل على المضيق بين البحر الأحمر وخليج عدن الذي يشكل ممراً مهماً للشحن البحري العالمي.
وكانت الولايات المتحدة قد أزالت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، كجزء من صفقة معه لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. ويراهن السودان على أن يساهم رفع اسمه عن لوائح الإرهاب في إصلاح اقتصاده الذي عانى منذ عقود من الحصار بسبب العقوبات الأميركية وفساد إدارة الرئيس السابق عمر البشير والحرب الأهلية، وتداعيات انفصال جنوب السودان الغني بالنفط عنه عام 2011.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.