«المدينة المثالية» مستدامة تتمتع بالجاذبية ومتاحة للجميع

مختبر ابتكار يقدم أفكاراً مستقبلية عنها

TT

«المدينة المثالية» مستدامة تتمتع بالجاذبية ومتاحة للجميع

يجمع كتاب «المدينة المثالية» أنجح أفكار التصميم المدني من حول العالم فيما يشبه كتاب وصفات الطهي، ليقدم أفضل الممارسات للقادة القائمين على شؤون المدن. إذا استمر نمو المدن بوتيرته الحالية حتى نهاية القرن، من المتوقع أن تتوسع المساحات المدنية بنحو 1.6 مليون كيلومتر مربع (618 ألف ميل مربع)، أي ما يعادل بناء مدينة بحجم منطقة مانهاتن في نيويورك كل يوم على مدار السنوات الثماني والسبعين المقبلة. وقد أعد مختبر «سبيس 10» للابتكار التابع لشركة «آيكيا» في كوبنهاغن كتاب «المدينة المثالية» مستلهماً أفكاره من 53 مدينة قائمة بهدف دراسة كيفية تطور مدن المستقبل باتجاه النمو المستدام.
مدينة مثالية
يقول سايمون كاسبرسن، مدير الاتصالات في «سبيس 10»: «نملك اليوم فرصة غير مسبوقة لإعادة التفكير بطريقة تصميم مدننا لتقديم حياة يومية أفضل وأكثر أماناً وصحة وإلهاماً للأشخاص الذين يعيشون فيها والعمل في الوقت نفسه على تنشيط الاقتصاد المحلي ومعالجة الأزمة المناخية المتفاقمة».
وأضاف كاسبرسن: «يبدو الاقتراح كفكرة أجمل بكثير من أن تتحقق. فإذا كان الأمر بهذه البساطة، أما كنا لنراه في جميع مدن العالم اليوم؟ إن ما لاحظناه هو أن مدننا مخططة ومصممة ومطورة على شكل صوامع، ولهذا السبب أردنا أن نعتمد مقاربة جامعة من خلال دعوة أفضل المفكرين ومهندسي العمارة والمصممين والباحثين ورواد الأعمال ومخططي المدن وقادة الجماعات من حول العالم للجلوس إلى طاولة واحدة. وتتيح لنا هذه الخطوة العثور على أنماط في وسط الفوضى ودمجها مع مشاريع حقيقية من حول العالم لاستعراض إمكانية تطبيق هذه الأفكار التي يستكشفها الكتاب في زمننا الحاضر».
يعتبر الفريق الذي وضع الكتاب أن المدينة «المثالية» تعتمد على خمسة عناصر أساسية هي:
> وفرة المصادر، أي أن تكون مستدامة على الصعيدين البيئي والاقتصادي ومبنية على فكرة الاقتصاد الدائري.
> متاحة للجميع، أي أن تكون مصممة للتنوع وتقديم حلول سكنية بأسعار مدروسة.
> قابلية المشاركة، أي أن تسهم في بناء الجماعة وتحفز التفاعل الاجتماعي.
> الأمان، أي أن تكون محمية من مخاطر متعددة؛ أبرزها التأثيرات المناخية ومزودة بمصادر غذائية ومياه وملجأ، بالإضافة إلى المساحات الخضراء والعناية الصحية.
> وأخيراً، الجاذبية، أي أن تكون مكاناً يرغب الناس في العيش فيه وإمضاء الوقت في مساحاته المفتوحة.
ابتكارات مدنية
يستعرض الكتاب أيضاً عشرات الأمثلة عن الابتكار المدني؛ أبرزها مضخة حرارية في محطة قطار مهجورة في لندن، تلتقط الحرارة الإضافية من خط قطار وتضخّها نحو منازل قريبة منه في الشتاء. وفي جزءٍ آخر من المدينة إنشاء مبنى سكني مشترك مصمم لإيواء كبار السن.
> مبنى مكتبي في مدينة هوتشي منه في فيتنام مغطى بالنباتات والأشجار المنتجة للغذاء.
> حديقة حديثة البناء في منطقة هاربن الصينية مصممة لامتصاص الأمطار والمتساقطات الناتجة عن الأعاصير.
> مدرسة للفتيات المتحدرات من عائلات منخفضة الدخل في لافالي الهندية بُنيت بكلفة منخفضة لاعتمادها على مواد جُمعت من مبانٍ مهدمة.
> سطح بناء مفتوح تحول إلى ملعب للأطفال في كوبنهاغن.
وأكد كاسبرسن أن هذه التصميمات غير قابلة للتطبيق في جميع المدن، وقال إن الكتاب يهدف إلى لعب دور يشبه دور كتاب الوصفات الذي يمكن لمخططي المدن والمصممين أن يستخدموه للتعرف على الإبداع الجماعي في عالمنا.
يشدد كاسبرسن على أن هذه الأمور جميعها قابلة للتحقيق، ويضيف: «أثبتت لنا سنة 2020 أمراً مهماً جداً وهو أن البشرية تملك القدرة على الاستجابة للتحديات إذا تضامن أبناؤها مع بعضهم. تلعب المدن دوراً رئيسياً في الكثير من هذه التحديات التي نواجهها، ما يعني أنها ستلعب دوراً في الحلول أيضاً.
نحن نملك قوة اختيار الاتجاه الذي نريد سلوكه. أنا أؤمن بالناس ورأينا الكثير من الأمثلة الواعدة هنا. على سبيل المثال، أعيد أخيراً انتخاب عمدة باريس آن هيدالغو بفضل حملتها التي ارتكزت على فكرة «مدينة الدقائق الخمسة عشرة». كما أعلنت هيدالغو قبل بضعة أسابيع أنها ستحول الشانزليزيه، إحدى أشهر الجادات في العالم، إلى «حديقة استثنائية» تكون للناس فيها الأفضلية على السيارات.
كلما زادت هذه الأمثلة التي تعمل في صالح البشرية والكوكب واحتفلنا بها، أصبحنا أكثر جهوزية لنشرها حول العالم.
* «فاست كومباني»،
- خدمات «تريبيون ميديا»



ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة
TT

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ابتكر أليكس ويلشكو، مؤسس شركة الذكاء الاصطناعي «أوسمو»، وفريقه نسخة «ألفا» من جهاز خيالي بحجم حقيبة الظهر مزودة بمستشعر شمّ يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد المنتجات المقلدة من خلال تحليل تركيبها الكيميائي.

وأقامت شركة «أوسمو» (Osmo) شراكة مع منصات إعادة بيع الأحذية الرياضية لإظهار أن اختبار الشم عالي التقنية قادر على تحديد المنتجات المزيفة بدرجة عالية من الدقة.

الجزيئات المتطايرة تحدد الرائحة

كل شيء في العالم له رائحة، من الملابس إلى السيارات إلى جسمك. هذه الروائح هي جزيئات متطايرة، أو كيمياء «تطير» من تلك الأشياء وتصل إلى أنوفنا لتخبرنا بالأشياء. ويختبر الإنسان ذلك بوعي ووضوح عندما يكون هناك شيء جديد قرب أنفه، مثل شم سيارة جديدة أو زوج من الأحذية الرياضية. لكن حتى عندما لا تلاحظ الروائح، فإن الجزيئات موجودة دائماً.

رائحة المنتجات المقلَّدة

الأحذية المقلدة لها رائحة مختلفة عن الأحذية الحقيقية. إذ لا تختلف الأحذية الرياضية الأصلية والمقلدة في المواد، فحسب، لكن في التركيب الكيميائي. حتى الآن، اعتمدت شركات مثل «استوكس» (StockX) على اختبارات الشم البشري والفحص البصري لتمييز الأصالة - وهي عملية تتطلب عمالة مكثفة ومكلفة. وتهدف التقنية الجديدة إلى تبسيط العملية.

خريطة تحليل الفوارق اللونية

تدريب الذكاء الاصطناعي على الاختلافات الجزيئية

ووفقاً لويلشكو، درَّب فريقه «الذكاء الاصطناعي باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية للتمييز بين هذه الاختلافات الجزيئية».

وستغير هذه التكنولوجيا كيفية إجراء عمليات التحقق من الأصالة في الصناعات التي تعتمد تقليدياً على التفتيش اليدوي والحدس. وتهدف إلى رقمنة هذه العملية، وإضافة الاتساق والسرعة والدقة.

20 ثانية للتمييز بين المزيف والحقيقي

ويضيف أن آلة «أوسمو» تستغرق الآن نحو 20 ثانية للتمييز بين المنتج المزيف والحقيقي. وقريباً، كما يقول، ستقل الفترة إلى خمس ثوانٍ فقط. وفي النهاية، ستكون فورية تقريباً.

تم بناء أساس التقنية على سنوات من العمل المخبري باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية، كما يصفها ويلشكو، «بحجم غسالة الأطباق»، ويضيف: «تم تصميم أجهزة الاستشعار هذه لتكون حساسة مثل أنف الكلب، وقادرة على اكتشاف أضعف البصمات الكيميائية».

وتعمل هذه المستشعرات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتجمع باستمرار البيانات حول التركيب الكيميائي لكل شيء من البرقوق والخوخ إلى المنتجات المصنعة»، كما يوضح ويلشكو.

خريطة الرائحة الرئيسية

تشكل البيانات التي تم جمعها العمود الفقري لعملية تدريب الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، والتي تساعد في إنشاء فهم عالي الدقة للروائح المختلفة ومنحها موقعاً في نظام إحداثيات يسمى خريطة الرائحة الرئيسية.

إذا كنت على دراية بكيفية ترميز ألوان الصورة في الصور الرقمية، فان الطريقة تعمل بشكل مماثل. إذ تقريباً، يتوافق لون البكسل مع مكان على خريطة RGB، وهي نقطة في مساحة ثلاثية الأبعاد بها إحداثيات حمراء وخضراء وزرقاء.

تعمل خريطة الرائحة الرئيسية بشكل مشابه، باستثناء أن الإحداثيات في تلك المساحة تتنبأ بكيفية ورود رائحة مجموعات معينة من الجزيئات في العالم الحقيقي. يقول ويلشكو إن هذه الخريطة هي الصلصة السرية لشركة «أوسمو» لجعل الاختبار ممكناً في الوحدات المحمولة ذات أجهزة استشعار ذات دقة أقل وحساسة تقريباً مثل أنف الإنسان.

من المختبر إلى الأدوات اليومية

يقول ويلشكو إنه في حين أن أجهزة الاستشعار المحمولة أقل حساسية من وحدات المختبر، فإن البيانات المكثفة التي يتم جمعها باستخدام أجهزة الاستشعار عالية الدقة تجعل من الممكن إجراء اكتشاف فعال للرائحة. مثل الذكاء الاصطناعي لقياس الصورة القادر على استنتاج محتويات الصورة لإنشاء نسخة بدقة أعلى بناءً على مليارات الصور من نموذجه المدرب، فإن هذا يحدث بالطريقة نفسها مع الرائحة. تعدّ هذه القدرة على التكيف أمراً بالغ الأهمية للتطبيقات في العالم الحقيقي، حيث لا يكون نشر جهاز بحجم المختبر ممكناً.

من جهته، يشير روهينتون ميهتا، نائب الرئيس الأول للأجهزة والتصنيع في «أوسمو»، إلى أن مفتاح عملية التعريف لا يتعلق كثيراً بالروائح التي يمكننا إدراكها، لكن بالتركيب الكيميائي للكائن أو الشيء، وما يكمن تحته. ويقول: «الكثير من الأشياء التي نريد البحث عنها والتحقق من صحتها قد لا يكون لها حتى رائحة محسوسة. الأمر أشبه بمحاولة تحليل التركيب الكيميائي».

وهو يصف اختباراً تجريبياً أجرته الشركة مؤخراً مع شركة إعادة بيع أحذية رياضية كبيرة حقق معدل نجاح يزيد على 95 في المائة في التمييز بين الأحذية المزيفة والأحذية الحقيقية.

إلا أن الطريقة لا تعمل إلا مع الأشياء ذات الحجم الكبير، في الوقت الحالي. ولا يمكن للتكنولوجيا التحقق من صحة الأشياء النادرة جداً التي تم صنع ثلاثة منها فقط، مثلاً.

هذا لأنه، كما أخبرني ويلشكو، يتعلم الذكاء الاصطناعي باستخدام البيانات. لكي يتعلم رائحة طراز جديد معين من الأحذية، تحتاج إلى إعطائه نحو 10 أزواج من الأحذية الرياضية الحقيقية. في بعض الأحيان، تكون رائحة البصمة خافتة لدرجة أنه سيحتاج إلى 50 حذاءً رياضياً أصلياً ليتعلم الطراز الجديد.

خلق روائح جديدة

لا يشم مختبر «أوسمو» الأشياء التي صنعها آخرون فحسب، بل يخلق أيضاً روائح جديدة داخل الشركة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات نفسها. أظهر علماء الشركة كيف يعمل هذا بطريقة عملية خلال تجربة أطلقوا عليها اسم مشروع نقل الرائحة. لقد التقطوا رائحة باستخدام مطياف الكتلة للتفريق اللوني الغازي (GCMS)، الذي يحللها إلى مكوناتها الجزيئية ويحمل البيانات إلى السحابة. أصبحت هذه البيانات الملتقطة إحداثيات على خريطة الرائحة الرئيسية. بمجرد رسم الخريطة، يتم توجيه روبوت التركيب في مكان آخر لخلط عناصر مختلفة وفقاً لوصفة الرائحة، وإعادة إنشاء الرائحة الأصلية بشكل فعال.

رائحة مصنّعة لتعريف المنتجات

باستخدام تقنية تصنيع الرائحة نفسها، يتخيل ويلشكو أن «أوسمو» يمكن أن تدمج جزيئات عديمة الرائحة مباشرة في المنتجات بصفتها معرفاتٍ فريدة؛ مما يخلق توقيعاً غير مرئي لن يكون لدى المزورين أي طريقة لاكتشافه أو تكراره. فكر في هذا باعتباره ختماً غير مرئي للأصالة.

وتعمل شركة «أوسمو» على تطوير هذه العلامات الفريدة لتُدمج في مواد مثل الغراء أو حتى في القماش نفسه؛ ما يوفر مؤشراً سرياً لا لبس فيه على الأصالة.

هناك فرصة كبيرة هنا. وكما أخبرني ويلشكو، فإن صناعة الرياضة هي سوق بمليارات الدولارات، حيث أعلنت شركة «نايكي» وحدها عن إيرادات بلغت 60 مليار دولار في العام الماضي. ومع ذلك، تنتشر النسخ المقلدة من منتجاتها على نطاق واسع، حيث أفادت التقارير بأن 20 مليار دولار من السلع المقلدة تقطع هذه الإيرادات. وقد صادرت الجمارك وحماية الحدود الأميركية سلعاً مقلدة بقيمة مليار دولار فقط في العام الماضي في جميع قطاعات الصناعة، وليس فقط السلع الرياضية. ومن الواضح أن تقنية الرائحة هذه يمكن أن تصبح سلاحاً حاسماً لمحاربة المنتجات المقلدة، خصوصاً في أصعب الحالات، حيث تفشل الأساليب التقليدية، مثل فحص العلامات المرئية.

الرائحة هي مفتاح المستقبل

يرى ويلشكو أن النظام جزء من استراتيجية أوسع لرقمنة حاسة الشم - وهو مفهوم بدأ العمل عليه عند عمله في قسم أبحاث «غوغل». إن أساس النظام يكمن في مفهوم يسمى العلاقة بين البنية والرائحة. وتتلخص هذه العلاقة في التنبؤ برائحة الجزيء بناءً على بنيته الكيميائية، وكان مفتاح حل هذه المشكلة هو استخدام الشبكات العصبية البيانية.

إمكانات طبية لرصد الأمراض

إن الإمكانات الطبية لهذه التقنية هي تحويلية بالقدر نفسه. ويتصور ويلشكو أن النظام يمكن استخدامه للكشف المبكر عن الأمراض - مثل السرطان أو السكري أو حتى الحالات العصبية مثل مرض باركنسون - من خلال تحليل التغييرات الدقيقة في رائحة الجسم التي تسبق الأعراض غالباً.

لكنه يقول إنه حذّر بشأن موعد حدوث هذا التقدم؛ لأنه يجب على العلماء أن يحددوا أولاً العلامات الجزيئية لهذه الروائح قبل أن تتمكن الآلة من اكتشاف أمراض مختلفة. وتعمل الشركة بالفعل مع عدد من الباحثين في هذا المجال.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»