قرار أممي يحض على «التوزيع المنصف» للقاحات

مجلس الأمن يطالب بهدنة في الصراعات حول العالم لتوزيع الأمصال

جنوب أفريقيا تستقبل شحنة ثانية أمس من لقاح «جونسون آند جونسون» المكوّن من جرعة واحدة (أ.ف.ب)
جنوب أفريقيا تستقبل شحنة ثانية أمس من لقاح «جونسون آند جونسون» المكوّن من جرعة واحدة (أ.ف.ب)
TT

قرار أممي يحض على «التوزيع المنصف» للقاحات

جنوب أفريقيا تستقبل شحنة ثانية أمس من لقاح «جونسون آند جونسون» المكوّن من جرعة واحدة (أ.ف.ب)
جنوب أفريقيا تستقبل شحنة ثانية أمس من لقاح «جونسون آند جونسون» المكوّن من جرعة واحدة (أ.ف.ب)

تبنّى مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراراً أعدته بريطانيا يحضّ على التوزيع المنصف للقاحات المضادة لفيروس كورونا. ويدعو القرار، وهو الثاني في غضون عام الذي يتبّناه مجلس الأمن حول الجائحة، إلى التضامن، ووقف إطلاق النار في مختلف النزاعات الدائرة حول العالم، لتعزيز التصدي للفيروس وحملات التلقيح المضادة له.
وبدوره، أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس «أهمية التصويت لصالح التوزيع المنصف للقاحات»، مبدياً ارتياح المنظمة حيال هذا التطوّر. إلا أنه شدد على ضرورة اتّخاذ «تدابير ملموسة، على غرار التنازل عن الملكية الفكرية لبراءات الاختراع من أجل تعزيز الإنتاج، والتغطية اللقاحية، والقضاء على هذا الفيروس بأسرع ما يمكن».
وفي واقعة نادراً ما تشهدها الأمم المتحدة، حظي القرار -وفق المصادر الدبلوماسية- بإجماع ممثلي الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن. وقال دبلوماسي لوكالة الصحافة الفرنسية: «نبذل كل ما بوسعنا للتصدي لتهديد مشترك، لجائحة مشتركة»، مشدداً على «ضرورة التنسيق الدولي والعمل المشترك»، معتبراً أن «هذا القرار قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح».
وبعد مفاوضات استمرت أسبوعاً، يشكل القرار منعطفاً للمجتمع الدولي نحو وحدة صف لطالما كانت مفقودة منذ بدء الجائحة قبل عام، وهو يترجم أيضاً عودة الدفء للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين منذ وصول الديمقراطي جو بايدن إلى سدة الرئاسة الأميركية، وإن لا تزال هناك مسائل معقدّة، على غرار منشأ الفيروس ومسألة الشفافية، حيث قال دبلوماسي في نيويورك إنه «بفضل التغيّرات التي حصلت في الولايات المتحدة، لم تعد هذه المسألة اليوم مثيرة للجدل بالقدر نفسه، قياساً بالربيع الماضي»، وبالنسبة إلى ديمومة وحدة الصف هذه قال الدبلوماسي: «سنرى».
والعام الماضي، استغرقت فرنسا وتونس أكثر من 3 أشهر لتمرير قرار في مجلس الأمن يدعو إلى هدنة عالمية، في ظل خصومة متفاقمة بين الولايات المتحدة والصين أعاقت التبني السريع لأي قرار. والقرار الذي تم تبنّيه مساء أول من أمس (الجمعة) «يشدد على الضرورة الملحة للتضامن والإنصاف والفاعلية، ويدعو الدول المتطورة وكل جهة قادرة على منح جرعات لقاحية إلى الدول المنخفضة أو المتوسطة الدخل أو المحتاجة للمضي قدماً في التوزيع المنصف للمنتجات الصحية المضادة لـ(كوفيد-19». كذلك يدعو المجلس إلى «تعزيز المقاربات الوطنية المتعددة الأطراف والتعاون الدولي (...) بغية تسهيل التوزيع المنصف، وبتكلفة معقولة، للقاحات المضادة لـ(كوفيد-19) في حالات النزاع المسلح، وحالات ما بعد النزاع المسلح والحالات الإنسانية الطارئة والمعقّدة».
ومن جهة أخرى، يفرض القرار على «كل الأطراف المنخرطة في نزاعات مسلحة التقيّد فوراً بهدنة إنسانية دائمة»، من شأنها «تسهيل تسليم اللقاحات وتوزيعها بطريقة منصفة آمنة، من دون معوقات في المناطق التي تشهد نزاعاً مسلحاً». ويدعو المجلس الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى المضي قدماً وبانتظام في «إجراء تقييم كامل للمعوقات التي تعترض الحصول على اللقاحات». كما يدعو الدول الأعضاء في المنظمة إلى اتّخاذ «تدابير لتجنّب المضاربة والتخزين غير المشروع اللذين يمكن أن يعيقا الحصول على لقاحات آمنة فاعلة، خصوصاً في حالات النزاع المسلّح». وطالب مجلس الأمن جميع أطراف النزاعات المسلحة حول العالم بالانخراط فوراً في «هدنة إنسانية راسخة شاملة مستمرة» للسماح بتوزيع اللقاحات المضادة لـ«كوفيد-19».
وقالت باربرا وودوارد، مندوبة المملكة المتحدة الدائمة لدى المنظمة الدولية، إن القرار من شأنه أن يسهم في حصول 160 مليوناً على اللقاحات في المناطق المتضررة من الصراعات أو المهجرين بسببها. وعبر المجلس في القرار عن نيته مراجعة أوضاع بعينها أثارها الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريش، حيث تواجه فيها عملية التطعيمات بلقاح «كوفيد-19» معوقات. ومنذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2019، تسببت الجائحة في أكثر من 2.5 مليون وفاة في العالم.


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».