عشرات من جرحى الثورة التونسية يتحدّون مسيرة «النهضة» للمطالبة بحقوقهم

تحدى العشرات من المعتصمين من جرحى الثورة التونسية وأهاليهم المسيرة الضخمة لحركة «النهضة» الإسلامية، اليوم (السبت)، ونزلوا إلى الشارع الرئيسي وسط العاصمة للمطالبة بنشر القائمة الرسمية
المتأخرة للمتضررين والضحايا الذين سقطوا برصاص الأمن، خلال الاحتجاجات التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، قبل عشر سنوات، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
ووقف جرحى الثورة على بُعد نحو 200 متر من تجمع حاشد لأنصار حركة «النهضة» في شارع محمد الخامس، حيث نصب الحزب الأكبر في البلاد منصة ألقى من فوقها زعيم الحركة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، كلمة أمام الجموع التي قَدِمت لدعم البرلمان في ظل أزمة سياسية ودستورية تعصف بالبلاد.
وتجمع العشرات من الجرحى وبعضهم يتوكأ على عصا والبعض الآخر على كرسيّ متحرك، في الجزء المفتوح من شارع «الحبيب بورقيبة» الرئيسي الذي حظرت الشرطة التظاهر فيه وأغلقت أغلب مداخله، وتفصلهم حواجز حديدية وعدد كبير من رجال الشرطة للحيلولة دون تقدمهم إلى تجمع حزب حركة «النهضة» في شارع «محمد الخامس» على الجهة المقابلة.
وردد المحتجون الغاضبون شعارات مناوئة لراشد الغنوشي، وحمل جريح على كرسي متحرك لافتة كُتب عليها «تسقط شرعيتهم المزيفة أمام دماء جرحى الثورة وشهدائها»، وحمل جريح آخر لافتة مكتوب عليها «الثورة مستمرة».
وقال مسلم قصد الله الذي فقد رجله في أحداث الثورة، وسط نفر من النشطاء: «نحن هنا يحرّكنا دافع الدم، قدمنا لهم الديمقراطية بفضل هؤلاء (الجرحى) فبماذا يحتفلون اليوم؟ نحن هنا نمثّل الجرحى والشهداء ونطالب بتطبيق القانون وإلا فنحن مستعدون لإكمال الثورة».
ويطالب المحتجون منذ سنوات أساساً بنشر القائمة الرسمية التي تحمل أسماء الجرحى والضحايا الذين تُوفوا في أثناء قمع الشرطة لأحداث الثورة في نهاية 2010 وبداية 2011.
وسيسمح نشر القائمة في الجريدة الرسمية بحصول المتضررين وأهاليهم على التعويضات المستحقة والمتأخرة لا سيما أن أغلبهم ينحدر من عائلات فقيرة.
وتطلب تحديد القائمة من لجنة مختصة سنوات من التدقيق والبحث قبل اعتبار نحو 100 شهيد و600 جريح رسمياً من بين ضحايا أعمال القمع في الاحتجاجات.
وكان يُفترض نشر القائمة بعد تأجيلها لأكثر من مرة في الذكرى العاشرة لسقوط حكم ابن علي يوم 14 يناير (كانون الثاني)، ولكن جرى تأجيلها مرة أخرى شهراً، ويعتصم نحو 30 جريحاً في مقر الهيئة.
وقال وائل قرافي الذي يقف على قدم واحدة وسط الوقفة الاحتجاجية: «نزلنا إلى الشارع بشكل قانوني، لم نحصل على دعم من الأحزاب أو تمويل، نطالب بتطبيق القانون وحقوقنا من هؤلاء. نشر القائمة سيعني أن الدولة تعترف بثورة حصلت في هذا البلد وأن هناك مَن ضحّى بدمه».
فقد قرافي رجله برصاص الأمن في الاحتجاجات التي شهدتها القصرين غرب تونس في يناير 2011، وهو يعتصم في العاصمة مع نحو 30 آخرين من الجرحى، الذين قَدِموا من مناطق فقيرة من عدة ولايات. وقال إنهم لن يفكّوا الاعتصام قبل نشر القائمة.
وأردف بغضب: «كانوا في السجون (السياسيون) وخرجوا للانتقام من الشعب... تسببوا في تسفير الكثير من الشباب إلى مناطق النزاعات ووفاة الكثيرين في البحر غرقاً والزج بكثير منهم في السجون. لقد أحرقوا الثورة والبلد».
وقدمت الدولة دفعات مالية من التعويضات ولكنّ المحتجين الذين بدأوا اعتصاماً مفتوحاً منذ أكثر من شهرين في «مقر الهيئة العامة للمقاومين وشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية» التابعة لرئاسة الحكومة، يطلبون تأمين حياتهم الاجتماعية المتدهورة اليوم بسبب العاهات الجسدية الملازمة لهم والتي أقعدتهم عن العمل.