عمرو موسى لـ الشرق الأوسط: كل أوصاف الرئيس حاليا تنطبق على السيسي

رئيس لجنة الخمسين يرى أن الدستور الجديد يستوعب الجميع ولا يستثني أحدا

عمرو موسى
عمرو موسى
TT

عمرو موسى لـ الشرق الأوسط: كل أوصاف الرئيس حاليا تنطبق على السيسي

عمرو موسى
عمرو موسى

أكد عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، رئيس لجنة الخمسين التي وضعت دستور مصر الجديد، أن كل أوصاف الرئيس تنطبق حاليا على المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، لافتا إلى أن أهمها «ثقة الناس، ورغبتهم في ترشحه كرئيس». وحدد موسى أوليات الرئيس في الانتهاء من خارطة الطريق وبدء إعادة بناء مصر، وتوجيهها نحو المستقبل، عبر خطة واضحة سياسيا واقتصاديا، تستعيد من خلالها قوتها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
وأعرب موسي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن أمله في عودة مصر لدورها الأفريقي الرائد، وأن ينتهي قرار تجميد أنشطتها في الاتحاد الأفريقي، مشيرا إلى أن تنفيذ خارطة الطريق التي أقرها الجيش بالتوافق مع قوى مدنية وسياسية بعد ثورة 30 يونيو (حزيران)، التي أطاحت بحكم الإخوان، من شأنه أن يسهم في تسريع هذه العودة، وإيجاد الفرص لبناء تعاون ينهي كل الخلافات السياسية، بين مصر والاتحاد الأفريقي.
وحول تخطي دعوة مصر إلى القمة الأفريقية التي تعقد حاليا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قال موسى إن «أفريقيا دون مصر تخسر، ومصر دون أفريقيا تخسر أيضا، ولا بد من مضاعفة الجهد لإنهاء هذا الموضوع واستعادة مصر لفعاليتها في القارة وفي الاتحاد الأفريقي»، مؤكدا أنه يشعر بالأسى لأن مصر لم تدع لهذه القمة.
وأضاف موسى أن «لدينا دبلوماسية نشطة جدا، إنما المطلوب أيضا الدبلوماسية الاقتصادية والعودة إلى الأسواق الأفريقية وخلق المصالح المشتركة بين مصر ودول أفريقيا، لأن المصالح الاقتصادية مثل عنصر الأسمنت في البناء، خاصة التي تعود على مختلف الأطراف بالفوائد. وهذه المرحلة تقتضي ألا يكون العمل دبلوماسيا فقط، وإنما عمل استثماري كبير. ومصر لديها من رجال الأعمال من لديهم القدرة والمعرفة بأفريقيا، والأسواق الأفريقية ثرية وواعدة ويمكن أن تستوعب الكثير من الاستثمارات والتجارة».
وأوضح موسى أنه يجب على مصر أن ترسم سياسة جديدة للتعاون مع أفريقيا، منها المشروعات الزراعية التي تسهم في الأمن الغذائي والمشروعات التي تسهم في علاج مشاكل المياه، والمشروعات الاقتصادية التي تعود على كل الأطراف بالمصالح المتبادلة، مؤكدا أن هذا هو الأساس الذي يبنى عليه عمل سياسي ودبلوماسي قوي.
كما أشار موسى إلى أن موضوع سد النهضة يتطلب عملا دبلوماسيا قويا جدا، وأيضا عملا طويل المدى، لا يتعلق فقط بموضوع سد النهضة بقدر تناوله لمجمل العلاقات بين مصر وإثيوبيا، وكذلك السودان التي يمكن أن تؤثر في خلق جو من حسن النوايا والرضا المشترك عن هذه المشروعات.
وحول التوقيت الحساس والدقيق الذي تعيشه مصر خلال المرحلة الانتقالية، وتأثير ذلك على تعاطيها مع الملفات التي تطرح عليها، قال موسى: «للأسف مصر الضعيفة حاليا مصالحها الحيوية مهددة، لأن هذه المصالح يمكن أن تصطدم بمصالح حيوية أخرى. لكن في جو قوة العلاقة وقوة الدول الأطراف يمكن الوصول إلى حلول ترضي الجميع، أما إذا أصيب أحد الأطراف بضعف، فتكون حقوقه أقل من حيث إمكانية تحقيقها، ونحن نقر ونعترف بأن ضعف مصر يؤثر في مصالحها الحيوية، وعلى رأسها المياه».
وحول آليات وضمانات تنفيذ الدستور الجديد، وترجمته إلى واقع فعلي، قال رئيس لجنة الخمسين إن «ذلك يجري من خلال الديمقراطية والبرلمان، وعندما ننتخب الرئيس والبرلمان مع قيام كل هذه المؤسسات بواجباتها ومسؤولياتها، يعني أنها تعمل في إطار الدستور. والضمانات لتنفيذ الدستور هي العملية الديمقراطية - كما أسلفت - والتي تلعب دورها من خلال مؤسسات تعمل وفق الدستور».
وعما إذا كان وضع الاقتصاد المصري، والافتقار إلى وجود ميزانية كبيرة سيحول دون تنفيذ مطالب المواطنين من صحة وتعليم ومسكن وخلافه، أوضح موسى أنه «إذا عولج موضوع الفساد والهدر وسوء الإدارة والاستخدام الأمثل للموارد يكون لدينا ما يكفي»، لافتا إلى أن الحكومة أعطيت مهلة ثلاث سنوات حتى يجري البدء في التنفيذ الكامل لهذه النصوص الخاصة بالنسب المقترحة من الدخل القومي المصري لتغطية نفقات التعليم والصحة.
وفي سؤال عن مواصفات الرئيس المصري المقبل في تقديره، قال موسي إن المواصفات حاليا تنطبق على المشير عبد الفتاح السيسي، وأهمها ثقة الناس ورغبتها في ترشحه كرئيس. وتساءل موسى: «فلماذا نضع مواصفات جديدة والناس تؤيد انتخاب المشير السيسي كما هو واضح للجميع؟».
وعن الأولويات والمهام الملحة المطروحة على الرئيس الجديد، قال موسى إنها تتلخص في الانتهاء من خارطة الطريق وبدء إعادة بناء مصر، ووضعها على الطريق نحو المستقبل، مؤكدا أنه بمجرد أن يحدث هذا عبر خطة واضحة سياسيا واقتصاديا، سيكون في هذا مؤشرات عودة مصر إلى قوتها، وليس الوصول إلى المحطة النهائية. مؤكدا أنه «بمجرد الوصول للمحطة الأولى وظهور جدية المجتمع المصري وكل مؤسسات الدولة، فهذا يعالج الخلل في مصر ويفتح الأبواب لإصلاح داخلي وعودة إقليمية ودولية».
وعما إذا كان يخشى على خارطة المستقبل في مصر، قال موسى إن الجدية في مصر هي الضمان الواضح لإنقاذ البلاد من كل هذه المؤامرات، ولا يهمني الخارج بقدر ما يهمني الداخل، والذي من المفروض أن يقوى ويتدعم، وهذا هو الضمانة الأساسية والحقيقية للوقوف في وجه أي تخريب.
وأشار موسى إلى أن المعالجة الأمنية تواجه العنف والإرهاب وإسالة الدماء، والمواجهة السياسية هي مواجهة المشكلة برمتها، ولدينا حاليا الدستور الذي لم يقص أحدا ولم يستبعد أحدا، وهو دستور الجميع سواء كان منتميا إلى تيار إسلامي أو علماني أو تيار وطني، وعلى الجميع أن يستفيد من هذا الدستور وأن يعود الكل إلى موقعه لخدمة مصر.
وحول توقعه لنجاح الشباب في خوض الانتخابات البرلمانية المرتقبة. قال موسى: «أتوقع ذلك، وسعيد أن عددا كبيرا من الشباب يستعد من الآن للترشح للبرلمان».
وعلق عمرو موسى على التدخلات الخارجية في الشأن المصري، خاصة من جانب قطر وإيران وتركيا، قائلا إن العالم الآن أصبح منفتحا على بعضه، وضروري أن نتوقع مثل هذه السياسات سواء مؤيدة أو معارضة، والمهم أن نعالج الأمور برصانة. مؤكدا أنه ضد التجريح الشخصي، وأن هذه المعارك السياسية يمكن أن تعالج عن طريق الجامعة العربية أو مجلس التعاون الخليجي أو ثنائيا، ومن الأهمية بمكان أن نرتفع بمستوى نزاع عربي نتعامل معه برصانة وكفاءة ودون شخصنة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.