القضاء المصري يخصص دوائر جنائية جديدة لمحاكمة المتهمين بالإرهاب

تنظر في جرائم العنف والتخابر والإضرار بأمن الدولة

القضاء المصري يخصص دوائر جنائية جديدة لمحاكمة المتهمين بالإرهاب
TT

القضاء المصري يخصص دوائر جنائية جديدة لمحاكمة المتهمين بالإرهاب

القضاء المصري يخصص دوائر جنائية جديدة لمحاكمة المتهمين بالإرهاب

عقب أيام من تأكيدات الرئيس المصري المستشار عدلي منصور في خطابه الأخير على اتخاذ خطوات قضائية حاسمة في إطار مواجهة الإرهاب، ومناشدته رئيس محكمة الاستئناف بسرعة اتخاذ هذه الإجراءات. قرر المستشار نبيل صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة، تخصيص تسع دوائر من محاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة، تتفرغ لنظر القضايا الجنائية المتعلقة بالإرهاب.
وتختص تلك المحاكم بنظر القضايا التي يكون المتهمون فيها ارتكبوا جرائم التخابر والجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج، وكذلك الجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل بما فيها تشكيل والانضمام للجماعات الإرهابية التي تمارس أعمال القتل والعنف ضد الأشخاص وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، وكذا جرائم الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، والتظاهر بغير ترخيص والتجمهر، والاتفاق على هذه الجرائم والتحريض عليها والاشتراك فيها والترويج لتغيير مبادئ الدستور، وحيازة وإحراز واستعمال المفرقعات والمتفجرات.
وتأتي هذه الخطوة بعدما أثار تراكم هذه القضايا والإرجاء المتكرر للبت فيها، ضغوطا وأسئلة كثيرة في الشارع المصري تطالب بسرعة البت فيها. خاصة وأنه ينضوي تحت مظلتها القانونية عدد كبير من قيادات الإخوان المسلمين والموالين لهم، وعلى رأسهم الرئيس السابق محمد مرسي.
وقال المستشار مدحت إدريس، رئيس المكتب الفني بمحكمة استئناف القاهرة، في تصريح له إن هذه الدوائر سوف تبدأ عملها اعتبارا من غد، أول فبراير (شباط)، مباشرة، وستتفرغ لنظر هذه القضايا دون التقيد بمواعيد أدوار انعقادها بحيث تواصل نظرها دون انقطاع حتى الفصل فيها.
وعلى صعيد الدور الأمني في مطاردة العناصر التي تعد إرهابية والبؤر الإجرامية التي تنشط فيها، قال المتحدث العسكري الرسمي «إنه وردت معلومات لقوات التأمين بشمال سيناء صباح أمس تفيد بأن جماعة أنصار بيت المقدس الموالية لتنظيم الإخوان الإرهابي تخطط لاستخدام عربات مفخخة ضد قوات الجيش والشرطة بمدن الشيخ زويد والعريش، وعلى أثر ذلك قامت العناصر الخاصة من الجيش الثاني بتمشيط المناطق المذكورة».
وأوضح العقيد أركان حرب أحمد محمد علي أنه «لوحظ اقتراب عربة (فنطاس/ خزان مياه) حمراء اللون بسرعة شديدة في اتجاه تجمع للقوات، فجرى التعامل معها، وخلال محاولتها الفرار جرى تدميرها، مما أدى إلى حدوث انفجار هائل نتيجة لاحتوائها على كمية كبيرة من المتفجرات».
وأشار إلى أن القوات رصدت أيضا وقوف سيارة خاصة بنية اللون على أحد جانبي الطريق بالقرب من أحد المعسكرات في مدينة العريش، فجرى التعامل معها عن بعد، مما أحدث موجة انفجارية شديدة لما تحتويه من مواد شديدة الانفجار.
وأضاف المتحدث الرسمي أن أحد العناصر المتورطة في قتل 16 جنديا بنقطة حرس الحدود برفح في أغسطس (آب) 2012، كان من بين السبعة المتشددين الموالين لجماعة الإخوان المسلمين الذين أعلن عن قتلهم أول من أمس (الأربعاء)، في قصف جوي قامت به القوات المسلحة لمنزل أحدهم جنوب الشيخ زويد.
وأوضح أن القصف أسفر أيضا عن تدمير عربة مجهزة برشاش مضاد للطائرات عيار 14.5 مليمتر، إلى جانب عربتين مستخدمتين في تنفيذ الهجمات الإرهابية ضد القوات المسلحة والشرطة.
وفي مدينة المنيا بصعيد مصر، قام عدد من العناصر الإرهابية فجر أمس بتفجير سيارة المقدم عمرو حسن رئيس مباحث المنيا، وذلك أثناء توقفها أسفل مسكنه، انتقاما منه لجهوده في ضبط عدد كبير من المتهمين في قضايا اقتحام وحرق منشآت وتنظيم مظاهرات، حيث كان قد سبق تكريمه أكثر من مرة من القيادات الأمنية بالمحافظة.
وقامت هذه العناصر بوضع خمس قنابل مولوتوف (زجاجات السوائل الحارقة) وعبوة بدائية الصنع أسفل السيارة، مما أدى إلى انفجار العبوة واشتعال النيران واحتراق السيارة بالكامل، وسط حالة من الذعر انتابت سكان المنطقة.
وحرر الضابط محضرا اتهم فيه عناصر الإخوان، والذين سبق وأن قام بعضهم بإلقاء زجاجات المولوتوف على شقته، مما أدى إلى احتراق شقة أحد جيرانه، فيما تكثف أجهزة الأمن جهودها لضبط الجناة الهاربين.
وفي سياق متصل، قررت النيابة العامة بالإسكندرية حبس ثلاثة من عناصر جماعة الإخوان 15 يوما على ذمة التحقيقات، واتهامهم بالتحريض على العنف والتظاهر وتعطيل المواصلات العامة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.