علي ناصر محمد لـ«الشرق الأوسط»: الحل في اليمن.. دولة اتحادية من إقليمين

مصدر في الحوار بصنعاء: الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي «مؤقت» وحكومة وحدة وطنية.. بشروط

علي محمد ناصر
علي محمد ناصر
TT

علي ناصر محمد لـ«الشرق الأوسط»: الحل في اليمن.. دولة اتحادية من إقليمين

علي محمد ناصر
علي محمد ناصر

استؤنفت، مساء أمس، في صنعاء المشاورات بين القوى السياسية اليمنية بشأن التوصل لحل للأزمة القائمة في البلاد منذ أن اجتاح الحوثيون العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية يمنية مطلعة أن هناك اتفاقا شبه نهائي بين القوى السياسية على تشكيل مجلس رئاسي لإدارة البلاد، الأمر الذي يعني طي صفحة الرئيس الانتقالي المستقيل، عبد ربه منصور هادي، وتوقعت المصادر عدم انخراط بعض القوى في التسوية السياسية الجديدة التي ما زالت بحاجة إلى مزيد من الوقت لتصاغ بشكل نهائي.
وقال أحد المشاركين في المفاوضات، التي يرعاها المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر في صنعاء، إن النقاشات تكاد تنحصر في موضوع تشكيل مجلس رئاسي لإدارة البلاد، وإن المفاوضات تجري، حاليا، لتحديد عدد أعضاء المجلس الرئاسي ومن ثم الانتقال إلى مناقشة الأسماء، مشيرا إلى أن الأسماء التي يتم تداولها في وسائل الإعلام، لم تُطرح رسميا على طاولة النقاشات، وقال عبد العزيز جباري، أمين عام حزب العدالة والبناء لـ«الشرق الأوسط» إنه «يمكن أن ننجز اتفاقا نهائيا بعد أن سلمنا بالمجلس الرئاسي المؤقت، وموضوع حسم عدد أعضاء المجلس أمر سهل، أما صلاحيات المجلس فستكون هي نفس صلاحيات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في الدستور»، وأشار جباري إلى أن المدة المقترحة للمجلس الرئاسي عامان، وأن على أعضاء المجلس تأدية اليمين الدستورية أمام مجلس النواب (البرلمان)، كما أشار جباري إلى أنه «ستكون أمام مجلس الرئاسة مهام محددة ومزمنة، من بينها إنجاز مسودة أو مشروع الدستور الجديد والسجل الانتخابي وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية»، وفيما يتعلق بالحكومة، قال جباري لـ«الشرق الأوسط» إنه «تم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية على أن يتم التوافق على اسم رئيسها، وما زال الجدل قائما حول حجم تمثيل المكونات في الحكومة؛ فهناك من يطرح على أساس أن تمثل جميع المكونات بالتساوي، وهناك من يطرح أن تستأثر المكونات الكبيرة بنصيب الأسد».
وقال القيادي في حزب العدالة والبناء ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» بشأن إعلان الحوثيين أنهم سيعملون على سد فراغ السلطة خلال أيام، إن لم تتوافق القوى السياسية، فإن «الحوثيين يمارسون نوعا من الضغط على القوى السياسية المتحاورة»، وفي نقطة غاية في الأهمية، أشار جباري إلى أن «الجميع متفقون على ضرورة وجود ضمانات لتنفيذ أي اتفاق أو خيار، وهذه الضمانات تتمثل في قبول الحوثيين بالانسحاب من العاصمة صنعاء والمحافظات، وأن تقوم أجهزة الدولة بعملها بشكل طبيعي».
من ناحية ثانية، تتداول الأوساط السياسية في الساحة اليمنية عددا من الأسماء البارزة والمرشحة لرئاسة مجلس الرئاسة المؤقت، ومن أبرز هذه الأسماء الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد المقيم خارج اليمن منذ قرابة 25 عاما، وقال ناصر، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» من مقر إقامته بالقاهرة، إنه لم يبلغ رسميا بأنه تم التوافق واختياره رئيسا للمجلس الرئاسي، وأوضح أن الاجتماعات التشاورية في صنعاء ما زالت منعقدة لاختيار أعضاء المجلس الرئاسي من 5 إلى 7 أشخاص، وشدد على أهمية قبول كل القوى السياسية في الشمال والجنوب للحل الدائم الذي اقترحه ناصر من أجل إنهاء أزمة اليمن بشكل شامل، وقال إن «كلا من الشمال والجنوب لديه مشاكل، ويجب التعامل معها في إطار حل شامل أي دولة اتحادية من إقليمين وفق نتائج اجتماع القاهرة في عام 2011»، وردا على سؤال حول قبوله المنصب المرشح له، أكد الرئيس الجنوبي الأسبق أن قبوله بذلك «يرتبط بموافقة صنعاء على الحل الذي طرحته، ومن ثم يمكن عرضه على القوى السياسية في الجنوب، خاصة أن هناك أكثر من موقف؛ فهناك من هم مع الانفصال، وآخرون مع فك الارتباط»، وأضاف الرئيس علي ناصر: «لم ننفرد بالقرار ولن أبحث عن سلطة، وإنما عن حل شامل لازمات اليمن المستمرة منذ عام 1994»، وأردف: «لم أطرح شروطا، وإنما نريد أن يخرج الجميع من المأزق عبر الحل الشامل»، في إشارة واضحة إلى قبوله بتولي مهام رئاسة المجلس الرئاسي المؤقت، ولكن وفقا لما يضمن خروج البلاد من أزماتها.
وخلال الساعات التي تلت تعليق المشاورات في صنعاء بين الأطراف والقوى السياسية اليمنية برعاية أممية، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر، مشاورات مكثفة مع عدد من السفراء الأجانب، في وقت متأخر من مساء أول من أمس، وذكرت المصادر أن بنعمر التقى عددا من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في صنعاء، بينهم سفراء الولايات المتحدة، فرنسا، روسيا، بريطانيا وجمهورية إيران الإسلامية، وحسب بيان صادر عن مكتب المبعوث الأممي، فإن «هذه اللقاءات تأتي في إطار المساعي الحميدة والمشاورات المكثفة التي يعقدها مساعد الأمين العام للأمين المتحدة ومستشاره الخاص لليمن، للمساعدة على إيجاد حل للأزمة السياسية التي يمر بها اليمن حاليا ولإحياء العملية السياسية الانتقالية»، وكشفت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» أن «المبعوث الأممي يحاول استخدام الورقة الدبلوماسية للضغط على طهران لإقناع الحوثيين بالتراجع عن الاندفاع الذي هم عليه الآن نحو السلطة والتعامل مع موضوع الشراكة على أسس توافقية، والتخلي، أيضا، عن منطق الاستقواء الذي يمارسونه ضد خصومهم السياسيين، من أجل التعايش في وطن واحد».
وكانت المشاورات أو الحوار الذي يشرف عليه بنعمر بين الحوثيين والقوى السياسية اليمنية الأخرى، علقت، مساء أول من أمس، بعد عدم التوصل إلى اتفاق نهائي، في الوقت الذي أعلنت فيه اللجان الثورية التابعة للحوثيين أنها ستعمل على سد الفراغ في السلطة في غضون الأيام القليلة المقبلة بصورة منفردة إذا لم تتوصل القوى السياسية إلى صيغة اتفاق ينهي الفراغ في السلطة، وتعصف الخلافات بالقوى السياسية في تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» بسبب مواقف متباينة ومتناقضة بشأن أمرين رئيسيين؛ الأول المتعلق بتمسك بعض الأحزاب بضرورة رفع المظاهر المسلحة من قبل الحوثيين قبل مناقشة أي اتفاق وأحزاب أخرى ترى ضرورة الاستمرار في الحوار، وقالت مصادر سياسية في صنعاء إن حزبي التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني انسحبا من الحوار الجاري في صنعاء بين القوى السياسية والحوثيين، من أجل التوصل لتسوية سياسية لسد الفراغ الدستوري في البلاد، المتمثل في استقالة رئيس الدولة والحكومة، وأشارت المصادر إلى رفض الحوثيين اتخاذ أي خطوات لتهيئة الأجواء، في وقت يعيش فيه الشارع اليمني على وقع انتظار مستجدات ما ستصل إليه البلاد في ظل الأزمة الراهنة.
من جانبه، قال الدكتور فارس السقاف، مستشار الرئيس اليمني المستقيل، عبد ربه منصور هادي، إن الحوثيين لا يرغبون في إدارة شؤون البلاد منفردين، وإن الأحزاب الأخرى المشاركة في الحوار تواجه ضغوطا من قواعدها الجماهيرية والشعبية والشبابية، على وجه الخصوص، من أجل إيقاف الحوار مع الحوثيين، مشيرا إلى أن الحوثيين «إذا لم يتمكنوا من التوصل إلى شراكة مع الأحزاب الأخرى التي يتحاورون معها الآن أو شراكة مع حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، فإنهم سيذهبون إلى قرارات انفرادية»، مؤكدا أن «جماعة الحوثي تدرك أن تلك القرارات الانفرادية ستكون مضرة بالبلاد بأكملها، والجميع سيتأثر بهذا العمل الانفرادي»، مؤكدا أن الرئيس عبد ربه منصور هادي باستقالته «وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وربما يدرك الكثير الآن أن الرئيس كان يمثل عامل توازن، وأنه كان بمقدوره، مع كل هذه التحديات والمصاعب، أن يدير البلاد وأن يجنبها الحرب»، مشيرا إلى أن «الخيار الأقل كلفة، هو عودة الرئيس عن استقالته»، وإلى أن «أميركا وبريطانيا وفرنسا ودول مجلس التعاون الخليجي إذا اتخذت موقفا واضحا، فسيكون بإمكانها إخراج اليمن من الأزمة التي تعيشها».
إلى ذلك، نفت الأمم المتحدة وقفها لمساعداتها التي تقدمها لليمن، وعبر الممثل المقيم للأمم المتحدة لدى اليمن عن «خيبة أمله»، جرّاء نشر التقارير الإعلامية التي نشرت، أخيرا، في هذا الاتجاه ونسبت لمصادر مجهولة، وقال ممثل الأمم المتحدة، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «الأمم المتحدة ماضية في الوفاء بالتزاماتها تجاه اليمن».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.