الدائرة تضيق على مطلقي الصواريخ في العراق

«الهدف الصحيح» يرسم ملامح استراتيجية بايدن

السفارة الأميركية في بغداد (أرشيفية - رويترز)
السفارة الأميركية في بغداد (أرشيفية - رويترز)
TT

الدائرة تضيق على مطلقي الصواريخ في العراق

السفارة الأميركية في بغداد (أرشيفية - رويترز)
السفارة الأميركية في بغداد (أرشيفية - رويترز)

بدأت الدائرة تضيق على مطلقي صواريخ الكاتيوشا على سفارة الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد. ففيما نفت الحكومة العراقية ولأول مرة وجود «مقاومة» في العراق واصفة عمليات إطلاق الصواريخ بـ«الإرهاب»، فإن الولايات المتحدة الأميركية وعلى لسان وزير دفاعها لويد أوستن، أكدت أنها تعرف ما تفعل وأن ضربتها فجر أمس (الجمعة)، على موقع حدودي بين العراق وسوريا كانت على «الهدف الصحيح»، على حد وصفه.
بغداد التي لم تكشف دائماً عن الجهات التي تطلق الصواريخ على المنطقة الخضراء وآخرها الصواريخ الأربعة التي طالت المنطقة الدولية في العشرين من شهر فبراير (شباط) الحالي تحتفظ بعدد من مطلقي الصواريخ ممن تم اعتقالهم في فترة سابقة، ولم تعلن نتائج التحقيق معهم حتى الآن. الورقة الرابحة التي يبدو أن بغداد تملكها مما يمكن أن يكون قدّمه المعتقلون من معلومات نجحت في عقد هدنة «هشة دائماً» بين الفصائل المسلحة التي تصنّف نفسها على أنها «مقاومة» وبين الأميركيين لكنها لم تستمر بعد تسلم الإدارة الأميركية الجديدة زمام الأمور في البيت الأبيض. فالتقديرات التي انطلقت منها تلك الفصائل أن بايدن سياسي ودبلوماسي ومخضرم وعاقل وهادئ وغير متعجل بعكس سلفه دونالد ترمب إن بالإمكان اختبار مكامن قوته بالتوجه شمالاً عبر قصف هدف بعيد عن السفارة الأميركية في الخضراء وهو مطار أربيل. غير أن دقة الضربة التي وُجهت إلى أربيل وأوقعت قتلى وجرحى جاءت بنتائج عكسية وإن لم يصدر رد فعل مباشر من الإدارة الأميركية.
وبعد خمسة أيام رأت نفس المجاميع أن تجرّب حظها ثانية لكن هذه المرة في عقر دار بايدن دبلوماسياً وسيادياً وهي السفارة الأميركية في قلب بغداد. وبينما خرجت بغداد ولأول مرة عن صمتها حيال توصيف ما يحصل في العراق بوصفه مقاومة، فإن إدارة بايدن من جانبها عبّرت عما تعتقده هدفاً صحيحاً وفي التوقيت المناسب ذلك الذي استهدف على الحدود السورية – العراقية، أمس.
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وفي تصريح متلفز له، قال إن «العراق دولة ديمقراطية ولا توجد فيها مقاومة، وإن مَن يطلق الصواريخ هم إرهابيون ويعملون ضد الحكومة والشعب العراقي». حسين وفي إطار توصيفه ما يجري ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك حيث قال إن «الحكومة العراقية دعت الأميركيين إلى مساعدتها».
تصريحات حسين هذه جاءت بعد أيام من قرار حلف الناتو زيادة عديد قواته بالعراق إلى نحو 4000 جندي مع توسيع مهامه، الأمر الذي أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن تأييده له. كما أنها تأتي بعد يومين من المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأميركي جو بايدن، مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والتي أكد فيها التزام إدارته بدعم العراق. وبينما أشاد بقيادة الكاظمي فإنه أكد استعداد إدارته بحث الحوار الاستراتيجي الذي ينظّم العلاقة بين البلدين.
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الذي سبق أن عمل في العراق ميدانياً بعد عام 2003 ورقص لعبة «الجوبي» الشهيرة في محافظة الأنبار غربي العراق يعد خبيراً في الملف العراقي. وفيما وجد أصدقاء واشنطن في العراق أن تعيين إنتوني بلينكن وزيراً للخارجية على أنه جزء من رغبة بايدن في إجراء حوار مع إيران بشأن ملفها النووي، وهو ما قرأته طهران وأذرعها في العراق والمنطقة على أنه ذهاب بعيد نحو الدبلوماسية بخلاف ما كانت عليه إدارة ترمب، فإن تعيين أوستن قوبل بقبول حسن من الأوساط المؤيدة لأميركا في العراق.
و يبدو أن أوستن هو مهندس ضربة أمس على الحدود العراقية - السورية التي من المتوقع أن تغيّر قواعد التعامل المستقبلي بين واشنطن والفصائل الموالية لإيران. فالإدارة الأميركية الجديدة لم تسكت فقط عن أن يكون لها رد فعل سريع وقوي، وطبقاً لما قاله أوستن، فإن العملية تمّت بناءً على نصيحة قدمها هو للرئيس بايدن وهو من وافق على الضربة، كما أن الضربة وُجهت إلى ما وصفه بـ«الهدف الصحيح». الأخطر أن وزارة الدفاع الأميركية قالت إن «الغارات الأخيرة نُفّذت استناداً إلى معلومات استخباراتية وفّرها الجانب العراقي، ضد جماعات مسلحة تدعمها إيران في شرق سوريا».
رئيس مركز التفكير السياسي في العراق الدكتور إحسان الشمري، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الضربة التي نفّذتها واشنطن ضد الفصائل المسلحة العراقية في سوريا «تأتي متزامنة مع تصريحات بايدن التي أشار فيها إلى ضرورة بقاء التفوق الأميركي وبالتالي فإن الضربات التي حصلت مؤخراً على أربيل ومن بعدها بأيام على السفارة في بغداد أحرجت بايدن بحيث بدا أنه يحتاج إلى فعل يمكن أن يعزز القناعة لدى الأميركيين بهذا التفوق». وأضاف الشمري أن «بايدن أراد أن يقول حتى لخصوم الولايات المتحدة مثل الصين وروسيا إن واشنطن لن تتراجع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه الحفاظ على المصالح الأميركية في أي منطقة في العالم»، مبيناً أن «بايدن يريد تشكيل صورة جديدة له في التعامل مع مختلف الملفات مع أنه ركز على الجانب الدبلوماسي لحل المشكلات». وأوضح الشمري أن «الضربة الأميركية لم تكن مفاجئة بل كانت متوقَّعة، غير أن إيران والفصائل الموالية لها ربما وحدهم لم يكونوا يتوقعون مثل هذا الرد أو معرفة حدوده بحيث إنهم اعتمدوا على إشارات خاطئة بأن بايدن حتى في حال تعرضت مصالح بلاده للتهديد فسوف يستمر في الخيار الدبلوماسي، والأهم أن العراق عاد إلى أولويات الإدارة الجديدة بعد أن كان قد تراجع في أثناء الحملة الانتخابية».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».