حراك حكومي مجتمعي بأسبوع «الإمارات تبتكر» لتصميم وتطوير المبادرات المستقبلية

يختتم أعماله اليوم ويسعى لإيجاد حلول للتحديات المقبلة

شاركت شرطة أبوظبي في أسبوع «الإمارات تبتكر» على شاشات البوابات الذكية في البلاد (وام)
شاركت شرطة أبوظبي في أسبوع «الإمارات تبتكر» على شاشات البوابات الذكية في البلاد (وام)
TT

حراك حكومي مجتمعي بأسبوع «الإمارات تبتكر» لتصميم وتطوير المبادرات المستقبلية

شاركت شرطة أبوظبي في أسبوع «الإمارات تبتكر» على شاشات البوابات الذكية في البلاد (وام)
شاركت شرطة أبوظبي في أسبوع «الإمارات تبتكر» على شاشات البوابات الذكية في البلاد (وام)

تختم الإمارات اليوم حدثها الوطني «الإمارات تبتكر 2021» الذي نظم في إمارات البلاد كافة على مدى أسبوع، وذلك بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية والمؤسسات الأكاديمية وشركات القطاع الخاص ومختلف فئات المجتمع، في مناسبة وطنية سنوية تحتفي بالابتكار وقصص النجاح في دولة الإمارات، وتستعرض الإنجازات والمشاريع المبتكرة في القطاعات كافة.
وتسعى الإمارات من خلال الحدث إلى ترسيخ ونشر ثقافة الابتكار، وتعزيز المشاركة المجتمعية في تصميم وتطوير التجارب والمبادرات المستقبلية، وهو يأتي هذا العام بالتزامن مع الاستعدادات للاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس البلاد.
ونظمت الحكومة مؤتمراً افتراضياً، بمشاركة وزراء ومسؤولين حكوميين، وخبراء ومتخصصين عالميين، لبحث سبل توظيف الابتكار في صناعة المستقبل، وآليات ترسيخه ثقافة مجتمعية وأولوية وطنية في تصميم المنهجيات الحكومية.
وشهد المؤتمر عقد جلسات تفاعلية وحوارية ركزت على 3 محاور رئيسية، تشمل القفزات النوعية واللامستحيل، وحكومة المستقبل، والاقتصاد المبتكر، تم تنظيمها بالاعتماد على نموذج هجين يجمع بين جلسات حوارية على أرض الواقع، وأخرى افتراضية عرضت عبر شاشة منصة رقمية في «إكسبو 2020 دبي».
وكرمت حكومة الإمارات في ختام أعمال المؤتمر 9 مبادرات أطلقتها جهات حكومية حصلت على جائزة «الإمارات تبتكر 2021» ضمن 6 فئات رئيسية احتفت بالمبادرات المبتكرة التي طبقتها الجهات الاتحادية والمحلية في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، والتي تم اختيارها بناء على 4 معايير رئيسية تركز على الحداثة، وقابلية التكرار في مختلف المجالات، والأثر الإيجابي على المجتمع، إضافة إلى سرعة التطبيق.
وقالت عهود الرومي، وزيرة الدولة للتطوير الحكومي والمستقبل، إن الابتكار يمثل محوراً أساسياً لعمل الحكومة، ومحركاً لجهودها ومبادراتها المستقبلية الهادفة لتحقيق أهداف البلاد وتعزيز ريادتها، وصولاً إلى المراكز الأولى عالمياً بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها.
وتطرقت وزيرة الدولة للتطوير الحكومي والمستقبل إلى أهمية الابتكار، بالاستفادة من البيانات الضخمة وتوظيفها في تطوير حلول غير مسبوقة، ودور الابتكار في الخدمات الاستباقية، وتعزيز الأتمتة الذكية والتحول الرقمي في تعزيز الإنتاجية والكفاءة في الجهات والمؤسسات، وما ستوفره من إمكانات كبيرة للمؤسسات في تطوير تجاربها، والابتكار القائم على علم التحفيز السلوكي الذي يعزز في بيئة العمل والمجتمع سلوكيات جديدة تعزز الكفاءة في استخدام الموارد.
ومن جهتها، قالت ريم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، خلال الجلسة الأولى «الطريق إلى إكسبو»، إن العالم واجه خلال العام الماضي تحدياً كبيراً نتيجة جائحة فيروس كورونا المستجد، ما أكد ضرورة تكاتف المجتمعات والحكومات لإعادة تصميم المستقبل، وتعزيز فرص العالم في الوصول إلى آفاق جديدة تحقق التقدم الإنساني للجميع، وتسهم في إعادة تشكيل ملامح العالم بناءً على التحديات الملحة نحو مستقبل ما بعد الجائحة.
وتابعت وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي أن «إكسبو 2020 دبي» اتخذ من «تواصل العقول وصنع المستقبل» شعاراً له، بالتركيز على 3 مفاهيم رئيسية شكّلت أبرز عوامل استمرارية الأعمال والخدمات خلال العام الماضي، هي: التنقل، والاستدامة، والفرص. وهي ذاتها العوامل التي تتمتع بها دولة الإمارات التي تحتضن 200 جنسية، تشجعهم على المشاركة بأفكارهم وابتكاراتهم، والاستثمار في مختلف المجالات، بما يضمن تطوير المجتمعات.
إلى ذلك، قالت سارة الأميري، وزيرة الدولة الإماراتية للتكنولوجيا المتقدمة، إن خطط استكشاف الفضاء، وضرورة تطوير برامج نقل المعرفة، وتصميم وبناء الأقمار الصناعية، كانت أسس إطلاق وتحقيق النجاح في مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ، ودخول «مسبار الأمل» في مدار الكوكب الأحمر.
وأكد البروفسور ميتشل وايس، أستاذ ريادة الأعمال الحكومية في كلية هارفرد للأعمال، في جلسة بعنوان «نحو تمكين المجتمعات»، أن على الحكومات أن تعزز قدراتها في استشراف المستقبل وتخيله، وأن تخوض مخاطرات مدروسة، وتبني الأفكار والتجارب مع اختبارها واختيار الأفضل منها، وأن تحرص على دعم الأفكار وتشجيعها، ومشاركة المجتمع في أفكاره ومقترحاته.
وأشار وايس إلى أهمية تبني أهداف مستقبلية لتمكين الحكومات من تحقيق قفزات نوعية في مختلف القطاعات التي تدعم تشكيل الحكومات المستقبلية، والاهتمام بالمواهب وأصحاب الأفكار الخلاقة والإبداعية والاستماع إلى مقترحاتهم، مبيناً أن جائحة فيروس كورونا المستجد أثبتت للعالم ضرورة طرح حلول جديدة مبتكرة سريعة، تتلاءم مع التحديات التي تفرزها الأزمات، وتواجهها بابتكارات ذات فاعلية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».