«أصيلة» المغربية تقيم حديقة تحمل اسم الكاتب والإعلامي عبد الكريم غلاب

بلديتها قررت إطلاق أسماء مثقفين على عدد من شوارعها وساحاتها من ضمنهم محمد شكري وثريا جبران

عبد الكريم غلاب لدى تكريمه في «أصيلة» عام 2012
عبد الكريم غلاب لدى تكريمه في «أصيلة» عام 2012
TT

«أصيلة» المغربية تقيم حديقة تحمل اسم الكاتب والإعلامي عبد الكريم غلاب

عبد الكريم غلاب لدى تكريمه في «أصيلة» عام 2012
عبد الكريم غلاب لدى تكريمه في «أصيلة» عام 2012

سيراً على عادتها في الاحتفاء بالكتاب والمثقفين، قرر مجلس بلدية أصيلة المغربية إقامة حديقة ثامنة تحمل اسم «عبد الكريم غلاب»، الكاتب والروائي والإعلامي المغربي الراحل.
وتقع الحديقة، التي بدأت، أخيراً، أشغال تهيئتها على مساحة تقارب ثلاثة آلاف متر مربع، قبالة «دار الصباح للتضامن» التي بُنيت على مساحة أربعة آلاف متر مربع كَهِبة من أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لتكون مركزاً ثقافياً واجتماعياً يساعد الضعاف والمحتاجين، وتوظَّف فضاءاته لمحاربة الأمية للكبار (نساءً ورجالاً)، وتعليم الشباب الدراسات الإعلامية الإلكترونية، واللغات، والعناية بالأطفال التوحديين، إلى جانب تقديم خدمات اجتماعية أخرى متنوعة.
وتوصف «أصيلة» بأكثر من لقب، بينها أنها «مدينة الفنون» و«عروس البحر» «ومدينة القلب» و«جنة الألوان». كما تُعرف بحدائقها التي أخذت أسماء عدد من رموز الثقافة والإبداع الأدبي، في المغرب والعالم العربي وأفريقيا.
ويرجع فضل تهيئة وتسمية هذه الحدائق إلى القائمين على تنظيم «موسم أصيلة الثقافي الدولي»، الذين عملوا على مدى دوراته السابقة على افتتاح هذه الحدائق، بشكل يمنح حدث تسمية حديقة أبعاداً ودلالات تكرس ثقافة الاعتراف والتقدير لمن أغرتهم أصيلة وفتنتهم حتى هاموا بها، فضلاً عن غرس قيم الجمال لدى أجيال الغد من أبناء المدينة.
ولعل من الملاحظات الجميلة التي تستوقف زائر أصيلة أن تتجاور، ضمن مساحات متقاربة، حدائق بأسماء عدد من كبار الأدب والفن والثقافة، الذين مروا من أصيلة، للمشاركة في فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي منذ انطلاقه عام 1978 باستثناء محمد عابد الجابري، فارتبطت بهم المدينة في «علاقة نادرة بين المكان والزمان». يتعلق الأمر بسبع حدائق تحمل أسماء: الشاعر الفلسطيني محمود درويش، والروائي السوداني الطيب صالح، والشاعر العراقي بلند الحيدري، والمفكر المغربي محمد عابد الجابري، والقاصّ والشاعر المغربي أحمد عبد السلام البقالي، والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي، والشاعر الكونغولي تشيكايا أوتامسي.
وسبق لموسم أصيلة الثقافي الدولي، في دورته الـ33 عام 2011 أن كرّم غلاب، الذي توفي في 14 أغسطس (آب) 2017، وأصدرت له «مؤسسة منتدى أصيلة»، بالمناسبة، كتاباً، بعنوان «عبد الكريم غلاب: الإنسان والأديب».
ومن المنتظر أن تضم «حديقة عبد الكريم غلاب»، في جزء منها، فضاءً لمختلف ألعاب الأطفال وتلاقي الأسر، كما ستقام بها مكتبة صغيرة للأطفال.
وتعتزم بلدية أصيلة تعميم مثل هذه الفضاءات في الأحياء الشعبية الأخرى التي جرى تأهيلها أخيراً، حيث رُصفت الطرقات والأرصفة، وجرى تجديد شبكات الإنارة العامة والصرف الصحي، وكذلك صرف مياه الأمطار.
وقررت بلدية المدينة، في دورتها الخريفية، إطلاق أسماء شخصيات ثقافية وفنية وفكرية على شوارع وميادين في المدينة، بينهم الفنانة والوزيرة المغربية الراحلة ثريا جبران، والكاتبة والباحثة المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي، والكاتب الروائي المغربي الراحل محمد شكري، والفنان التشكيلي المغربي الراحل ميلود الأبيض. كما قررت إطلاق اسم الكاتب المصري الراحل جميل عطية إبراهيم على زقاق بالقرب من ثانوية الإمام الأصيلي. وكان جميل عطية قد درس بأصيلة في بداية سبعينات القرن الماضي، وكتب عن هذه التجربة رواية «أصيلا».
وقال محمد بن عيسى، رئيس مجلس بلدية أصيلة، إن مستشاري المجلس يتباحثون حالياً بشأن الفضاء أو المؤسسة التي ستحمل اسم الفنان التشكيلي المغربي الراحل، ابن أصيلة، محمد المليحي.
كما تعتزم بلدية المدينة تكريم عدد من الرواد الذين شاركوا في مواسم أصيلة الثقافية الدولية منذ بدايتها، وإطلاق أسمائهم على شوارعها وساحاتها. ويتعلق الأمر بالمفكر والباحث الفرنسي من أصل جزائري، الراحل محمد أركون، والكاتب الفلسطيني الراحل إميل حبيبي وغيرهما.
ويمكن القول إن الشهادات المنشورة لعدد من مثقفي العالم، الذين شاركوا في فعاليات موسم أصيلة، منذ إطلاقه، تلخص تلك العلاقة الدافئة التي جمعتهم بالمكان وأهله. ومن بين تلك الشهادات، نكون مع تشيكايا أوتامسي، الذي كتب عن أصيلة: «هي مدينة. الفن سيد مصيرها، وسيد شارعها. تولّد رغبة عارمة في أن تتحول الحياة إلى عيد يُحتفى به في كل وقت. ولجميع الأسباب. أصيلة أحبها حباً هو الهيام. أصيلة، لا أتوقف عن الرجوع إليها واستعادة مذاق السكينة والصبر. بلدة سرعان ما تعرف خفاياها مثل قلب تحبه، مع ذلك لا تتوقف عن التماس الدليل على أنك ما زلت محبوباً. والبرهان في ضوء جدرانها الكلسية البيضاء. الشمس تعطيها مذاق الحلوى. هنا تحس شهوة عارمة للحياة، تشتهي أن تكون قطة تطلب لطف الملامسة. جدران أصيلة نشيد هامس للأيدي التي شكلتها».
من جهته، لم يُخفِ الشاعر العراقي بلند الحيدري عشقه للمدينة المغربية وإعجابه بتجربة وقيمة موسمها الثقافي الدولي. وكان شيئاً جميلاً أن يُضمّن الحيدري عشقه وإعجابه قصيدة رائعة هزت وجدان كل من قرأها، أعطاها عنوان «وأصيلة إذ تحيا... أحيا»، قالها في رثاء تشيكايا أوتامسي، نقرأ في بعض مقاطعها: «تشيكايا - لا تمضِ - يا من أحببت بوهجك كل الأرض - لا تمضِ - فأصيلة قد كبرت... صارت أجمل من كل صبايا - الدنيا - وأصيلة إذ تحيا... نحيا - صارت تفهم سر الدمعة والضحكة في عينيك - وصارت تعرف مَن قطع كل أصابعي العشر - ومَن ألقى في النهر بعمري - ومَن داس رؤايا - صارت تكتب شعراً... ولمن ستغنّي - حفظت كل حكايات الإنس - وكل حكايات الجن - وصارت شيئاً منك وشيئاً مني - وصارت تعرف أن العم تشيكايا من بعض صباها - تؤمن أن تشيكايا لن ينساها - لكن تشيكايا - لوّح لي ولها ومضى في العتمة حتى أقصى - أمداها - هل مات تشيكايا؟! - (...) - لا لم أسأل - أتململ في الحرف لأحرج هذا الصمت - لأحرج هذا الموت - فأنا أعرف - وأصيلة تعرف... أنك ما متّ - وستأتي في هذا الصيف، وبألفَي طَيف - وستأتي في الصيف القادم... لا بد أن تأتي - وكما كنت كبيراً - وكما أنت... كبير... أكبر من كل الموت - هل مات تشيكايا؟! - لوّح لي بيديه وقال: سآتي - فأصيلة بيتي - وستبقى بيتي - وأصيلة إذ تحيا... أحيا - وستبقى أكبر من أن تبحث عني في رجل ميت».
بدوره، قال الراحل الطيب صالح، في عشق أصيلة: «هذه المدينة السحرية تغلغلت في كياني. ولا شك أن الناس سيذكرون من بعد، عندما تنتهي رحلة الحياة أنني كنت أحد الذين ارتبطوا بها».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.