هولاند: الإرهاب هو «التحدي الأول» لبلادنا

الرئيس الفرنسي يكشف عن خطط طموحة لتطوير الضواحي ووقف السياسات التمييزية القائمة على اللون أو الدين

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في طريقه لحضور مؤتمره الصحافي السادس منذ وصوله إلى الرئاسة (رويترز)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في طريقه لحضور مؤتمره الصحافي السادس منذ وصوله إلى الرئاسة (رويترز)
TT

هولاند: الإرهاب هو «التحدي الأول» لبلادنا

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في طريقه لحضور مؤتمره الصحافي السادس منذ وصوله إلى الرئاسة (رويترز)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في طريقه لحضور مؤتمره الصحافي السادس منذ وصوله إلى الرئاسة (رويترز)

بعد شهر كامل على أحداث باريس الإرهابية في ما بين 7 و9 يناير (كانون الثاني) الماضي، ما زالت فرنسا تعيش في ظل التدابير الأمنية الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة من نشر 10 آلاف جندي وعشرات الآلاف من رجال الشرطة والدرك، وتعبئة أجهزة المخابرات الداخلية والخارجية. ولا يبدو أن هذا الوضع سيتغير؛ لا بل إن هوس وقوع أعمال إرهابية جديدة ما زال هو المهيمن رغم «الضربات الاستباقية» المتتالية التي وجهتها قوى الأمن الفرنسية للخلايا المتطرفة النائمة أو تلك التي كانت تستعد لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.
وأمس، كرس الرئيس الفرنسي جانبا مهما من مؤتمره الصحافي السادس من نوعه منذ وصوله إلى الرئاسة، لموضوع الإرهاب الذي اعتبره «التحدي الأول» الذي تواجهه بلاده، ليؤكد مجددا عزمها على محاربته إن في الداخل أو في الخارج. ويبدو هولاند بالغ الزهو برد فعل مواطنيه في مواجهة الإرهاب الذي «سعى لتركيع فرنسا، لكنها واجهته، وعمل المتعصبون على زرع الخوف، لكنها تماسكت، ورغب المتشددون في تفتيتها، لكنها صلبت».
وفي نظر هولاند، فإن التهديد الإرهابي «لم يختف؛ بل انبثق من جديد» في إشارة واضحة لاعتداء موسى كوليبالي، وهو مواطن من أصول مالية، قبل 4 أيام على 3 جنود كانوا في مهمة حراسة بمدينة نيس المتوسطية. لذا، فإن فرنسا الجمهورية «ستقف بعناد وقسوة (بوجه الإرهاب) لكنها ستعمل بطريقة لا مأخذ عليها من أجل الحريات والحق» أي وفقا لمقتضيات دولة القانون.
وفي هذا السياق، فإن الرئيس الفرنسي أشار إلى أن مشروع قانون جديد سيعرض على البرلمان الشهر المقبل على أن يقر قبل بداية الصيف من أجل تعزيز فعالية أجهزة الاستخبارات التي بينت الأحداث وجود خلل في مكان ما بالمنظومة الأمنية. ويريد الرئيس الفرنسي أن تكون بلاده «على مستوى التحدي» الذي يفرضه عليها الإرهاب.
وما وقع في مدينة نيس أخيرا جاء بالدليل على أنه من الصعب توفير مراقبة فعالة على كل من يظن أنه على علاقة من قريب أو من بعيد بتوجهات متتطرفة أو إرهابية؛ ذلك أن موسى كوليبالي، الذي يحمل اسم العائلة نفسه لأحمدي كوليبالي مرتكب مجزرة المتجر اليهودي يوم 9 يناير الماضي، كانت تعرفه أجهزة المخابرات الداخلية وتعرف أنه ذهب إلى تركيا للحاق بمنظمة متطرفة في سوريا وأعيد من تركيا بناء على طلب من السلطات الفرنسية التي استجوبته ووضعته تحت المراقبة. ومع ذلك، نجح في ارتكاب اعتدائه على الجنود الثلاثة. من هنا، أهمية إشارة هولاند إلى «التيقظ الذي وصل إلى أعلى مستوياته» من خلال العمل بخطة مكافحة الإرهاب.
وليس موسى كوليبالي، خريج السجون الفرنسية التي دخل إليها عدة مرات، سوى حالة واحدة من أصل نحو 3000 حالة هو عدد الفرنسيين أو المقيمين على الأراضي الفرنسية الذين هم على اتصال بشكل أو بآخر بمنظمات متطرفة في سوريا والعراق، الذين يتعين توفير الرقابة عليهم 24 ساعة في اليوم، وهو الأمر غير المتوافر في الوقت الحاضر بسبب النقص في العنصر البشري.
بيد أن الرؤية الفرنسية لموضوع الإرهاب لا تشتمل فقط على التعاطي معه بشقه الداخلي؛ إذ إن هولاند أكد أمس أكثر من مرة أن الحرب على الإرهاب في «الداخل والخارج» هي نفسها، وأن الإرهاب بما أنه «تهديد شامل» فيتوجب أن يكون «الرد عليه شاملا». وأكثر من ذلك، أكد هولاند أن بلاده «لن تغير سياستها» لا في مالي أو بلدان الساحل ولا في سوريا أو العراق؛ حيث تشارك بشكل أو بآخر في محاربة الإرهاب. ولهذا الغرض، فإن هولاند طمأن وزارة الدفاع بأن ميزانية الدفاع السنوية التي تبلغ 31.4 مليار يورو لن تمس، وأن خفض عديد القوات المسلحة المقرر سابقا سيتم تجميده بالنظر للتهديدات الجدية التي تواجهها البلاد. لكن رغم انخراط فرنسا في كثير من مسارح القتال وربما بسبب ذلك، فإن الرئيس الفرنسي شدد على أن بلاده «لا تستطيع وحدها مواجهة جميع مشكلات العالم»، داعيا الأسرة الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، إلى «تحمل مسؤولياتها» في موضوع الأمن والإرهاب.
لكن هل التدابير الأمنية وحدها تكفي؟ منذ أن قال رئيس الحكومة مانويل فالس إن فرنسا تعرف «الغيتوات» وأنها تمارس سياسات «تمييزية» إن على أساس اللون أو الدين أو الموقع الجغرافي، فقد حمي وطيس الجدل. وعاد هولاند إليه أمس ليكشف عن خطط طموحة لتطوير الضواحي والمناطق المحرومة ووضع حد لممارسات ممجوجة في الحصول على مسكن أو وظيفة، ومساعدة الأضعف، وهم في الغالبية من المهاجرين وأبنائهم، على الانخراط في الدورة الاجتماعية والاقتصادية ورفع راية العلمانية وتحميل المدرسة دورا أساسيا. وما جاء به من جديد هو إطلاقه ما يسمى «الخدمة المدنية» التي يريد لها استيعاب نحو 200 ألف شاب تحت سن الـ25 في مهمات اجتماعية وتنموية.. كذلك كلف هولاند وزير الداخلية وشؤون العبادة برنار كازنوف التواصل مع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من أجل إيجاد حلول لمسألة تأهيل الأئمة محليا بحيث يتوقف «تقليد استيرادهم» من البلدان العربية. ويقوم هؤلاء بمهمات كثيرة إلى جانب إقامة الصلوات في المساجد والاضطلاع بالواجبات الدينية؛ منها، «وربما أخطرها»، متابعة المسلمين في السجون التي ربما تعد المكان الأول لتخريج المتشددين والإرهابيين.
أما في ما يخص سياسة فرنسا الخارجية وتحديدا في سوريا والعراق ولبنان، فإن هولاند بقي ضمن الخط المرسوم، مشيرا إلى أن بلاده مستمرة في المشاركة في العمليات العسكرية الجوية في العراق، وأنها مستعدة لتكثيفها بفضل وجود حاملة الطائرات ذات الدفع النووي «شارل ديغول» في المنطقة. لكنها ما زالت ترفض المشاركة في عمليات التحالف في سوريا لأنه «ليس بإمكانها التدخل إذا كان ذلك عاملا مشجعا إما للنظام ليستمر في قتل شعبه (...) أو لإفساح المجال لمجموعات تسعى في الواقع لهزيمتنا» في إشارة إلى التنظيمات المتطرفة مثل «داعش» و«النصرة» وإخوتهما.
بيد أن هولاند عبر عن خيبة أمل من بطء التقدم في عمليات التحالف ضد تنظيم داعش في العراق. لكنه بالمقابل، استشعر علامات مشجعة؛ إذ إنه في العراق «دولة ذات سيادة وجيش بإمكانها محاربة (داعش) وإعادة السيطرة على الأرض. وهذا ما يحدث بنجاح. إنها نجاحات بطيئة جدا، لكنها نجاحات».



برلين تحذر أنصار الأسد من أنهم سيلاحَقون إذا دخلوا ألمانيا

وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك (د.ب.أ)
وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك (د.ب.أ)
TT

برلين تحذر أنصار الأسد من أنهم سيلاحَقون إذا دخلوا ألمانيا

وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك (د.ب.أ)
وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك (د.ب.أ)

حذرت وزيرتان في الحكومة الألمانية، الأحد، من أنه ستجري إحالة أنصار الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد إلى القضاء إذا فروا إلى ألمانيا.

وقالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك لصحيفة «بيلد أم زونتاغ» الأسبوعية: «سنحاسب جميع رجال النظام على جرائمهم المروعة بكل ما يسمح به القانون من شدة».

من جهتها، قالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر للصحيفة نفسها: «إن حاول رجال نظام الأسد المروع الفرار إلى ألمانيا، فعليهم أن يعلموا أنه ليس هناك عملياً أي دولة تلاحق جرائمهم بالشدة التي تلاحقها بها ألمانيا». وأضافت: «كل من كان ضالعاً في فظاعات ليس بمأمن من الملاحقات هنا».

ودعت بيربوك إلى أن «تعمل السلطات الأمنية الدولية وأجهزة الاستخبارات معاً بشكل وثيق إلى أقصى حد ممكن»، وسبق أن أدانت ألمانيا قضائياً عدداً من مسؤولي حكومة الأسد عملاً بمبدأ الاختصاص الدولي الذي يسمح بإجراء محاكمةٍ أياً كان مكان ارتكاب الجرائم.

وحكم القضاء الألماني في يناير (كانون الثاني) 2022 بالسجن مدى الحياة على الضابط السابق في المخابرات السورية أنور رسلان لإدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية؛ إذ عُدَّ مسؤولاً عن مقتل 27 معتقلاً، وتعذيب 4 آلاف آخرين على الأقل في معتقل سرّي للنظام في دمشق بين 2011 و2012.

وبعد عام في فبراير (شباط) 2023 في برلين، حُكم بالسجن مدى الحياة على عنصر في ميليشيا موالية للنظام السوري أُوقِفَ في ألمانيا في 2021، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

كما يحاكَم حالياً في فرنكفورت الطبيب العسكري السوري علاء موسى لاتهامه بالتعذيب والقتل، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية في مستشفيات عسكرية سورية.

كما لاحقت السلطات الألمانية أفراداً لم يكونوا أعضاءً في حكومة الأسد لارتكابهم جرائم في سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011.

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023 وجَّه مدَّعون عامّون ألمان التهمة رسمياً إلى سورييْن يُشتبه بانتمائهما إلى تنظيم «داعش»، بارتكاب جرائم حرب في محيط دمشق.

وتؤوي ألمانيا أكبر جالية سورية في أوروبا بعد استقبالها نحو مليون نازح ولاجئ فارين من هذا البلد جراء الحرب.