على بعد نحو 28 كيلومتراً من وسط القاهرة، وفي إحدى قاعات اتحاد الآثاريين العرب بمدينة الشيخ زايد، في محافظة الجيزة، يمكن للمهتمين بعلم المصريات التعرف عن قرب على واحد من أهم علماء المصريات في التاريخ المصري الحديث، عبر متحف يضم المقتنيات والمتعلقات الشخصية، لشيخ الآثاريين الدكتور علي رضوان، افتتحه اتحاد الآثاريين العرب، أخيراً في الذكرى الأولى لوفاة رضوان، وهو الأول من نوعه الذي يوثق تاريخ عالم آثار مصري على أرض مصر، مما يفتح الباب أمام مطالبة آثاريين مصريين بمتحف يحكي تاريخ علماء الآثار المصريين ومنجزاتهم في الحفائر والأبحاث العلمية.
الفكرة جاءت تكريماً لرضوان وتخليداً لعالم مصريات لديه سمعة محلية وإقليمية وعالمية، وله مدرسة عملية وتلاميذ في مصر وعدد من دول العالم، حيث حصل على أرفع الأوسمة والجوائز مثل جائزة الدولة التشجيعية في الآثار عام 1983. وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2003، والوسام الكبير للجمهورية الألمانية بدرجة «قائد» عام 2006. وفقاً للدكتور محمد الكحلاوي رئيس الاتحاد العام للآثاريين العرب.
ويعتبر رضوان «أستاذ الأساتذة في مدرسة الآثار المصرية»، وفقاً للدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الذي يقول لـ«لشرق الأوسط»: «كلنا تتلمذنا على يديه، وهو يعتبر علامة في تاريخ علم المصريات، وكان يتميز بلغته العربية الراقية، وجمله التي لا تنسى»، مشيراً إلى أنّ «رضوان كان شخصاً خدوماً، حتى أنه كتب لي خطاب التوصية لاستكمال دراستي في الولايات المتحدة الأميركية».
على باب إحدى القاعات وضعت لافتة كتب عليها «متحف ومكتبة الدكتور علي رضوان»، يوجد داخلها مكتب صغير، وضعت عليه مجموعة من الكتب، ودفتر ملاحظات، وأباجورة وأدوات كتابة، يعلوه مجموعة من صور الشهادات التي حصل عليها عالم الآثار الراحل، وتزدان جدران القاعة بمجموعة من الصور لشيخ الآثاريين في مواقف مختلفة، إلى جانب مكتبة، وطاولة وضع عليها مجموعة من الحوارات والمقالات الصحافية التي أجراها رضوان خلال حياته.
ومتحف علي رضوان هو المتحف الأول من نوعه، حسب الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير المكتب الإعلامي للاتحاد العام للآثاريين العرب، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «المتحف يضم مقتنيات رضوان ومتعلقاته الشخصية، وأبحاثه، وبعض الحوارات والمقالات التي نشرت عنه في الصحف، وشهادات التكريم التي حصل عليها، ومجموعة من الصور التذكارية من مراحل حياته المختلفة، ومكتبة تضم مجموعة من الكتب المهمة، وهاتفه المحمول، وساعته الشخصية، ودليل الهاتف الخاص به».
ووفق خبراء آثار مصريين من بينهم الدكتور بسام الشماع، فإنّ إنشاء مثل هذا المتحف يعتبر نوعاً من التقدير لعلماء الآثار المصريين، الذي لم ينالوا حقهم من التكريم في ظل هيمنة الأجانب على علم المصريات، ويقول الشماع لـ«الشرق الأوسط» إنّ «فكرة إنشاء متحف للدكتور علي رضوان فكرة جيدة ولا بد من التفكير في إنشاء متحف لعلماء الآثار المصريين، مثل سليم حسن، وزكريا غنيم، وعبد العزيز صالح وأحمد قدري، وغيرهم من الجيل القديم والحديث، خصوصاً أنّ قصص كفاح بعضهم مثل سليم حسن تستحق أن تقدم في أفلام سينمائية»، مشيراً إلى أنه «من العجيب أن يكون المتحف الوحيد لعالم آثار في مصر، هو بيت كارتر، عالم الآثار الإنجليزي الذي اكتشف مقبرة توت عنخ آمون، رغم ما سببه من ضرر لمومياء توت في ذلك الوقت».
ويوجد متحف «كارتر» في الأقصر، ويشغل الاستراحة الخاصة بعالم الآثار الإنجليزي هيوارد كارتر، التي استخدمها خلال اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، ويقول عبد البصير: إنّ «متحف كارتر هو المتحف الشخصي الوحيد لعالم آثار في مصر، وهناك أيضاً متحف جاير أندرسون، لكنه متحف لمقتنياته، وليس متحفاً عنه كشخص».
وحالت «الظروف والإمكانيات والأهواء والصراعات الشخصية» دون تحقيق فكرة عبد البصير لإنشاء متحف يحكي تاريخ علماء الآثار المصريين، ليكتفي بصفحة على موقع «فيسبوك» توثق تاريخهم وقصص كفاحهم، على حد قوله، مؤكداً أنّ «هناك كتب تصدر في الخارج سنوياً عن علماء المصريات، في حين لم ينل المصريون حقهم من التقدير والتكريم»، معرباً عن أمله في أن «تُصدر كتب مماثلة في مصر، وأن يُنشأ متحف يوثق تاريخ وإنجازات علماء المصريات في مجال البحث والتدريس مثل رضوان، وفي مجال الحفائر مثل أحمد فخري ولبيب حبشي، وغيرهم من العلماء والجنود المجهولين في علم المصريات».
ويتوقف تنفيذ فكرة إنشاء متحف لعلماء المصريات على تبرع أسرهم بمقتنياتهم، حسب ريحان الذي أكد «استعداد اتحاد الآثاريين العرب لعمل قاعات لعلماء الآثار شريطة أن تتبرع أسرهم بمقتنياتهم»، مشيراً إلى أنّه «يعمل حالياً على توثيق تاريخ علماء المصريات من خلال موسوعة وثقت السير الذاتية لعدد 150 عالم آثار حتى الآن».
ويضم متحف علي رضوان كراسات بخط يده من المرحلة الابتدائية، ودفتر محاضراته أثناء دراسته بالجامعة، والشرائح العملية القديمة المستخدمة في جهاز عرض الشرائح للطلبة أثناء فترة تدريسه للآثار، ومجموعة من الكارنيهات الشخصية، منها كارنيه الاتحاد العام للآثاريين العرب وكارنيه عضوية بلجنة التراث العالمي وتصاريح الزيارات المجانية للمواقع الأثرية.
متحف علي رضوان يفتح الباب للاحتفاء بتاريخ الآثاريين المصريين
يضم مكتبته ومقتنياته الشخصية
متحف علي رضوان يفتح الباب للاحتفاء بتاريخ الآثاريين المصريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة