مستقلون وشباب لمزاحمة «فتح» و«حماس» على «التشريعي»

فياض سيعود بقائمة جديدة... وحراك جديد لـ«سد الفراغ»

رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض يحيي اطفال قرة طوباس في الضفة الغربية في زيارة تمت 2009  (غيتي
رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض يحيي اطفال قرة طوباس في الضفة الغربية في زيارة تمت 2009 (غيتي
TT

مستقلون وشباب لمزاحمة «فتح» و«حماس» على «التشريعي»

رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض يحيي اطفال قرة طوباس في الضفة الغربية في زيارة تمت 2009  (غيتي
رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض يحيي اطفال قرة طوباس في الضفة الغربية في زيارة تمت 2009 (غيتي

يسعى مستقلون فلسطينيون لإيجاد جسم منافس لحركتي «فتح» و«حماس» وباقي الفصائل الفلسطينية في الحياة السياسية والاجتماعية اليومية، أو حتى في الانتخابات التشريعية المقبلة، في خطوة قد تبدو جريئة بالنسبة للبعض أو ضرباً من الجنون بالنسبة لآخرين، في مجتمع تسيطر فيه الفصائل على كل شيء تقريباً.
في الوقت الذي أعلن فيه مستقلون أنهم بصدد تشكيل قوائم منافسة، ويجري آخرون مشاورات من أجل ذلك، ويضع رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، سلام فياض، مع شخصيات أخرى مستقلة، اللمسات الأخيرة على قائمة مستقلة، يفترض أن يعلن، حراك شبابي واسع يطلق على نفسه اسم «حراك وعد»، عن نفسه، غدا السبت، ويأمل في إقناع الفلسطينيين ببرنامجه السياسي والاجتماعي، على طريق التحول لاحقاً إلى حركة سياسية.
وقالت مصادر مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن فياض يعمل على بناء قائمة مستقلة تغطي جميع مناطق الضفة وقطاع غزة، جغرافياً وعمرياً واجتماعياً. وفياض الذي خاض انتخابات المجلس التشريعي سابقاً، شكّل حالة مثيرة للجدل، عندما تولى منصب رئيس الوزراء، من العام 2007 حتى 2013 وبدا «المنقذ» في ذلك الوقت، مهمته ترتيب الفوضى ومحاربة الفساد، وخلق شفافية في عمل المؤسسات الفلسطينية.
وحظي فياض بدعم غربي كبير، وكان قريباً من الطبقات الشعبية، قبل أن يختلف مع عباس ويقدم استقالته في 2013، وسط صراع الصلاحيات التي تسببت لاحقاً في هجوم سلطوي حاد ضده.
وتمثل عودة فياض، الآن، محاولة لجذب الناخبين الذين لا ينتمون للفصائل الفلسطينية، أو غادروها، أو ملوا منها، أو يريدون تجريب شيء جديد. لكن مهمته وآخرين ستكون صعبة ومعقدة للغاية في ظل السيطرة الكبيرة للفصائل، خصوصاً «فتح» و«حماس».
وإذا ما قدم فياض نفسه بشكل علني، فإنه يمكن أن يستفيد من الحراكات المستقلة الأخرى، التي لا تنوي تقديم قائمة انتخابية وإنما تقدم نفسها بديلاً عملياً وانقاذاً للوضع الراهن. وقال أحد مؤسسي حراك وعد، جمال زقوت، إن حراكه قرر عدم تقديم كتلة للانتخابات لكنه منفتح على دعم أي جهة ستقدم نفسها بشكل قريب لأفكاره. وحراك وعد الذي يعلن عنه السبت، يقدم نفسه «مكوناً أصيلاً من مكونات التيار الديمقراطي التقدمي الواسع في فلسطين»، يهدف إلى «توحيد هذا التيار في إطار تعددي لإنجاز الأهداف الوطنية والديمقراطية المشتركة بينها». ويقول الحراك إنه «يسعى لتوسيع انتشاره في مختلف القطاعات الاجتماعية، لا سيما الفئات التي تعاني من التهميش في المخيمات، وفي أوساط الشباب والنساء والفئات الشعبية الأخرى، في جميع أماكن وجود الشعب الفلسطيني، ويعمل بصورة حثيثة لاستكمال بُناه التنظيمية والجماهيرية والبرامجية، وذلك في سياق التحول إلى حركة سياسية اجتماعية».
وقال زقوت، الذي عمل سابقاً مستشاراً لفياض: «نعم، نسعى للتحول إلى حركة سياسية»، مشدداً على أن «الأمل هو في فتح الطريق للأجيال الشابة ومختلف الفئات الاجتماعية المهمشة، نريد أن نعمل معاً على سد فراغ كبير، كان قد نجم عن الإحباط في أوساط هذه الفئات المناضلة، من بنات وأبناء شعبنا في جميع أماكن وجوده». وتابع أن الحركة ستعمل على صون كرامة المواطن وحقه في المشاركة الديمقراطية والمساواة الكاملة، والتعددية السياسية والفكرية، واحترام الرأي والرأي الآخر، وتأسيس قيم المواطنة الصالحة المبنية على مبدأ الانتماء للوطن والإخلاص له. وأردف: نريد أن يكون تيار «وعد» صحوة للأطراف الأخرى وتحديداً الحراكات الاجتماعية. الفكرة ستصبح ملك الناس وهم سيقررون.
وهذه ليست أول محاولة من مستقلين لخلق أجسام سياسية، وقد فشل معظمها أو تراجع، مع صعوبة منافسة الفصائل القائمة. لكن الكاتبة الشابة نيروز قرموط، وهي من القائمين على الحراك في قطاع غزة، تقول إن التنوع الكبير الذي يملكونه، والأفكار كذلك قد يجعلان المهمة الصعبة أسهل، مشددة: «لا نريد أن نكرر تجارب سابقة».
ورفضت نيروز ربط انطلاق الحراك بالانتخابات، غير أن بعض المنتمين له سيشاركون بالتأكيد في محاولة لإحداث الفارق. وترى أن المشاركة في الانتخابات تشكل فرصة سانحة لإحداث الاختلاف. «لا نريد برلماناً بأغلبية تسيطر على الشارع. هذه محاصصة تعيدنا إلى الخلف. نريد برلماناً ائتلافياً يشكل صيغة ديمقراطية متجددة». وأردفت أن الحراك يريد أن يحدث فرقاً، من خلال طرح برنامج جديد حداثي يركز على بناء الفرد الحر، مشددة على أننا «لا نمثل أي شخص، ولا نمثل أي فصيل أو جهة، ولسنا محسوبين على أي أحد. وندرك صعوبة المهمة».
ومن المفترض أن تجري الانتخابات الفلسطينية، في مايو (أيار) المقبل، في معركة تبدو حتى الآن أنها بين الفصيلين الأكبر «فتح» و«حماس».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».