النواب يحاولون احتواء السخط الشعبي بعد «فضيحة التلقيح»

نائب رئيس المجلس هاجم ممثل البنك الدولي بعد تهديده بوقف تمويل الأمصال

TT

النواب يحاولون احتواء السخط الشعبي بعد «فضيحة التلقيح»

اتسعت رقعة الأزمة التي سببها تلقي 11 نائباً لبنانياً لقاح «فيروس كورونا» في مبنى البرلمان، أول من أمس (الثلاثاء)، مع اتهام وجهه نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي للمدير الإقليمي للبنك الدولي ساروج كومار بـ«العمل سياسياً والاعتداء على الناس»، غداة تهديد كومار بتعليق البنك الدولي تمويل اللقاحات ودعم التصدي لـ«كوفيد - 19»، في جميع أنحاء لبنان، وهو ما رفع التحذيرات من تداعيات التهديد على تحصين المناعة المجتمعية في البلاد ضد الفيروس.
وتفاعلت قضية اللقاحات على المستويين السياسي والشعبي، وبينما واصل اللبنانيون حملتهم الغاضبة على السلطة جراء هذه الخطوة، أكد النواب أنها قانونية لجهة التسجيل في المنصة، وقالوا إنها اقتصرت على النواب الذين تتخطى أعمارهم السبعين عاماً، وذلك في محاولة لاحتواء الحملة.
وقال الفرزلي في مؤتمر صحافي عقده أمس لهذه الغاية، إن الأمانة العامة لمجلس النواب أرسلت اللوائح الرسمية للنواب والموظفين عبر البريد الإلكتروني وتعبئة الاستمارات التي تعتمدها وزارة الصحة للتسجيل على المنصة بناء على طلب وزير الصحة في 8 فبراير (شباط) الحالي، لافتاً إلى أن اتصالاً بالنواب أجراه مستشار الوزير مساء الاثنين أبلغهم فيه بحضورهم إلى المجلس صباح أمس (الثلاثاء)، مشيراً إلى أن الاتصالات جرت مع 26 نائباً تتخطى أعمارهم السبعين عاماً، لكن الذي تلقوا اللقاح بلغ عددهم 11 بالنظر إلى أن آخرين كانوا قد حصلوا عليه في مستشفيات خاصة. كما نفى الفرزلي الاتصال بنواب من صغار السن، متهماً النواب الذين صرحوا بذلك «بالكذب» و«بمحاولة خلق بطولات».
وقال إن ممثلين عن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بتكليف من البنك الدولي، لمراقبة عملية التلقيح، حضروا، صباح أمس (الثلاثاء)، وأضاف: «عندما لم يبق أحد ممن هم فوق السبعين من العمر، وحتى لا تخرق إدارة المجلس آلية وزارة الصحة لجهة أولوية التسلسل في الأعمار، بقيت جرعات، فكان أن لُقح عدد من عناصر الصليب الأحمر الذين كانوا بحاجة إلى هذا التلقيح».
وهاجم الفرزلي المدير الإقليمي للبنك الدولي متوجهاً إليه بالسؤال: «لماذا لم نسمع صوتك على هذا، والويل والثبور وعظائم الأمور»، متهماً إياه بلعب دور سياسي في هذا المجال. وقال إن تهديد البنك الدولي بتعليق مساهمته، هذا عمل أعتقد أنه يحمل في طياته فقدان الأخلاقيات التي يجب أن يتمتع بها من يجب أن يمثل البنك الدولي في موقع كهذا».
وأشار الفرزلي إلى «أننا كنا نجتمع الثلاثاء لكي نحاول أن نمرر اتفاقاً يلقى معارضة من هنا وهناك، مشروع قرض من البنك الدولي». وقال: «إذا كان هذا النموذج الذي يريد البنك الدولي أن يتعامل به معنا مقروناً بالقروض التي سيطل علينا بها، فأقم على القروض مأتماً وعويلاً». وعليه، ناشد نائب رئيس مجموعة «البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج أن يحقق في هذه المسألة، حتى إذا تأكد من صحة كلامنا فليبنِ على الشيء مقتضاه، وليذهب ويرسل ممثلاً يتمتع بصفات تكون بمستوى الصفات التي يجب أن يتمتع بها من يجب أن يكون مسؤولاً عن البنك الدولي في لبنان».
وتترتب على خطوة البنك الدولي، في حال مضى بملف تجميد المساهمة، خطورة كبيرة تطال تحصين الوقاية المجتمعية في لبنان. وحذر عضو اللجنة العلمية لمكافحة (كورونا) البروفسور جاك مخباط من أن تعليق (البنك الدولي) لمساهمته من شأنه أن يحرم اللبنانيين الآخرين فرصة تلقي اللقاح»، منبهاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن خطوة مشابهة «ستكون بمثابة قصاص جماعي للبنانيين الذين لم يتلقوا اللقاح حتى الآن» في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية وعجز الحكومة اللبنانية عن دفع تكاليف اللقاح بالكامل من دون مساهمة دولية.
وحاول النواب احتواء السخط الشعبي بالتبرير والتوضيح، وأوضح النائب علي عادل عسيران أنه تسجل على المنصة الإلكترونية وفقاً للأصول، ولم يحاول الحصول على اللقاح قبل الموعد المحدد له. وقدّم اعتذاره «من جميع اللبنانيين عن الخطأ الحاصل والخلل بين الهيئات المولجة إدارة تطعيم اللبنانيين، وأنه ليس بوارد أخذ دور أي مواطن لبناني».
وتوضيحاً لما تم تداوله في الإعلام حول زج اسم النائب نعمة طعمة بين أسماء النواب الذين أخذوا اللقاح، أشار طعمة إلى أنه تناول اللقاح الخميس الماضي في مستشفى «أوتيل ديو»، ضمن الأطر الطبية المتبعة، وليس في مجلس النواب، «حيث رفضتُ أن أحصل على اللقاح أنا وعائلتي في المجلس النيابي، حرصاً على أن يكون من حق المواطنين وفق ما حددته المنصة التابعة لوزارة الصحة»، كما قال في بيان.
واعتبر النائب مصطفى الحسيني أن «الحملة الظالمة التي تعرضت لها من قبل وسائل الإعلام خصوصاً، دون أدنى محاولة من هذه الوسائل للاتصال بي لمعرفة الحقيقة، حملة مستهجنة أرى فيها الكثير من الأذى».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.