السودان يجدد شكواه بشأن النزاع على حلايب

TT

السودان يجدد شكواه بشأن النزاع على حلايب

أعادت الحكومة السودانية تجديد شكواها لمجلس الأمن الدولي، بشأن النزاع مع مصر على مثلث حلايب وشلاتين، وهو إجراء روتيني درج السودان على القيام به سنوياً، لحفظ حقوقه التاريخية في المنطقة المتنازع عليها بين البلدين، منذ عام 1958.
وقال مدير إدارة القانون والمعاهدات الدولية بالخارجية السودانية، السفير سيد الطيب، لـ«الشرق الأوسط»، إن وزارة الخارجية خاطبت بعثتها في الأمم المتحدة لتجديد الشكوى، والتي بدورها تقدمت بمذكرة التجديد لمجلس الأمن في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأضاف أن السودان درج على تجديد الشكوى سنوياً، بعد صدور قرار من مجلس الأمن الدولي، في عام 2000، بإسقاط أي دعوى لا تجدد سنوياً خلال 3 سنوات.
وقلل مراقبون في مصر من تأثير شكوى سودانية في مجلس الأمن ضد مصر بشأن منطقة حلايب الحدودية، المتنازع عليها. وقال الدكتور هاني رسلان، خبير الشؤون الأفريقية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا إجراء روتيني وإلا فإن الشكوى سوف تسقط وتشطب من جداول مجلس الأمن»، مستبعداً تأثير ذلك على العلاقات المتميزة بين البلدين في الوقت الراهن، والتنسيق بينهما في القضايا المشتركة، خاصة نزاع «سد النهضة».
وتقع منطقة حلايب المتنازع عليها، على الطرف الأفريقي للبحر الأحمر، وتوجد فيها 3 بلدات كبرى؛ هي (حلايب، وأبو رماد، وشلاتين)، وتخضع بالفعل حالياً للسيادة المصرية. وتعود الشكوى السودانية الأساسية إلى فبراير (شباط) 1958، لكن الحكومات السودانية المتعاقبة درجت على تجديدها لتبقى على أجندة مجلس الأمن.
وقال السفير السوداني الطيب إن بلاده ظلت تطالب بالتحكيم الدولي لحل النزاع على المنطقة، إلا أن مصر ترفض ذلك، ولا تنظر محكمة العدل الدولية في أي نزاع أو دعوى إلا بموافقة الطرفين.
ووفق مصدر رسمي مصري، فإن «الأمور محسومة لصالح مصر، ولا داعي لتصعيد الخلاف بشأنها مع السودان الشقيق»، اعتماداً على أن «السيادة على الأرض لصالح مصر، بما يشمل ذلك العملة المستخدمة والنظام المصرفي، والوجود الفعلي لقوات الجيش والشرطة المصرية، إضافة للمدارس الحكومية، ونظام التعليم وغيرها من المؤسسات».
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، أثار قضية حلايب في خطاب له أمام قواته في أغسطس (آب) 2020، قال «إن حلايب وشلاتين سودانية، وإن القوات المسلحة لن تفرط في شبر من أراضي البلاد». وأفادت وكالة السودان للأنباء، أول من أمس، عن مسؤول بالخارجية السودانية، بتجديد السودان لشكواه السابقة ضد مصر بشأن حلايب في مجلس الأمن الدولي كإجراء روتيني لحفظ الحق والإبقاء عليها في أجندة المجلس.
وكان مبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد الحسن ودلبات، خلال زيارته للخرطوم (الجمعة) الماضية، نفى اعتماد أو تبني الاتحاد الأفريقي لأي خرائط تؤكد تبعية حلايب لمصر، رداً على إثارة القضية من قِبل مسؤول رفيع في مفوضية الحدود السودانية.
وأوضح ودلبات أن الاتحاد الأفريقي مرر فقط أوراقاً وصلت إليه من دولة عضو إلى الدول الأخرى، وهذا لا يعني أن الاتحاد يتبنى المحتوى، مشيراً إلى أن تمرير «الأفريقي» لوثائق ضمت حلايب وشلاتين لمصر، واعتبرها السودان إنقاصاً من سيادته على أراضيه، قضية تخص الدولتين، والاتحاد الأفريقي ليس جزءاً فيها. ودعا المبعوث الأفريقي «الدولة المعترضة إلى إرسال توضيحاتها واعتراضها وسيتم توزيعه على الدول بأسرع ما يمكن».
وأحكمت مصر سيطرتها الكاملة على منطقة (حلايب)، عقب المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري محمد حسني مبارك، في أديس أبابا عام 1995، والتي اتهمت فيها مصر، النظام السوداني المعزول بالتورط في التخطيط وتنفيذ محاولة الاغتيال.
وكان النزاع حول المنطقة يعود إلى واجهة الأحداث كلما توترت أو ساءت العلاقات بين نظامي البشير وحسني مبارك.
ويدعي السودان أن لديه جميع الوثائق التي تثبت سودانية «حلايب»، ويدعو القاهرة للقبول بالتحكيم الدولي إن كانت تملك الحجج القانونية التي تدعم مزاعمها بتبعية المنطقة لمصر. ولجأ السودان في 21 فبراير 1958 إلى التقدم بشكوى لمجلس الأمن الدولي، إلا أن مصر تراجعت وقبلت بتأجيل القضية إلى ما بعد الانتخابات السودانية في عام 1958.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».