مسؤولون فلسطينيون يرفضون خطة كيري ويصفونها بـ«الإسرائيلية»

وزير الخارجية الأميركي يطرحها الشهر المقبل لتكون أساس عملية التفاوض

جون كيري و ياسر عبد ربه
جون كيري و ياسر عبد ربه
TT

مسؤولون فلسطينيون يرفضون خطة كيري ويصفونها بـ«الإسرائيلية»

جون كيري و ياسر عبد ربه
جون كيري و ياسر عبد ربه

بعد يوم واحد من تسريبات إسرائيلية مفادها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيقبل بخطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع إعلانه عن تحفظات علنية عليها، هاجم مسؤولون فلسطينيون الخطة المرتقبة التي يفترض أن يقدمها كيري الشهر المقبل، ووصفوها بـ«الإسرائيلية والمرفوضة».
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، إن الفلسطينيين لا يمكنهم قبول أفكار وزير الخارجية الأميركي، مضيفا للإذاعة الفلسطينية «الأفكار التي يطرحها كيري هي أفكار إسرائيلية، وتجعل موعد بدء وانتهاء الانسحاب الإسرائيلي مجهولا».
وتابع: «إن أفكار كيري تعطي الفلسطينيين صيغا عامة وغامضة حول مصير القدس، وتريد اقتطاع الأغوار بحجة الأمن، وتحويلها إلى جزء من إسرائيل كما أنها تريد إلغاء حق للاجئين بموجب الشرعية الدولية».
وساند عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، توفيق الطيراوي، موقف عبد ربه، وقال: إن أي اتفاق إطار تسعى أميركا لإبرامه بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي «سيلقى رفضا من كافة فئات الشعب الفلسطيني»، واصفا الاتفاق المرتقب بأنه «منحاز لإسرائيل».
وشدد الطيراوي على رفضه لطروحات وزير الخارجية الأميركي، موضحا أن كيري طرح شفهيا على القيادة اتفاق إطار لم يحظ بالقبول، وأردف قائلا: «إنه حين يطرح أن تكون دولة للفلسطينيين في القدس، ونكتشف أنه يعني الرام وأبو ديس، وأن لا حل لقضية عودة اللاجئين، فهذا يعني رفض خطة الإطار هذه، فكل بنود الاتفاق ستجعلنا ندفع ثمنا غاليا، ونحن لا نريد اتفاقيات إطار، بل نريد حلا نهائيا».
وحذر الطيراوي من وجود خطر على حياة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) جراء تمسكه بالثوابت ورفضه توقيع أي اتفاق مع الإسرائيليين لا يلبي حقوق الشعب الفلسطيني. وقال الطيراوي «حتى (رئيسة الوفد الإسرائيلي المفاوض) تسيفي ليفني، تهدد الرئيس، وهو ما يعني وجود خطر حقيقي على حياة الرئيس وليس مجرد كلام».
وكانت ليفني حذرت أبو مازن من أن استمراره بالتمترس خلف مواقفه، وخصوصا رفضه الاعتراف بيهودية الدولة، وقالت: إن ذلك سيكلفه ثمنا غاليا.
ومن المتوقع أن يطرح كيري الشهر المقبل خطة إطار تكون أساس عملية التفاوض، ويجري بموجبها تمديد المفاوضات عام آخر.
ويجري كيري في هذا الوقت مفاوضات مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني من أجل تقليص الفجوات بين الطرفين، وطرح اتفاق مقبول.
وقالت مصادر إسرائيلية، أمس، بأن كيري سيحاول الحصول على تأييد الرأي العام الإسرائيلي لورقة المقترحات التي سيقدمها. وبحسب المصادر، فإن كيري ينوي التوجه إلى الجمهور الإسرائيلي من خلال خطاب خاص لإقناعهم بدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وطلب مساعدو كيري من مسؤولين في السفارة الأميركية في تل أبيب التأكد من إمكانية قيام كيري بإلقاء هذا الخطاب أثناء زيارة مرتقبة لإسرائيل والمنطقة.
وبحسب المصادر، فإن «هدف الخطاب هو مساعدة نتنياهو على الحصول على تأييد الرأي العام قبل إتمام الوثيقة الأميركية نهائيا، إذ سيحاول كيري أن يشرح للجمهور الإسرائيلي مدى خطورة انهيار عملية السلام، والنتائج الكارثية التي ستترتب على تعذر الوصول إلى اتفاق».
ويواجه كيري عقبات صعبة في طريق صياغة اتفاق متفق عليه، إذ تظهر مكانة القدس واعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية، كملفات غير قابلة للحل.
ويحاول كيري الوصول إلى حل لمسألة القدس، كعاصمة للدولتين، مقابل اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية.
ومن المتوقع أن يصطدم نتنياهو بمعارضة اليمين الإسرائيلي لتوقيع اتفاق يتحدث عن دولة في حدود عام 1967 بعاصمتها القدس (الشرقية).
وأمس فقط، انتهت أزمة حادة، بسبب المفاوضات، بين نتنياهو، ووزير الاقتصاد نفتالي بينت، زعيم حزب البيت اليهودي، كادت تعصف بالائتلاف الحكومي، بعدما وصف الثاني الأول بأنه فاقد للقيم، ويطرح أفكارا ليست أخلاقية، ردا على فكرة السماح للمستوطنين العيش في الدولة الفلسطينية.
وقالت مصادر حكومية إسرائيلية، بأن وزير الإسكان أوري أريئيل قام بالتوسط لإنهاء الأزمة، من خلال صياغة نص متفق عليه لاعتذار بينت، بعد أن كان نتنياهو أعد فعلا كتاب إقالة بينت من منصبه.
وقال بينت «إن هناك جهات تعمل على تحويل نقاش جوهري حول مستقبل إسرائيل وأمنها إلى هجوم شخصي»، مشيرا إلى أنه «لم يقصد إهانة رئيس الوزراء». وأضاف أنه يكن «التقدير لزعامة نتنياهو» التي «تجري في ظروف صعبة»، ويوجه إليه انتقادات عند الضرورة. ووصف بينت مجددا فكرة إبقاء إسرائيليين تحت السيادة الفلسطينية بأنها خطيرة.
ومن جانبه، طلب وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، بربط الاتفاق مع الفلسطينيين، باعترافهم بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان «بصفة الهضبة جزءا لا يتجزأ من إسرائيل»، على حد قوله.
وقال ليبرمان خلال جولة قام بها أمس في هضبة الجولان إنه يريد مضاعفة عدد سكان مستوطنة كاتسرين في الهضبة، خلال السنوات الخمس المقبلة، وتعزيز القرى الدرزية هناك.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.