الحبيب الصيد يعرض برنامج الحكومة أمام البرلمان

الأحزاب الخمسة المشاركة فيها تضمن 180 صوتا لصالحها من مجموع 217

الحبيب الصيد يعرض برنامج الحكومة أمام البرلمان
TT

الحبيب الصيد يعرض برنامج الحكومة أمام البرلمان

الحبيب الصيد يعرض برنامج الحكومة أمام البرلمان

وعد الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، ببذل قصارى جهده لتأمين مقومات العيش الكريم للتونسيين من دون إقصاء، وبفتح أبواب الأمل واستعادة الثقة بين الفئات الاجتماعية في تونس ومقاومة كل أشكال الفساد والمحسوبية. وقال في جلسة برلمانية خصصت، أمس، لعرض تشكيلة الحكومة والحصول على ثقة البرلمان، إن «استكمال مقومات بسط الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، من أوليات حكومته لتأمين المسار الانتقالي في تونس».
وتوزعت الجلسة البرلمانية بين حصة صباحية وأخرى مسائية تضمنت تقديم أعضاء الحكومة، وخطاب رئيس الحكومة الموجهة إلى البرلمانيين، وتدخلات نواب الشعب. وقدم الصيد، أمس، أمام نواب الشعب أعضاء حكومته وبرنامج عملها بعد جولتين من المشاورات بشأن تركيبتها أدت إلى إشراك حركة النهضة وحزب آفاق تونس في التشكيلة بعد إقصائهما في التركيبة الأولى المعلن عنها يوم 23 يناير (كانون الثاني) الماضي. وارتكز برنامج الحكومة في خطوطه العريضة على إجراءات عاجلة تخص الوضع الأمني وأسعار المواد الأساسية وترشيد منظومة دعم المواد الاستهلاكية.
وبشأن تركيبة الحكومة المكونة من 42 عضوا (27 وزيرا و15 كاتب دولة) التي كانت موضوع انتقادات توجهت لها من عدة أطراف سياسية، قال الصيد إنها «تتمتع بالكفاءة والفاعلية»، واعترف بصعوبة الوضع الاقتصادي في البلاد، وتمسك بتنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية لا بد منها، وقال إن «إمكانية تجاوز الأوضاع الاقتصادية المتردية واردة عبر الترفيع في الإنتاجية وعودة ثقافة الإنتاج». ودعا الصيد في خطابه أمام نواب الشعب إلى التسريع بالتصديق على قانون مكافحة الإرهاب في أقرب الآجال وتمكين الوحدات العسكرية والأمنية بالمعدات اللازمة والارتقاء بقدرات الردع لديهم والتدخل الميداني الناجع لكبح جماح المجموعات المتطرفة. وتضم الحكومة في تركيبتها 5 أحزاب سياسية تتزعمها حركة نداء تونس الفائزة في الانتخابات البرلمانية بـ86 مقعدا، وحركة النهضة (69 مقعدا)، وحزب الاتحاد الوطني الحر (16 مقعدا)، وحزب آفاق تونس (8 مقاعد)، وحزب جبهة الإنقاذ الوطني (مقعد واحد)، وهو ما يجعل حكومة الصيد ضامنة لنحو 180صوتا لفائدتها من إجمالي 217صوتا داخل البرلمان. وتحتاج الحكومة لـ109 أصوات لنيل ثقة البرلمان.
يذكر أن حكومة حمادي الجبالي حصلت إثر الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي (سنة 2011) على 154صوتا، في حين أن حكومة علي العريض التي خلفتها سنة 2013 حصلت فقط على 139 صوتا وتمكنت حكومة الكفاءات المستقلة التي ترأسها مهدي جمعة من الحصول على 149صوتا.
وتميزت تدخلات نواب الشعب باستفسارهم حول عدة ملفات وعددوا النقائص التي تضمنها البرنامج الحكومي. وانتقد مصطفى بن أحمد (حركة نداء تونس) الحكم على النيات الصادر عن بعض المعترضين على تركيبة الحكومة الجديدة، وقال إن تونس «في حاجة أكيدة إلى حكومة تكتسب شرعيتها الأولى من الشعب». ودعا رئيس الحكومة إلى تنفيذ مشاريع عاجلة لفائدة التونسيين والانتقال من وضع الأقوال إلى وضعية الأفعال.
أما وليد البناني (حركة النهضة) فعدد بدوره ما اعتبره نيات طيبة قدمها رئيس الحكومة، وقال «إن تلك النيات لا تختلف كثيرا عما قدمه الجبالي ومن بعده العريض حين ترؤسهما للحكومة». وقال إن «تونس أرست استثناء في بلدان الربيع العربي بنجاحها في التوافق بين مختلف الأطراف السياسية»، مشيرا إلى أنه أمام أعضاء الحكومة مجموعة كبيرة من المشاريع المعطلة، البعض منها يعود إلى سنوات ما قبل الثورة، ودعا إلى إنعاش المناطق الفقيرة بمشاريع يستفيد منها التونسيون.
وانتقد عماد الدايمي، رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (الحزب الذي أسسه المنصف المرزوقي)، ظاهرة تداخل المعارضة مع المعاضدة كما سماها في إشارة إلى التحالف الحكومي بين حركتي نداء تونس والنهضة، وهو على حد تعبيره «وضع غير طبيعي». وقال إن «الحزب الحاصل على أغلبية المقاعد البرلمانية تهرب من مواجهة التونسيين، وإنه أخل مبكرا بوعوده الانتخابية، خصوصا على مستوى تشغيل العاطلين عن العمل». وأضاف أن «تعطيل عمل الحكومة في المستقبل قد يكون من داخل الأحزاب المشكلة للحكومة نفسها».
وقال زهير المغزاوي (حركة الشعب) إن «برنامج الحكومة المقدم أمام البرلمان» عموميات لا تطمئن التونسيين. على حد تعبيره. وانتقد خطاب رئيس الحكومة بالقول إنه كان ينتظر منه أن يقدم ضمانات حقيقية لكبح جماح الأسعار وتحديد مسالك التوزيع والسيطرة عليها والزيادة في الأجور والتعهد الصريح بالكشف عن قتلة شهداء الثورة بمن فيهم القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي، إضافة إلى التزامات واضحة تجاه الفئات الضعيفة، ومصارحة التونسيين بأرقام فعلية حول نسبتي البطالة والمديونية.
ومن جهته، دعا محمد بنور (حزب آفاق تونس) إلى حل ثقافي لظاهرة الإرهاب. وقال إن «الحل العسكري والأمني وحده لا يمكن أن ينهي الصراع مع المجموعات الإرهابية»، مشيرا إلى أن «إرساء مشروع وطني للثقافة يدوم مدة 20 سنة قد يكون الحل الأمثل للقضاء على الأفكار المتطرفة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.