باسيل يجاري حليفه «حزب الله» في أزمة تأليف الحكومة اللبنانية

طالب برفع عدد الوزراء إلى 20 أو 22 ونفى مطالبته بـ «الثلث المعطل»

جبران باسيل (رويترز)
جبران باسيل (رويترز)
TT

باسيل يجاري حليفه «حزب الله» في أزمة تأليف الحكومة اللبنانية

جبران باسيل (رويترز)
جبران باسيل (رويترز)

لاقى رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، طرح حليفه «حزب الله» لتشكيل الحكومة، عبر ما وصفها بـ«المبادرة»، لتكون من 20 أو 22 وزيراً، نافياً مطالبته بالثلث المعطل، ومتحدثاً عن محاولات لإسقاط رئيس الجمهورية ميشال عون.
وفي مؤتمر صحافي؛ شنّ باسيل هجوماً على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، منتقداً استقالته عند انطلاق الانتفاضة الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وقال: «اعتقدنا أن الأزمة في 17 أكتوبر 2019 ستدفع رئيس الحكومة وقتها إلى تحمل المسؤولية مع شريكه الدستوري رئيس الجمهورية، لا أن ينقلب عليه ويطعنه بظهره ويستقيل من دون أن يخبره حتى ويركب موجة الحراك ليتنصل من المسؤولية ويحمله إياها».
وفي حين قال إنه لا يريد المشاركة في الحكومة ولم يطالب بحصة، اتهم البعض، من دون أن يسميه، بأنه «عاد ولبس ثياب الوصاية ويمارس الفوقية والمس بحقوق الآخرين وكرامتهم». وأكد: «يريدون أن نشارك بالحكومة رغماً عنا وبشروط غير مقبولة وإلا نكون معطلين... لا نريد أن نشارك... لم نسأل عن شكليات ولم نطالب بوزارة أو عدد، وقبلنا بكل ما يطبق على البقية... وهذا اسمه وحدة المعايير لمن لا يفهم. نحن نقبل بأي حل يحترم الميثاق ويلتزم الدستور ويصون الحقوق، ولكن فهموا تساهلنا ضعفاً والسكوت عن التطاول اليومي علينا انكساراً».
وعدّ أن «هناك من يعمل حتى يخسر العهد أياماً أكثر من دون حكومة، وهم يقولون علنا إن العهد يجب أن يخسر أكثر ولو انهار البلد أكثر؛ إذ ما من مشكلة لديهم إذا انهار البلد، المهم أن يسقط ميشال عون».
وأعلن: «أصبحنا نريد حكومة برئاسة الحريري، رغم قناعتنا أنه لا يقدر أن يكون عنواناً للإصلاح، ولهذا لم نقم بتسميته، وبعدما سمي الحريري خلافاً لرغبتنا، أصبح لدينا مصلحة بأن تشكل حكومة ويتحمل مع رئيس الجمهورية المسؤولية، بعدما هرب منها في أكتوبر 2019».
وفيما قال إن «ما يؤخر تشكيل الحكومة أسباب داخلية، وأخرى خارجية»، أوضح أن الداخلية تكمن في «الخروج عن الاتفاق العلني الذي حصل بيننا على الطاولة مع الرئيس الفرنسي والمعروف بـ(المبادرة الفرنسية)، والخروج عن الأصول والقواعد والدستور والميثاق...».
وعن التعاطي مع رئيس الجمهورية في موضوع تشكيل الحكومة، قال: «رئيس الجمهورية ليس رئيس كتلة نيابية ليقال له أعطني الأسماء وأنا أختار منهم... بل الاتفاق يكون بين الطرفين... ‏عندما يقول رئيس الحكومة المكلف لرئيس الجمهورية: أنا أشكل وأنت توقع، فهو يضرب بذلك وحدة البلد وينحر الدستور... وهو (الحريري) تحايل وترك لرئيس الجمهورية وزارة سيادية واحدة هي الدفاع».
ونفى مطالبته بالثلث المعطل قائلاً: «في مسار الخروج عن الدستور؛ اتهمونا بالمطالبة بـ(الثلث زائداً واحداً)، بينما هذا المطلب ضمانة الشراكة في مجلس الوزراء، بحيث ينص (اتفاق الطائف) بأنه من حق رئيس الجمهورية لوحده كتعويض عن صلاحياته»، لكنه أضاف: «لا الرئيس ولا نحن طالبنا بـ(الثلث زائداً واحداً). (الثلث زائداً واحداً) قصة وهمية مختلقة الهدف منها تسمية وزراء مسيحيين».
وانتقد باسيل كلام الحريري عن «وقف العد» بين المسلمين والمسيحيين، متهماً إياه بالتعامل بفوقية في هذا الموضوع، وقال: «نحنا (نحن) حققنا أهدافنا بنضالنا وقوة تمثيلنا، ولم يقف معنا أي طرف إلا (حزب الله)»، مضيفاً: «(حزب القوات) لم يدعم عون للرئاسة إلا عندما أيّد الحريري سليمان فرنجية، وذلك مقابل حصة لهم بالسلطة، والحريري لم يقبل إلا على مضض، بعد سنتين ونصف فراغ جرّب كل الأسماء كي لا يصل ميشال عون، وعندما قبل كان مقابل عودته إلى رئاسة الحكومة».
وهاجم القيادات المسيحية لعدم وقوفهم إلى جانبه في مواجهة الاستئثار بحقوق المسيحيين، بالقول: «يتركوننا وحدنا إذا ربحنا. هم يستفيدون كما حصل بالحكومات وبقانون الانتخاب، وإذا خسرنا يفرحوا؛ لأنهم يعتقدون أنهم تخلصوا منا ونصبح على قولهم (جثة سياسية)».
وفي الشأن الحكومي، طرح باسيل ما قال إنها مبادرة من «التيار الوطني الحر» للخروج من أزمة الحكومة «ومنح الثقة لها، وهي أن يتم رفع عدد الوزراء من 18 وزيراً إلى 20 شرط ألا يأخذ رئيس الجمهورية الوزير المسيحي الإضافي، ولا مشكلة في أن يكون من حصة (تيار المردة)، والأفضل إذا رفع العدد لـ22 أو 24 ليحترموا مبدأ الاختصاص، وألا يتسلم وزير واحد حقيبتين».
وبالنسبة للحقائب؛ قال: «نصرّ فقط على العدالة والتوازن بتوزيعها»، على أن يطبق مبدأ واحد للتسمية «ونحن نقبل بما يقبل به (حزب الله)»، رافضاً ما وصفها بـ«فيديرالية الطوائف»، عبر «تسمية كل طائفة لوزرائها، كما حدث مع الشيعة والدروز»، مضيفاً: «أما إذا طبق هذا الأمر، فيجب أن يطبق على المسيحيين؛ من رئيس الجمهورية لكل كتلة راغبة في المشاركة».
والطرح الثاني الذي قدمه باسيل لمنح الحكومة الثقة، هو «أن تعطونا الإصلاح وتأخذوا الحكومة، وهذه مقايضة عادلة، لكن نريد الدفع سلفاً»، كما قال، مضيفاً: «شروطنا سهلة وتتحقق بأسبوع واحد قبل تأليف الحكومة إذا وجدت الإرادة السياسية»، وهي: «إقرار قانون (الكابيتول كونترول)، ضبط التحويلات للخارج»، وقانون استعادة الأموال المنهوبة والمحوّلة، وقانون كشف حسابات وأملاك القائمين بخدمة عامة، إضافة إلى البدء بالتدقيق الجنائي بـ«مصرف لبنان»، وهكذا مع تشكيل الحكومة تنطلق بالتوازي عملية التدقيق بكل الوزارات والإدارات والمجالس.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.