جولة الفنان السوري باسم ياخور على أسواق دمشق تكشف حجم انهيار الليرة

الألف كانت تطعم عائلة واليوم لا تكفي لـ«ستر العورة»

صورة من فيديو الفنان باسم ياخور حول جولة الألف ليرة في أسواق دمشق
صورة من فيديو الفنان باسم ياخور حول جولة الألف ليرة في أسواق دمشق
TT

جولة الفنان السوري باسم ياخور على أسواق دمشق تكشف حجم انهيار الليرة

صورة من فيديو الفنان باسم ياخور حول جولة الألف ليرة في أسواق دمشق
صورة من فيديو الفنان باسم ياخور حول جولة الألف ليرة في أسواق دمشق

كسب الفنان السوري باسم ياخور، الرهان على إمكانية تحضير وجبة مشاوي بألف ليرة سورية، ولكنها مشاوي بطاطا وبصل خلت من اللحوم، وذلك قبل انطلاقه بجولة استطلاعية على أسواق دمشق لاستكشاف القيمة الشرائية لفئة الألف ليرة سورية التي كانت تعادل قبل الحرب 21 دولاراً أميركياً واليوم بالكاد تساوي ثلث دولار.
وجاء سؤال ياخور: «ماذا تشتري الألف ليرة؟»، ليتزامن مع تحذير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، من ازدياد الاحتياجات الإنسانية بين السوريين، إلى 13.4 مليون شخص، بما يزيد بمقدار المليونين عن العام الماضي.
وفي فيديو بثه على قناته في «يوتيوب»، قال ياخور الذي أطلق جولته من سوق الصالحية وسط دمشق، أن الألف ليرة كانت قبل الحرب تشتري كيلو لحمة مع خضراوات وفواكه، وتكفي العائلة لقضاء يوم سعيد وتحضير طعام ليومين أو ثلاثة أيام أحياناً. فماذا تشتري اليوم؟ وراهن زملاءه في إعداد الفيديو، على أن بإمكانه دعوتهم إلى وجبة مشاوي بألف ليرة. لكنه تعرض لتعليقات انتقدت سؤاله عن قيمة الألف ليرة في أسواق دمشق وهو يلبس بيده ساعة بآلاف الدولارات. إحدى السيدات علقت: «عم تسأل شو بتشتري الألف ليرة وانت لابس ساعة حقها... احسبوها... بس الله يتم عليك مو حسد. بس من القهر».
مع بداية جولته اكتشف ياخور أن الألف ليرة لا تكفي «لستر تحت»، أي لشراء لباس قطني رجالي داخلي، الذي يبلغ سعر أرخص نوع منه الآن، 3500 ليرة، وكان قبل الحرب النوع المتوسط القطن الممزوج، يباع بسعر يتراوح بين 100 - 300 ليرة، والممتاز بـ400 - 600 ليرة، ما يعادل 8 دولارات إلى 12 دولاراً. وحمالة الصدر النسائية الممتازة كانت بـ150 ليرة، وجدها ياخور على البسطة بـ8 آلاف ليرة.
ويعتبر باعة القطنيات في دمشق، أن الأسعار اليوم أرخص بكثير من قبل الحرب، إذ تم حساب قيمتها بالدولار الأميركي، فالقطعة التي كانت قيمتها 600 ليرة عام 2010 أي 12 دولاراً، تبلغ قيمتها اليوم 40 ألف ليرة، كون معظم الورشات اضطرت لتخفيض الجودة لتلائم القدرة الشرائية، مع اليأس من الحصول على قطعة ملابس بألف ليرة، إذ إن أرخص جورب رجالي (بوليستر) بألف ليرة، يعادل سعره ثمن خمس حبات جوز أو عرنوس ذرة مشوي أو مسلوق، بحسب ما أظهرته جولة ياخور. لكن الألف ليرة لا تشتري قطعة حلويات شرقية من سوق الشعلان الذي سأل فيه ياخور عن صحن الكنافة نابلسية، أو المدلوقة (200 غرام) الذي يبدأ سعره من 1100 ليرة، بينما تشتري الألف سندويشتي فلافل من محل بيسان الشهير بسندويشاته الصغيرة غير المشبعة، في حين أكد متابعو الفيديو في تعليقاتهم، على أن سعر سندويشة الفلافل المشبعة 800 ليرة.
وأمام كشك لبيع البسكويت، لم يسأل ياخور عن أسعار البسكويت المهرب التي يبدأ سعر الواحدة منها بثلاثة آلاف ليرة، بينما البسكويت المحلي يمكن شراء تشكيلة منه بألف ليرة. وفي محل حلويات غربية شهير في منطقة المزة معروف بأسعاره المرتفعة، توقف باسم للسؤال عن وجود قطعة كاتو بألف ليرة، متوقعاً طرده من المكان، لكنه فوجئ بوجود قطع معجنات صغيرة تباع الواحدة بألف ليرة، أما قطعة الكاتو فالسعر يبدأ من 1200 ليرة.
ولشراء الخضراوات قصد ياخور سوق الهال القديم، حيث أسعار الجملة أقل بنسبة 30 في المائة عن الأسواق الأخرى في المدينة. من هناك اشترى ياخور مكونات وجبة المشاوي كيلو بطاطا وبضع حبات بصل بـ850 ليرة، قبل أن يذهب إلى محطة المحروقات، لطلب قليل من المازوت بحجم كأس شاي صغير حصل عليها مجاناً بدون بطاقة ذكية، ليكسب بذلك الرهان. وأشعل حطباً جمعه من أرض زراعية بمحيط دمشق وشوى البطاطا والبصل، وقدم لمرافقيه وجبه المشاوي الموعودة بتكلفة لا تتجاوز الألف ليرة. أحد زملائه تهكم على الدعوة «هلا هي العزيمة»، فرد ياخور: «شو بدي أعزمك على لحم غنم بألف ليرة لكان». وغاب لحم الغنم عن موائد السوريين خلال الحرب، لارتفاع الأسعار، إذ وصل سعر الكيلو، مؤخراً، إلى 30 ألف ليرة، أي ما يعادل نصف راتب شهري لعامل في الدولة.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قد حذر قبل يومين من ازدياد الاحتياجات الإنسانية في سوريا، لافتاً إلى أن الأمن الغذائي من أكثر الاحتياجات إلحاحاً، حيث قدر برنامج الأغذية العالمي، أن ما لا يقل عن 12.4 مليون شخص، أي 60 في المائة من السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي والجوع، وقد زاد هذا العدد بـ4.5 مليون شخص خلال عام واحد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».