هل تضع إجراءات «تويتر» الجديدة حداً لانتشار «الأخبار المزيفة»؟

هل تضع إجراءات «تويتر» الجديدة حداً لانتشار «الأخبار المزيفة»؟
TT

هل تضع إجراءات «تويتر» الجديدة حداً لانتشار «الأخبار المزيفة»؟

هل تضع إجراءات «تويتر» الجديدة حداً لانتشار «الأخبار المزيفة»؟

في إطار السعي لتحقيق الشفافية والحد من الأخبار المزيفة، بدأ موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» في 17 فبراير (شباط) الجاري توسيع إجراءات توثيق وتصنيف حسابات كبار المسؤولين الحكوميين والكيانات الإعلامية المرتبطة بالدول، لتشمل 16 دولة بينها مصر، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة. وهو الإجراء الذي عدّه خبراء بمثابة «خطوة على طريق الحد من انتشار المعلومات المضللة من خلال توضيح توجهات الحسابات التي تنشر هذه المعلومات».
وفق الخبراء، فإن هذه الخطوة تأتي نتيجة لانتشار المعلومات الخاطئة والمضللة، حتى على حسابات مسؤولين حكوميين، أو مؤسسات تابعة لهم. وهم يقولون إن الحد من انتشار مثل هذه الأخبار يتطلب تضافر جميع الجهود، سواءً من مؤسسات تكنولوجية كبرى مثل «تويتر»، أو مؤسسات إعلام تقليدية، إضافة إلى تدريب المسؤولين على كيفية التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، كي لا تتسبب منشوراتهم في ترويج الإشاعات والمعلومات المزيفة.
موقع «تويتر» نشر بياناً على مدونته الرسمية أوضح فيه أنه يسعى من خلال هذا الإجراء إلى «تعزيز الشفافية وتوثيق المعلومات المنشورة على المنصة». وأضاف أن «(تويتر) هو المكان الذي يتعرف فيه الناس على ما يحدث، ويستمعون فيه لحكوماتهم ومسؤوليهم الحكوميين. ونحن نعتقد أن تحقيق الأمان وحرية التعبير يسيران جنباً إلى جنب، خصوصاً عند التفاعل مع هؤلاء القادة والمؤسسات المرتبطة بهم، ولذا فإن إضافة سياق لما يتابعه الناس على (تويتر) يساعد الناس على تحقيق تجربة معلوماتية أفضل».
هنا، يرى ماضي الخميس، الإعلامي الكويتي وأمين عام «الملتقى الإعلامي العربي»، أن «توثيق حسابات المسؤولين خطوة مهمة، تُمكّن الجمهور من التأكد من مصدر المعلومة، سواء كان وزيراً أو مسؤولاً حكومياً». في حين وصفت الدكتورة نائلة حمدي، الأستاذ المساعد والعميد المشارك للدراسات العليا والبحوث في كلية الشؤون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأميركية في القاهرة، الإجراء بـ«الخطوة الجيدة للحد من انتشار المعلومات المزيفة». وأردفت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «العالم يعيش اليوم عصر المعلومات المزيَّفة والمضلِّلة، ليس فقط في مجال السياسة، بل حتى في الشؤون الاجتماعية. ومن المهم، بالتالي، أن تتخذ شركات التكنولوجيا الكبرى إجراءات لمساعدة الناس على تحليل هذا الكم الهائل من المعلومات، أو على الأقل معرفة الأمور الأساسية المتعلقة بمصدر المعلومات وانتماءاته».
خطوة تصنيف الحسابات من جانب «تويتر» تعود إلى أغسطس (آب) الماضي، عندما أعلن موقع التغريدات عن بدء تصنيف الحسابات التابعة لكبار المسؤولين الحكوميين، والكيانات الإعلامية التابعة للدولة. وجرى تطبيق هذا الإجراء على الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كمرحلة أولى: الصين، وفرنسا، والولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وروسيا. وبعد تلقي تعليقات حول هذه الإجراءات لعدد من المساهمين والمجتمع المدني، تقرّر التوسع في تطبيق هذا التصنيف في دول مجموعة «السبع الكبار» (جي 7) ومعظم الدول التي يرتبط فيها استخدام «تويتر» بالمعلومات المرتبطة بالدولة. وهكذا شملت المرحلة الثانية: مصر، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وكندا، وكوبا، والإكوادور، وألمانيا، وهندوراس، وإندونيسيا، وإيران، وإيطاليا، واليابان، وصربيا، وإسبانيا، وتايلاند، وتركيا. وتابع موقع «تويتر» أن «هذا التصنيف سيشمل الحسابات الشخصية لقادة هذه الدول».
الإجراءات الجديدة لتوثيق الحسابات لا تعني فقط وضع الشارة الزرقاء المميزة، بل سيصار إلى وضع أيقونة إلى جانب الحساب لتوضيح ما إذا كان الحساب تابعاً لمسؤول حكومي أو لمؤسسة إعلامية تابعة للدولة، حيث يرمَز للمسؤولين الحكوميين بعلم بلادهم، بينما توضَع أيقونة تصوِّر منصة عليها مكبّر صوت إلى جانب حسابات المؤسسات الإعلامية.
نائلة حمدي ترى أن «ما يقدمه (تويتر) هو نوع من أساسيات محو الأمية الإعلامية، من خلال تصنيف الحسابات، كي يعرف الجمهور الانتماءات والتوجهات السياسية لهذه الحسابات. وبالتالي، تتكون لديه قدرة على اتخاذ قرار بشأن المعلومات التي يتلقاها عبر هذه الحسابات». وتشير إلى أن «هذا الإجراء لا يُعد تقييداً لحرية تدفق المعلومات كما يرى البعض، فالحرية لا بد أن ترتبط بالمسؤولية، ولا يجوز أن تعرّض الآخرين للخطر».
وللعلم، سبق أن انتقد بعض الخبراء الإجراءات التي اتّبعها «تويتر» إبان انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة، وإثر اقتحام مبنى الكونغرس، عبر حذف تغريدات، وتعليق حسابات شملت الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. واتهم مناصرو ترمب الموقع بـ«تقييد حرية الرأي»، بينما عدّ آخرون هذه الخطوة «ضرورية للحد من انتشار المعلومات المزيفة».
ماضي الخميس علّق خلال لقائه مع «الشرق الأوسط» قائلاً إنه «لا بد من تدريب المسؤولين على كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام بشكل عام، لا سيما أن كثرة من تصريحاتهم تُحدث ضجة وبلبلة للرأي العام، بسبب عدم اختيار التعبيرات المناسبة، إضافة إلى تأخرهم في الإدلاء بمعلومات». وتابع: «وللأسف معظم الحسابات الحكومية في المنطقة العربية خاملة... تنشر المعلومات متأخرةً ما يثير الجدل والإشاعات».
بموجب التصنيف الجديد للحسابات فإن «تويتر» لن يسمح للمؤسسات الإعلامية التابعة للدولة بالإعلان عبر المنصة. ولن يضع تغريداتها في الترشيحات، بهدف دعم الصحافة والإعلام المستقل، كما ذكر في تغريده حول هذا الأمر في أغسطس الماضي. ويعتزم «تويتر» تعديل أيقونات التصنيف للتفرقة بين حسابات المسؤولين الشخصية، وحسابات الجهات التي تمثّلهم، زيادةً في إعطاء مزيد من السياق للمعلومات المنشورة على هذه الحسابات.
وحسب رأي الخميس «هذا الإجراء سيعطي الجمهور فرصة لاتخاذ قرار أوضح بشأن التفاعل مع منشورات معينة من عدمه، بعد التوثق من كاتب المنشور سواء كان شخصاً أم جهة». أما حمدي فترى أن هذه الخطوة «تعطي فرصة للتحليل المبدئي، وهذا أفضل من لا شيء. فمن المهم أن يعرف الجمهور صاحب الحساب، ونمط ملكية الوسيلة الإعلامية... الذي عادةً ما يؤثّر في توجهاتها وما تنشره من معلومات». هذا، ويمكن لمستخدمي «تويتر» النقر على الأيقونات المصاحبة لهذه الحسابات لمعرفة مزيد من المعلومات عنها. ويعتزم الموقع أيضاً توسيع هذه التجربة لتشمل دولاً أخرى في مرحلة لاحقة، كي يتمكن المستخدمون من معرفة الانتماءات الوطنية والسياسية للحسابات خصوصاً تلك التي تناقش قضايا جيوسياسية.
أخيراً، تجدر الإشارة إلى أن تاريخ توثيق الحسابات على «تويتر» يعود إلى عام 2016 حين أعلن التطبيق في يوليو (تموز) من ذلك العام عن «فتح باب تقديم طلبات للحصول على الشارة الزرقاء، لمساعدة الناس على تجديد الحسابات التي يتابعونها». وأشار «تويتر» يومذاك إلى أن «من بين أوائل الحسابات التي تم توثيقها، حساب مركز ضبط الأمراض (CDC) وهو مؤسسة أميركية معنية بالصحة، وحسابات كل من مركز (أرمسترونغ) في وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، والنجمة كيم كاردشيان، والإعلامية أوبرا وينفري». إلا أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2017 قرر تعليق خدمة توثيق الحسابات، في أعقاب ما أُثير بشأن توثيق حسابات «جماعات نازية». وذكر «تويتر» حينذاك أنه «سيعمل على مراجعة سياسة التوثيق وشروطه، ووضع حد للارتباك الذي سببته هذه الخدمة للناس»... وخلال العام الماضي ومع انتشار جائحة «كوفيد - 19» بدأ «تويتر» توثيق الحسابات الخاصة بالمؤسسات الصحية، ليطرح في نوفمبر الماضي استطلاعاً للجمهور حول سياسة توثيق الحسابات، ويعلن إعادة فتح باب تقديم طلبات لتوثيق الحسابات اعتباراً من يناير (كانون الثاني) الماضي.



«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.