كشف مسلسل تسجيلي جديد تفاصيل جديدة عن لقاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، حول كيفية حدوث لقاءات القمة بينهما، والتصوير مع أولئك الذين كانوا في القاعة التي شهدت اللقاء.
وفي الجزء الثالث والأخير من المسلسل التسجيلي الذي تبثه هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» تحت عنوان «ترمب يتحدى العالم»، يروي الدبلوماسيون المخضرمون أن ما رأوه كان مذهلاً، خصوصاً عندما عرض ترمب على الزعيم الكوري الشمالي توصيله إلى منزله على متن الطائرة الرئاسية «إير فورس وان».
ولم تمضِ القمة الثانية بين ترمب وكيم جونغ أون التي عُقدت في هانوي بفيتنام، كما هو مخطط لها. فبعد أن انتهت المفاوضات حول البرنامج الكوري الشمالي النووي بالفشل، غادر ترمب الاجتماع فجأة، قائلاً للصحافة: «أحياناً عليك أن تنسحب».
* توصيلة إلى المنزل
وقال ماثيو بوتنغر، أبرز الخبراء في شؤون آسيا في مجلس الأمن القومي خلال عهد ترمب، إن «الرئيس الأميركي السابق عرض على كيم توصيلة إلى بيته على متن الطائرة الرئاسية. فالرئيس كان يعرف أن كيم وصل إلى القمة في رحلة بالقطار استغرقت أياماً ومرّت عبر الصين وصولاً إلى هانوي، فقال له: أستطيع أن أوصلك إلى موطنك في غضون ساعتين إذا أردت ذلك. لكنّ كيم رفض».
وكان عرض التوصيل إلى المنزل واحداً من بين كثير من المفاجآت في العلاقة الوثيقة غير المتوقعة بين الرئيس والزعيم، التي بدأت في سنغافورة عندما «اعتقد ترمب أن لديه صديقاً حميماً جديداً»، كما قال مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون لـ«بي بي سي».
* إلغاء «الألعاب الحربية»
وقام ترمب بلفتة أخرى صدمت فريقه، عندما وافق على طلب كيم إلغاء المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وتابع بولتون: «اشتكى كيم جونغ أون، كما فعل في مرات سابقة، من المناورات المشتركة الكبيرة بين قوات من كوريا الجنوبية وقوات أميركية، والتي تُجرى في شبه الجزيرة الكورية منذ ما يزيد على 60 عاماً». وأضاف: «قال ترمب، بشكل غير متوقع: أنا سألغي الألعاب الحربية (كما أطلق عليها) لا حاجة لها، فهي مكلفة جداً وستجعلك سعيداً. لم أستطع أن أصدق ما سمعت».
ويمضي بولتون قائلاً: «وزير الخارجية بومبيو، ورئيس موظفي البيت الأبيض كيلي، وأنا، كنا جالسين هناك في الغرفة مع ترمب ولم يستشرنا في هذا الأمر. لقد جاء الأمر ببساطة من عقل ترمب. لقد كان خطاً غير مقصود، وكان تنازلاً لم نحصل على شيء في مقابله».
* رسالة سرية
وأفاد التقرير بأن حقيقة حدوث اللقاء من أصله بين ترمب وكيم كانت مفاجأة للكثيرين، فقبل اللقاء بأشهر فقط، كان ترمب يصف كيم بـ«رجل الصواريخ» ويهدد كوريا الشمالية بـ«النار والغضب».
ويصف جيف فيلتمان، وهو مسؤول بارز في الأمم المتحدة، كيف أنه، في أوج الأزمة، نقل رسالة سرية من ترمب إلى كيم يعرض عليه فيها أن يلتقيا.
وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية فيلتمان، قد تلقى دعوة لزيارة بيونغ يانغ من الكوريين الشماليين، لكن وزارة الخارجية الأميركية أبلغته بأنها لا تعتقد أن ذهابه إلى هناك فكرة جيدة. ومع ذلك، فبعد أسابيع قليلة، زار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، البيت الأبيض.
وقال الأمين العام غوتيريش، للرئيس ترمب: «جيف فيلتمان تلقى هذه الدعوة الغريبة لزيارة بيونغ يانغ وقيادة حوار سياسي مع الكوريين الشماليين». ومضى فيلتمان يقول: «فمال ترمب ناحيته وقال: على جيف فيلتمان أن يذهب إلى بيونغ يانغ وعليه أن يبلغ الكوريين الشماليين بأنني مستعد للجلوس مع كيم جونغ أون».
* ذهول
ولم يردّ كيم مباشرةً على رسالة ترمب، ولكن بعد أشهر أبلغ الكوريين الجنوبيين بأنه مستعد للقاء الرئيس الأميركي. وأسرع مستشار الأمن القومي في كوريا الجنوبية إلى البيت الأبيض لإيصال الخبر.
يصف مستشار الأمن القومي الأميركي في حينه إتش آر ماكماستر، تلك اللحظة التي قال فيها ترمب «نعم» للقاء، بالقول: «أوشك السفير تشونغ أن يسقط عن كرسيه لأنه اعتقد أن الأمر سيكون من الصعب ترويجه».
وعلى غرار الكثيرين في البيت الأبيض، كان لدى ماكماستر تحفظاته الجدية حيال اللقاء مع كيم، لكن وكما هو الحال مع الجانب الأكبر من السياسة الخارجية لترمب، فإن الرئيس كان سيفعل الأمر بطريقته الخاصة. ويقول ماكماستر: «شعرت أنه سيكون من الأفضل أن ندع كيم جونغ أون يشعر بالضغط لفترة أطول قليلاً. لكن، بالطبع لم يكن الرئيس ليقاوم هذه الفرصة».