الشاعر الراحل فتحي عبد الله... علاقة حميمة بالأرض وعالم القرية لآخر حياته

فتحي عبد الله
فتحي عبد الله
TT

الشاعر الراحل فتحي عبد الله... علاقة حميمة بالأرض وعالم القرية لآخر حياته

فتحي عبد الله
فتحي عبد الله

بعد صراع طويل مع المرض والحياة، وعن عمر يناهز 64 عاماً، غيّب الموت الخميس الماضي الشاعر المصري فتحي عبد الله، أحد أبرز أصوات قصيدة النثر، خاصة بين شعراء الثمانينات.
وقد ولد فتحي عبد الله بقرية رمل الأنجب بمحافظة المنوفية، مسقط رأس الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر، ودرس في كلية دار العلوم، جامعة القاهرة، وعقب تخرجه عام 1984، سافر إلى العراق لمدة سنتين وبعد عودته التحق بالعمل بالهيئة المصرية للكتاب، وتولى مدير تحرير سلسلة «كتابات جديدة»، كما عمل بمجلة «القاهرة» إبان رئاسة الدكتور غالي شكري لتحريرها.
ترك عبد الله ستة دواوين شعرية كان الأول بعنوان «راعي المياه» 1993، والثاني «سعادة متأخرة» 1998، وصدرا عن هيئة الكتاب المصرية، وأعقبهما بـ«موسيقيون لأدوار صغيرة» 2000، و«أثر البكاء» 2004،، مطبوعات هيئة قصور الثقافة المصرية، ثم نشر عبد الله ديوانه الخامس «الرسائل عادة لا تذكر الموتى» لدى «الدار للنشر والتوزيع» 2008، وكان ديوانه السادس «يملأ فمي بالكرز» قد صدر حديثا عن دار الأدهم، وهو آخر كتبه.
في شعره حافظ على علاقة حميمة بالأرض وعالم القرية، فبدت قصائده وكأنها صدى لدبيب البشر والمطر والحقول ومواسم الزرع والحصاد، كما تشربت رموزه ودلالته الشعرية بروح من الخرافة والأساطير الشعبية المفتوحة على براح الطبيعة وإيقاع الماضي والحاضر معاً... يقول في قصيدة له بعنوان «عطر بعيد»:
«يأتي حصادون وبائعو غلال إلى قمح أبي
ويضعون المذراة على رأس الحقل
وينادون بأصوات مكسورة
أين الفراشة التي اصطادها الغلام
في الصباح
وتأخذها إلى صومعة قريبة
دون أن يذكر لأمه أن القمر على كتفها
ما زال هلالاً
وما زال صوتها جيتاراً تنهبه الريح
وهو يركض في أحراش تملؤها المياه
حتى عثر على أساورها المفقودة
فرفعها إلى أعلى
ورقص على طبول تأتي من الأدغال
وبينما يخلع قميصه الأخضر
وجدها على التابوت
تغني للملاك الذي أخذ حذاءها
في المرة الأولى
ولم يترك لها إشارة واضحة على نومه
وحيداً
فأغلقت الباب على سريرها العالي
وقالت ربما قتلوه بين أعواد الذرة
أو ذهب بمفرده إلى حانة بالمدينة
ونسي أن يعلق قبعته على النافذة
وأنا في انتظاره على المقهى
أشم عطره من بعيد».
ونعى الكثيرون من الشعراء والكتاب والمبدعين في مصر والدول العربية الشاعر فتحي عبد الله. وكتبت الشاعر المصرية صفاء فتحي «فلتكن رحلتك إلى حياتك الأخرى عذبة ونقية وارتقاء روحك الجميلة إلى الماوراء بنزاهة حياتك وكبرياء وجودك، فلتعد هانئاً راضياً إلى حيثما أتيت أيها الصديق الغائب والشاعر الذي يعود إلى جبل قصيدته». أما الشاعر والمترجم العراقي محمد مظلوم، فوصف رحيله بالمفجع حقاً وكتب قائلاً:
وأنا أقرأ نعي صديقي الشاعر فتحي عبد الله تذكرتُ بيت عبدة بن الطبيب في رثاء قيس بن عاصم: «وما كان قيسٌ موتُهُ موتَ واحدٍ ولكنَّهُ بنيانُ قومٍ تهدَّما»... وهو رحيلٌ مفجع حقاً، فمثل فتحي مثال حي عن كيف يكون الفرد وهو في أقصى فردانيته وعزلته مسكوناً بروح الجماعة، اتصلتُ به قبل بضعة أيام لأحاول أن أشدَّ من عزمه وأقويه في مرضه وإذا به يضحك ضحكته المعهودة ويقول، لا تخفْ يا مظلوم أنا بخير، وفي الواقع كان صوته زاخراً بالحيوية والمرح كما عهدته رغم أنه كان يحتضر.
وكتبت الشاعرة والروائية الإماراتية ميسون صقر «الشاعر فتحي عبد الله ظل يخاتل المرض حتى فاجأه الموت بغتة وفاجأنا فتحي ابن مرحلة الثمانينات الشعرية المصرية وابن قصيدة النثر المثقف والشاعر الذي تخفف من كل شيء ورحل عنا دون أن يكتنز من الدنيا ومتاعها أو من الثقافة وجوائزها أو من الصحافة ومقالاتها أو من المثقفين وتكتلاتهم أو من السياسة وتقسيماتها غير الفتات، ورحل شاعراً ومثقفاً يشار إليه بالبنان».
وعبّر الشاعر اليمني محمد عبد الوهاب الشيباني عن صدمته قائلاً «أنا حزين جداً، صديقي الشاعر المتمرد والصعلوك النبيل فتحي عبد الله مات، في الآونة الأخيرة كتب مجموعة من النصوص الشعرية الجميلة، التي التأمت في مجموعة سادسة أسماها (يملأ فمي بالكرز)، وكتب دراسات نقدية منصفة عن كثير من المجاميع الشعرية الشابة، واستحضر مجموعة من أصدقائه الذين أثَّروا فيه، ونشر مجموعة كبيرة من المقالات الثقافية والسياسية النافذة التي عرَّت زيف المتكسبين والمتهافتين الصغار من أسماء محسوبة على النخبة الثقافية في مصر. وكتب عن العراق التي احتضنته لسنوات وشعرائها الرائعين، كتب بكثرة وشغف حميم وكأنه كان يستعجل رحيله المر، قبل أن نستطعم كرزات ديوانه الأخير الذي بشَّر بصدوره القريب قبل أيام، أصدق التعازي وعظيم المواساة لأسرته وللوسط الثقافي في مصر والعراق والوطن العربي».
ونعاه الكاتب المصري حمدان عطية على صفحته الخاصة في «فيسبوك» قائلاً «يهل الشاعر فتحي عبد الله كأنه عائد من صحبة تروتسكي بمنفاه، أو ذاهب للقاء جيفارا بأحراش أميركا اللاتينية، ففيه حس الثوريين الكبار وعمق المثقفين أصحاب المواقف والملتزمين، يُذكرني بكتابات جرامشي وسارتر، جمعتنا صداقة امتدت قرابة العشرين عاماً فنحن جيران بالقرية، لم يكن يظهر كثيراً، إخوته ووالده هم مَنْ كانوا يقومون بفلاحة أرضهم، لكنه لم يحب هذه الأعمال، ولم ينخرط في أي شيء متعلق بالقرية، عاشها كطفولة لا تنتهي في شعره يزورها على استحياء».



«جنون تام» لاصطياد «سمكة قرموط» وزنها 68 كيلوغراماً

صيدُها تسبَّب بإنهاك تام (مواقع التواصل)
صيدُها تسبَّب بإنهاك تام (مواقع التواصل)
TT

«جنون تام» لاصطياد «سمكة قرموط» وزنها 68 كيلوغراماً

صيدُها تسبَّب بإنهاك تام (مواقع التواصل)
صيدُها تسبَّب بإنهاك تام (مواقع التواصل)

قال صيادٌ إنه بات «منهكاً تماماً» بعدما اصطاد سمكةً يأمل أن تُسجَّل بوصفها أكبر سمكة سلور (قرموط) اصطيدت في بريطانيا.

واصطاد شون إينغ السمكة، ووزنها 68 كيلوغراماً، من مزارع تشيغبورو السمكيّة بالقرب من منطقة مالدون بمقاطعة إسكس.

وفي تصريح لـ«بي بي سي»، قال إينغ إنّ الأمر استغرق ساعة ونصف الساعة من «الجنون التام» لسحبها إلى الشاطئ.

ولا تزال السمكة في انتظار التحقُّق الرسمي من «لجنة الأسماك المسجَّلة البريطانية»، ولكن في حال صُدِّق عليها، فسيتحطم بذلك الرقم القياسي الحالي الذي سجّلته سمكة قرموط أخرى اصطيدت من البحيرة عينها في مايو (أيار) الماضي، والبالغ وزنها 64.4 كيلوغرام.

كان إينغ يصطاد مع زوجته، كلوي، وأصدقاء، عندما التقطت السمكة الطُّعم. وقال الرجل البالغ 34 عاماً إنّ سمكة القرموط البالغ طولها أكثر من 2.4 متر، كانت قوية بشكل لا يُصدَّق، مشيراً إلى أنها كانت تقاوم بشدّة وتسحب الخيط بقوة.

وتابع: «كنتُ أملك كلباً. لكنّ الأمر بدا كما لو أنني أسير مع 12 كلباً معاً». وأضاف إينغ المُتحدّر من منطقة لانغدون هيلز، أنّ أصدقاءه لم يستطيعوا مساعدته للاقتراب بالسمكة من الشاطئ.

السمكة الضخمة (مواقع التواصل)

وأردف: «حتى بعد ساعة من المقاومة، كانت السمكة لا تزال تسحب الخيط. كنا نتساءل: (متى سينتهي هذا؟). كانوا ينظرون إلى ساعاتهم ويفكرون: (هل سنظلُّ هنا حتى الصباح نحاول سحبها؟)».

في النهاية، أخرجت المجموعة السمكة من الماء. والطريف أنها كانت ثقيلة جداً حدَّ أنها تسببت في ثني كفّة الميزان. يُذكر أنّ وزن سمكة القرموط عينها حين اصطيدت قبل 10 سنوات كان أقلّ من وزنها الحالي بنحو 9.1 كيلوغرام.

وأضاف إينغ: «إنها سمكة القرموط التي ضاعت من الجميع منذ وقت طويل»، مضيفاً أنّ هذا الصيد يُعدّ «مفخرة عظيمة» لمزارع تشيغبورو السمكيّة التي تطوَّع وزوجته للعمل بها.

بدوره، قال متحدّث باسم «لجنة الأسماك المسجَّلة البريطانية» (التي تُصطاد بالصنارة) إنّ اللجنة تلقّت طلباً بتسجيل سمكة شون إينغ.

وأضاف: «لم يُصدَّق عليه بعد، لكن سيُنظر فيه في الوقت المناسب».

يُذكر أنّ سمكة القرموط، التي كانت تُعاد إلى الماء بانتظام بُعيد عملية الوزن، قد أُطلقت الآن في بحيرة مخصَّصة لأسماك السلور في المزرعة السمكيّة.