فقراء لبنان 2.7 مليون... والمساعدات 50 دولاراً للعائلة

اتهامات لحكومة دياب بالتقصير في الاستجابة لاحتياجاتهم

TT

فقراء لبنان 2.7 مليون... والمساعدات 50 دولاراً للعائلة

عكست طريقة تعامل السلطات اللبنانية مع تنامي الاحتياجات الاجتماعية والمعيشية، وتوزيع المساعدات على العائلات الأكثر فقراً «تقصيراً في الاستجابة للاحتياجات الاجتماعية»، وأظهرت تباطؤاً في اتخاذ الإجراءات، وسط اتهامات سياسية لحكومة تصريف الأعمال بالتهرب من مسؤولياتها.
وشدد رئيس الحكومة حسان دياب، أمس، على «ضرورة اعتماد قاعدة بيانات موحدة شفافة لتوزيع أموال القرض على العائلات»، وذلك خلال اجتماع خصص لمتابعة مشاريع البنك الدولي، حضره المدير الإقليمي للبنك في دائرة الشرق الأوسط، ساروج كومارجاه.
ولا يصل المبلغ الذي يوزع حالياً على الأسر الأكثر فقراً (400 ألف ليرة) إلى الحد الأدنى للأجور المحدد بـ675 ألف ليرة، كما أن قيمته الفعلية لا تساوي 50 دولاراً، إضافة إلى أن عدد الأسر التي ستصلها هذه المساعدة (250 ألف أسرة) لا يغطي إلا نسبة قليلة جداً من عدد الأسر المحتاجة في لبنان، حيث العدد الإجمالي للفقراء أصبح يفوق 2.7 مليون شخص، حسب دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا).
وبينت الدراسة نفسها تضاعف نسبة الفقراء من سكان لبنان، لتصل إلى 55 في المائة عام 2020، بعدما كانت 28 في المائة في 2019، وازدياد نسبة الذين يعيشون بالفقر المدقع من 8 إلى 23 في المائة خلال الفترة نفسها.
وخلافاً للمساعدة الدولية، اكتفت الحكومة برصد مبلغ صغير لعدد من الأسر التي عدتها من الأكثر فقراً، منذ الإقفال العام الأول في مارس (آذار) 2020. وانتهى البرنامج الوطني للتكافل الاجتماعي الذي وضعته وزارة الشؤون الاجتماعية في شهر أبريل (نيسان) الماضي، والذي كان بإشراف رئاسة الحكومة، بتوزيع 400 ألف ليرة (نحو 50 دولاراً حسب سعر صرف السوق، و260 دولاراً حسب السعر الرسمي) عبر الجيش اللبناني لـ200 ألف أسرة محتاجة (بعض الأسر حصل على المبلغ مرة واحدة، وبعضها مرتين، وبعضها 3 مرات)، انطلاقاً من بيانات تقدمت بها وزارات عدة، بينها وزارة الشؤون الاجتماعية.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، ومع دخول لبنان إقفالاً عاماً جديداً استمر شهراً كاملاً، أعطت وزارة المال توجيهاتها بدفع 75 مليار دولار، بصفتها سلفة خزينة للهيئة العليا للإغاثة، تنفيذاً للخطة الاجتماعية الهادفة إلى مساعدة الأسر التي ترزح تحت أوضاع معيشية حادة بسبب الإجراءات المتخذة لمواجهة كورونا، وهي التي بدأ الجيش بتوزيعها منذ أيام، ومن المقرر أن تستفيد منها 250 ألف أسرة.
ويرى عضو لجنة المال والموازنة النائب فيصل الصايغ أن هذه المساعدة لا يمكن عدها أكثر من «ترقيع»، معتبراً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن حكومة تصريف الأعمال لا تجتمع حتى للضرورة، ولا تريد أن تعمل «فهي عاتبة على الطريقة التي تم التعامل بها معها وتقديم استقالتها، فترى نفسها غير معنية، ولو كان الملف ضرورياً... وللأسف، المواطن يدفع الثمن».
ومن الملفات الأساسية التي يجب على الحكومة اتخاذ قرار فيها ملف ترشيد الدعم، في ظل تراجع احتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية. ويقول الصايغ إن الحكومة «لا تريد أن تتحمل تبعات قرار ترشيد الدعم»، رغم «ضرورة الإسراع بهذا الأمر لأن 25 في المائة فقط من الدعم يذهب إلى المحتاجين فعلياً، فيما الباقي يذهب إما تهريباً إلى خارج لبنان أو لأشخاص لا يحتاجون إلى الدعم».
ويرى الصايغ أن الحل الوحيد المتاح حالياً كي لا نصل إلى الانفجار الاجتماعي هو «تشكيل حكومة، وتقديم تنازلات في هذا الصدد، لا سيما من رئيس الجمهورية ميشال عون»، مضيفاً أن الحل يكون عبر ثلاثة مفاتيح، هي «حكومة تتناسب مع المبادرة الفرنسية وتضع خطة اجتماعية واقتصادية تعيد لبنان إلى علاقاته الدولية والعربية، ووقف التهريب، وحل ملف الكهرباء».
وفي الإطار نفسه، يوضح عضو لجنة الشؤون الاجتماعية النيابية النائب فادي سعد أن حكومة تصريف الأعمال غير موجودة، وكأنها «لم تصدق أنها استقالت حتى تتهرب من مسؤولياتها»، فهي تتصرف و«كأن تصريف الأعمال يعني عدم العمل، رغم أنها مسؤولة عن المواطنين، لا سيما في الأزمات».
وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة المستقيلة لم تتعاطَ بالشكل المطلوب منها، لا بالملف المالي ولا الاقتصادي، ولا حتى الصحي».
وإلى جانب هذه المساعدة المقدمة من الدولة، ينتظر فقراء لبنان الإفراج عن أموال قرض البنك الدولي، البالغة 246 مليون دولار، التي ستدعم 150 ألف أسرة من الأكثر فقراً، بالإضافة إلى نحو 87 ألف تلميذ في التعليم الرسمي، حتى يتمكنوا من إكمال دراستهم، إلا أن الأمر لا يزال يحتاج إلى إقرار قانون من مجلس النواب الذي طرح خلال اجتماع اللجان المشتركة مؤخراً أسئلة حول هذا القرض.
وفي هذا السياق، يوضح سعد أن هناك اتفاقاً بين النواب على ضرورة هذا القرض، إلا أن هناك علامات استفهام عدة حوله، منها تخصيص 18 مليون دولار مصاريف للعاملين، وهو مبلغ كبير، فضلاً عن عدم وضوح طريقة التوزيع، إذ إن هناك أكثر من مصدر للمعلومات حول الأسر المستفيدة، منها لوائح وزارة الشؤون الاجتماعية والجيش اللبناني، موضحاً أن النواب بانتظار الإيضاحات من الجهات المعنية.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.