نهاية الجدل حول تغيير حكومي وشيك في الجزائر يضع أمين عام حزب الغالبية في حرج

«جبهة العدالة» تتهم الحكومة بعقد «صفقة سرية» مع «توتال» الفرنسية لاستغلال الغاز الصخري

نهاية الجدل حول تغيير حكومي وشيك في الجزائر يضع أمين عام حزب الغالبية في حرج
TT

نهاية الجدل حول تغيير حكومي وشيك في الجزائر يضع أمين عام حزب الغالبية في حرج

نهاية الجدل حول تغيير حكومي وشيك في الجزائر يضع أمين عام حزب الغالبية في حرج

سقطت كل التخمينات والتوقعات التي شدت الطبقة السياسية بالجزائر، منذ أكثر من شهرين، بخصوص تعديل حكومي مفترض، بعد أن أعلن رئيس الوزراء عبد المالك سلال بأن «تغيير الحكومة ليس في أجندة رئيس الجمهورية».
ويعد تصريح سلال الذي جرى بالبرلمان أول من أمس، بمثابة «صفعة» لأمين «جبهة التحرير الوطني» (غالبية) عمار سعداني، الذي قال في مؤتمر صحافي قبل أسبوعين، وهو واثق من نفسه، إن «بوتفليقة يعتزم تغيير الحكومة في غضون أيام». وهاجم سعداني طاقم سلال بشدة نهاية العام الماضي، معيبا عليه «انعدام الكفاءة في معالجة مشكلات المواطنين».
وعد الهجوم بمثابة إعلان غير رسمي، عن تغيير حكومي وشيك. فمعروف عن سعداني أنه مقرب من «جماعة الرئيس»، زيادة على أن الحزب الذي يقوده يرأسه بوتفليقة شرفيا.
وتوقعت الطبقة السياسية والصحافة أن يدخل بوتفليقة تغييرا على طاقمه الحكومي الذي عينه في مايو (أيار) من العام الماضي، بعد انتخابات الرئاسة التي جرت في 17 أبريل (نيسان) 2014، لمواجهة أزمات ومشكلات كبيرة أهمها المؤشرات التي لاحت في الأفق، بشأن انكماش مداخيل البلاد من العملة الصعبة، جراء انخفاض في أسعار البترول، أعاد إلى الأذهان أوضاع البلاد السيئة بعد الأزمة النفطية في منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي.
ومن بين التحديات التي تواجه الحكومة، وعجزت عن التعامل معها، احتجاجات سكان الجنوب وبالتحديد عين صالح (1900 كلم جنوب العاصمة) على مسعى الحكومة التنقيب عن الغاز الصخري. وخرج الآلاف إلى شوارع عين صالح، في الأيام الماضية، فأبدوا استياء من احتمال إلحاق ضرر بالمياه الجوفية التي تزخر بها منطقتهم، جراء استغلال الغاز الصخري في المستقبل، وطالبوا بتوقيف أعمال الحفر فورا. ورغم تطمينات الرئيس بوتفليقة، خلال اجتماع عقده الثلاثاء الماضي مع 10 وزراء حول موضوع الغاز الصخري، وتعهده بأن الحكومة تراجعت عن مسعاها، لم تتوقف الاحتجاجات مما يعكس عدم ثقة مواطني عين صالح في وعود الحكومة، بحسب مراقبين.
وأوضح سلال أن «عملية التنقيب في مجال الغاز الصخري تهدف إلى معرفة إمكانيات الجزائر، فيما يخص الطاقات غير التقليدية التي تتوفر عليها»، مشيرا إلى أن الحكومة وضحت مرارا وتكرارا، خصوصا بعد الاجتماع المصغر الأخير، أن شركة «سوناطراك» (للمحروقات المملوكة للدولة) تعكف حاليا على تقدير إمكانيات الجزائر فيما يتعلق بطاقاتها غير التقليدية. وتفيد التقديرات الأولية بأنها تتوفر على إمكانيات كبيرة جدا في هذا المجال.
واتهم برلماني الحزب الإسلامي «جبهة العدالة والتنمية» الأخضر بن خلاف، أمس في تصريحات للصحافة، الحكومة بإخفاء الحقيقة عن الجزائريين. وقال بالتحديد إن المجموعة الفرنسية «توتال»، كشفت على موقعها الإلكتروني، عن مشاريعها لاستغلال الغاز الصخري في الجزائر، وتضمنت «مستجدات تثير الكثير من نقاط الظل والاستفهامات، وسط الجدل القائم بخصوص استغلال الغاز الصخري في الجزائر والاعتراضات الواسعة على مثل هذه المشاريع».
وأضاف: «لقد أشارت المجموعة الفرنسية إلى مشروعين بمنطقة أهنات بعين صالح وتيميمون، يتضمنان استكشاف واستغلال الغازات غير التقليدية». وصنف تقرير للشركة الفرنسية «توتال» مشروعي تيميمون وأهنات بعين صالح، ضمن مشاريع التطوير والإنتاج، وأشارت إلى أن مشاريع التطوير والاستغلال تخص ما يعرف بتايت غاز، وهو من بين الغازات غير التقليدية، على غرار الغاز الصخري شايل غاز، مؤكدة على أن حقل تيميمون يقام على أساس شراكة بين «سوناطراك» و«توتال». ويعني ذلك، حسب بن خلاف، أن الحكومة أبرمت عقدا مع المجموعة الفرنسية، ويجري تنفيذه «سرا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.