سياسية تونسية معارضة تتهم الغنوشي بفتح أبواب البرلمان لجهات أجنبية

إضراب لموظفي الخطوط الجوية التونسية نتيجة خلاف مع شركة تركية

الأمين العام للاتحاد العمالي نور الدين الطبطوبي يتحدث في تجمع لموظفي الخطوط الجوية التونسية بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
الأمين العام للاتحاد العمالي نور الدين الطبطوبي يتحدث في تجمع لموظفي الخطوط الجوية التونسية بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
TT

سياسية تونسية معارضة تتهم الغنوشي بفتح أبواب البرلمان لجهات أجنبية

الأمين العام للاتحاد العمالي نور الدين الطبطوبي يتحدث في تجمع لموظفي الخطوط الجوية التونسية بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
الأمين العام للاتحاد العمالي نور الدين الطبطوبي يتحدث في تجمع لموظفي الخطوط الجوية التونسية بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)

في ظل إضراب عام ينفذه موظفو الخطوط الجوية التونسية بسبب حجز على حساباتها نتيجة دعوى قضائية من شركة تركية، برزت في الساحة السياسية التونسية اتهامات وجهتها عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، لرئيس البرلمان، راشد الغنوشي، بفتح أبواب البرلمان لجهات أجنبية، من خلال السماح بالحصول على تمويلات خارجية دون احترام مقتضيات القوانين التونسية. ووجهت موسي تنبيهاً، بواسطة مسؤول عدلي (عدل تنفيذ)، إلى الغنوشي لطلب إيقاف العمل باتفاقية مبرمة بين البرلمان التونسي و«المعهد الوطني للديمقراطية»، وهو الطرف المعني بشكوى الزعيمة المعارضة.
وحملت موسي رئيس البرلمان المسؤولية القانونية والسياسية عن مواصلة «رهن» المؤسسة التشريعية التونسية للخارج، ولفتت إلى خطورة هذا الملف، قائلة إنه يضرب السيادة التونسية، ويعد تدخلاً في المجالات السيادية، ويمثل تطويعاً لمؤسسة البرلمان لصالح غايات وأهداف أجنبية مجهولة النتائج، حسب رأيها.
وقالت موسي إن هذه المنظمة الأجنبية «اخترقت» البرلمان التونسي، وفتحت مكاتب لنواب البرلمان التونسي بمختلف الجهات الداخلية، معتبرة أن ذلك يشكل خرقاً للدستور الذي يطالب الدولة بتوفير إمكانات العمل للنواب.
وأكدت أن هذه المنظمة تتدخل في الشؤون السيادية للدول، من خلال تمويل المساعدين البرلمانيين والخبراء وأنشطة اللجان. وقالت إن هذه التمويلات حصل عليها البرلمان التونسي دون الإدلاء بأي وثائق محاسبية، أو موافاة أعضاء البرلمان ورؤساء الكتل البرلمانية بتفاصيل ما يحصل من تحويلات مالية.
يذكر أن هذا المعهد المعني بانتقادات السياسية التونسية المعارضة قد أشرف على برامج لتشجيع التطور الديمقراطي، لكن أطرافاً سياسية تقول إنه يؤثر في القرارات والسياسات، من خلال دعم منظمات المجتمع المدني والائتلافات السياسية، ومحاولة وضع برامج لتعزيز العمليات الانتخابية، وتطوير أدوات للتأثير على الرأي العام، وتعزيز دور المرأة والشباب في المشهد السياسي.
وعلى صعيد آخر، شرع موظفو الخطوط الجوية التونسية (حكومية) في إضراب عام مفتوح عن العمل بجميع المطارات التونسية بدءاً من أمس (الجمعة)، وذلك احتجاجاً على الأوضاع المالية التي تمر بها الشركة، لا سيما بعدما أعلنت شركة «تاف تونس» التركية عن إجراء حجز على الحسابات المالية للشركة التونسية بسبب تراكم ديونها. وشدد اتحاد نقابي لموظفي قطاع النقل على أن الإضراب يأتي دفاعاً عن ديمومة الخطوط التونسية بصفتها مؤسسة عمومية، وعدم المساس بمستحقات الموظفين.
وهدد نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمال)، بشن الإضراب العام في كل المؤسسات العمومية، وليس في الخطوط التونسية فقط، وذلك رداً على دعوات لخصخصة مؤسسات عمومية أو حصص منها.
وأوضح الطبوبي، في كلمة ألقاها أمس في تجمع عمالي بشركة الخطوط التونسية، أنه سيجتمع مع رئيس الحكومة ووزير النقل وممثلي نقابة موظفي قطاع النقل وممثلي النقابات كافة، كما سيتم دعوة مجمع القطاع العام التابع للاتحاد لاتخاذ قرار موحد لـ«التصدي لكل التوجهات الهادفة للتفويت في المؤسسات العمومية لصالح القطاع الخاص»؛ أي التنازل عن جزء من القطاع العام لمصلحة الخاص.
وفي تعليقه على الوضع السياسي المتأزم بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، قال الطبوبي إنه أعلم من وصفهم بـ«المراهقين السياسيين الذين لا يفهمون السياسة» أن الاتحاد العمالي «لن يعطيهم تونس، ولن يسمح لهم بتدميرها»، مجدداً التأكيد أن «هناك مليون خط أحمر أمام التفويت في المؤسسات العمومية (تحويل جزء منها للقطاع الخاص)».
وأضاف أن سياسيي تونس «أخطر من كورونا على البلاد، فهم يخططون لبيع المطارات ثم الموانئ وغيرها من ممتلكات الدولة، وتونس ليست للبيع». ووصف الوضع العام في تونس بالقول إن «شرذمة من المفسدين» تحكم البلد منذ عشر سنوات؛ أي منذ الثورة التي أطاحت الحكم السابق.
وأعلنت وزارة النقل التونسية، أمس، إيقاف قرار تجميد حسابات مجمع شركة الخطوط التونسية الذي أعلنته في وقت سابق شركة «تاف» التركية بسبب ديون مستحقة لها، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت الوزارة عن القرار عقب اجتماع وزير النقل، معز شقشوق، بممثلين عن الشركة التركية والخطوط التونسية وديوان الطيران المدني، في وقت بدأ فيه عمال الخطوط التونسية إضراباً مفتوحاً في مطارات تونس.
وقالت الوزارة، في بيان، إنه جرى الاتفاق على بدء التفاوض بين شركة «تاف تونس» المستغلة لمطار النفيضة (شرق البلاد) ومجمع الخطوط التونسية من أجل ضبط الديون، وجدولة تسديدها، وتوقيع اتفاق بهذا الإطار بحلول يوم 26 من الشهر الحالي.
وتطالب شركة «تاف تونس» بديون مستحقة لها تقدر بثمانية ملايين يورو، حسب مصادر تونسية. لكن وكالة أنباء «الأناضول» التركية نقلت عن كاهنة مملوك، المديرة العامة لشركة «تاف تونس» المشغلة لمطاري النفيضة والمنستير الدوليين، قولها لراديو «موزاييك» المحلي في تونس إن قيمة ديون الخطوط الجوية التونسية للشركة تناهز 20 مليون يورو (قرابة 70 مليون دينار)، وإن هذا الدين متراكم يعود إلى سنة 2015.
وتعاني شركة الخطوط التونسية التي تشغل أكثر من 8 آلاف موظف في جميع فروعها من زيادة كبيرة في عدد العمال، وديون متراكمة، وتقادم جانب من أسطولها. وقد اصطدمت خطط سابقة لإصلاح الشركة، من بينها تسريح عمال يزيدون على الاحتياجات الحقيقية لفروعها، بمعارضة النقابات.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.