«صفقة قمح» برعاية روسية بين فصائل موالية لأنقرة ودمشق

TT

«صفقة قمح» برعاية روسية بين فصائل موالية لأنقرة ودمشق

أعلن في دمشق عن وصول أول قافلة قمح من احتياطي الحبوب في صوامع الحسكة الواقع تحت السيطرة التركية، إلى حلب، وذلك بوساطة روسية.
وذكرت مصادر إعلامية روسية أن اتفاقاً جرى بين النظام والجانب التركي في محافظة الحسكة لنقل جزء من احتياطي الحبوب من صوامع الشركراك التي يسيطر عليها «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا إلى مناطق سيطرة النظام في محافظة حلب.
وتفيد المعلومات الواردة من الحسكة بأن القافلة الأولى حملت نحو 400 طن بالقمح، اتجهت الخميس برفقة قوات روسية إلى حلب. وتقدر كمية الحبوب المخزنة في صوامع «الشركراك» الواقعة بمحاذاة طريق الحسكة - الرقة - حلب بـ16 ألف طن من القمح، و25 ألف طن من الشعير، من إنتاج موسم مناطق الإدارة الذاتية في الجزيرة السورية لعام 2019.
وكان «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا قد سيطر على صوامع الشركراك عام 2019 خلال عملية «نبع السلام» التركية ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد). وحاولت «الإدارة الذاتية» استعادة مخزون الصوامع من الحبوب عبر مفاوضات عبر الوسيط الروسي دون جدوى.
وجاء بدء نقل جزء من القمح الاحتياطي السوري إلى حلب بعد توصل الجانب الروسي إلى اتفاق مع «قوات سوريا الديمقراطية» بتسليم مواقعها في خطوط التماس الشمالية للقوات الروسية، المواجهة لنقاط تمركز الجيش التركي، وسبق الاتفاق بأيام قليلة وصول تعزيزات عسكرية من قوات النظام وحلفائه إلى ريف حلب بمحيط مدينتي الباب ومنبج.
وكانت الحكومة قد طرحت قبل أيام مناقصة دولية لشراء واستيراد 200 ألف طن من القمح اللين لصنع الخبز. في ظل أزمة خبز حادة تعاني منها البلاد، منذ ستة أشهر، بعد تمنع شركات روسية عن توريد القمح إلى دمشق نتيجة تشديد العقوبات الاقتصادية الدولية بعد فرض قانون «قيصر» صيف العام الماضي، كما لم ترسل روسيا التي تعد المورد الدائم للقمح إلى سوريا، كامل كمية القمح التي وعدت بها كمساعدات إنسانية منذ 2019 وقدرها 100 ألف طن مع أن حجم المساعدات الروسية من القمح لا يغطي الاحتياج السوري. وما فاقم أزمة القمح بدمشق ربط الإدارة الذاتية المسيطرة على معظم أراضي الجزيرة السورية التي تعد سلة القمح السوري سعر القمح بالسعر السائد للدولار، الأمر الذي أربك النظام في ظل انهيار حاد في قيمة الليرة السورية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الأميركي أمس، سعر 3200 ليرة سورية.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة حذر قبل أسبوع، من أن 60 في المائة من السوريين يعانون اليوم من انعدام الأمن الغذائي، بناءً على نتائج تقييم وطني في أواخر عام 2020. ولفت التقرير إلى أنّ 12.4 مليون شخص في سوريا يكافحون للعثور على ما يكفيهم من الطعام، في «زيادة مقلقة». إذ إن الوجبة الأساسية أصبحت الآن بعيدة عن متناول غالبية العائلات. مع الإشارة إلى أنه في مطلع عام 2021 كانت أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء البلاد أعلى 33 مرة من متوسط خمس سنوات قبل الحرب.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.