أميركا تعود إلى قيادة التحالف «الرباعي» في منطقة صعود الصين

أنعشت الاجتماعات والاتصالات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظرائه في منطقة آسيا والمحيطين الهندي والهادي، ما يسمى تحالف «كواد» («الرباعي») الذي يجمع الولايات المتحدة وأستراليا والهند واليابان، فيما يبدو أنه استراتيجية ثابتة في سياق وعد قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن بإعادة أميركا إلى دورها القيادي في منطقة تشهد صعوداً قوياً لنفوذ الصين.
وأفادت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، بأن بلينكن تحدث مع نظيرته الأسترالية ماريز باين، والهندي سوبرامنيام جايشانكار، والياباني توشيميتسو موتيجي، وناقش معهم «التعاون الرباعي حيال الاستجابة لـ(كوفيد – 19) والانتعاش وتغير المناخ»، ملتزماً «العمل سوية لمواجهة هذه التحديات العالمية». وبحث الوزراء الأربعة أيضاً في «مكافحة المعلومات المضللة، ومحاربة الإرهاب، والأمن البحري، والحاجة الملحة إلى استعادة الحكومة المنتخبة ديمقراطياً في ميانمار، وأولوية تعزيز المرونة الديمقراطية في المنطقة الأوسع»، مؤكدين «دعمهم المتبادل لمركزية رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)».
وجددوا التزامهم تكرار اجتماع هذا التحالف «الرباعي» على الأقل سنوياً على المستوى الوزاري، وعلى أساس منتظم على المستويات العليا ومستويات العمل لتعزيز التعاون من أجل النهوض بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك دعم حرية الملاحة والسلامة الإقليمية. وشكّل هذا الاجتماع تحدياً واضحاً من واشنطن للتحذيرات الصينية من احتمال التدخل في «الشؤون الداخلية لدول المنطقة». وكان الناطق باسم وزارة الخارجية نيد برايس، أعلن، أن «هذه المحادثات بين وزراء خارجية الرباعي أساسية للتقدم بأهدافنا المشتركة من أجل منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادي، والنهوض أمام تحديات عصرنا».
وأطلق «الحوار الأمني الرباعي» عام 2007 بعدما أظهر رئيس وزراء اليابان السابق شينزو آبي حماسة لإيجاد شركاء من أجل إقامة توازن مع الصين الصاعدة بقوة. وفي حين كانت أستراليا والهند حذرتين في البداية حيال استعداء الصين، إلا أن صيغة الرباعي توسّعت في السنوات الأخيرة مع تدهور علاقات البلدين مع بكين. وأجرت دول «كواد» أربع مناورات بحرية في نوفمبر (تشرين الثاني) في خليج البنغال وبحر العرب، حيث شاركت أستراليا للمرة الأولى منذ أكثر من عقد. وكانت صحيفة «غلوبال تايمز» الرسمية الصينية حذّرت بايدن في وقت سابق هذا الشهر من أنّ تجديد التحالف الرباعي سيكون «خطأً استراتيجياً فادحاً»، وقد يؤدي إلى «مواجهة استراتيجية خطيرة» معها. وحمل تعليق أحد الخبراء في تقرير الصحيفة تحذيراً خاصاً للهند التي تملك القدرة لإنهاء صيغة «كواد»، مع نصيحة بألا تربط الهند نفسها «بشكل كامل بعربة الولايات المتحدة المناهضة للصين». وأصرّت الهند تاريخياً على عدم الانحياز في سياستها الخارجية، لكنّ التوترات تصاعدت منذ العام الماضي عندما أدّت مواجهات عسكرية مع الصين في جبال الهيمالايا إلى مقتل 20 جندياً هندياً على الأقل، إضافة إلى عدد غير معروف من الجنود الصينيين. وما أثار التكهّنات حول مستقبل الرباعي عدم إيراد الهند هذا المصطلح في بيانها حول المكالمة الأولى لرئيس الوزراء ناريندرا مودي مع بايدن؛ إذ اقتصر الأمر على أهمية «العمل مع الدول ذات التفكير المماثل».
وفي سياق الحشد الأميركي للحلفاء في منطقة آسيا والمحيطين الهادي والهندي أيضاً، أجرى بلينكن اتصالات مع وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي. وأكد على «الأهمية المتزايدة للشراكة الاستراتيجية» بين الولايات المتحدة وإندونيسيا، متعهداً «تعزيز النطاق الواسع للعلاقات الثنائية» بين البلدين. وإذ شدد على «أهمية حماية بحر الصين الجنوبي الحر والمفتوح والمحافظة عليه»، عبّر مع مارسودي عن «قلقهما العميق» من الانقلاب في ميانمار (بورما). وأشار إلى أن «إندونيسيا، باعتبارها أكبر دولة ذات غالبية مسلمة في العالم، لديها رؤى فريدة يمكن أن تقدمها للأفغان في سعيهم إلى تسوية سياسية» في أفغانستان.