نقل الحوثيين يخطف الأضواء من اجتماعات الأسرى

مكتب المبعوث الأممي لـ«الشرق الأوسط»: نيسّر وصول الوفود لكن لا نتدخل في اختيارها

TT

نقل الحوثيين يخطف الأضواء من اجتماعات الأسرى

بعد خمسة أيام من دخول تصنيف واشنطن الحوثيين وزعيمهم وقياديين آخرين بقوائم الإرهاب حيز التنفيذ، عقدت لجنة إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين المنبثقة عن «اتفاق استوكهولم» اليمني اجتماعاً في العاصمة الأردنية عمّان، شهد مشاركة الحكومة اليمنية والحوثيين، سعياً إلى إكمال النجاح الذي سجلته اجتماعات سبتمبر (أيلول) 2020، التي أثمرت إطلاق سراح 1056 أسيراً بحلول أكتوبر (تشرين الأول) من مختلف الأطراف.
استمرت اللقاءات في الاجتماع الخامس للجنة الذي انطلق في 24 يناير (كانون الثاني) 2021؛ سواء عبر اجتماعات ثنائية، أو اجتماعات للوفود مع بعضها البعض. ولم يكن حضور الحوثيين لوجيستياً أمراً سهلاً، بسبب تصنيفهم، لكن وفداً مكوناً من أربعة أعضاء على الأقل حضر للمشاركة.
بعد إعلان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التراجع عن تصنيف الحوثيين، كجماعة ضمن قوائم الإرهاب، والإبقاء على زعيمهم عبد الملك الحوثي وقياديين آخرين، يعتقد وفد الحكومة اليمنية أن الحوثيين أصبحوا أكثر تعنتاً.
حسناً، لم تنجح الاجتماعات حتى الآن في الوصول إلى ما يصبو إليه المجتمعون حتى هذه اللحظة. تبادل الطرفان الاتهامات، وكانت الحجج أمراً اعتاده منسقو اللقاءات بين الطرفين، ولذلك، حاولوا التقريب وإعطاء تلك الاجتماعات فترة أطول. لكن وفد الحكومة اليمنية قرأ تلك الإطالة بأنها مجرد حجة لإعادة شخصية حوثية إلى صنعاء، مما جعل قضية نقل الحوثيين تخطف الأضواء من اجتماعات الإفراج عن الأسرى.
تلك الشخصية هي محافظ «البنك المركزي» الحوثي، الذي سجل وجوده خلال اجتماعات سويسرا في سبتمبر (أيلول) الماضي جدلاً وتساؤلاً: ماذا كان يفعل هاشم إسماعيل علي أحمد مع وفد أسرى؟
تحول تركيز الأطراف عوضاً عن التعامل مع إطلاق الأسرى إلى مماحكة سياسية، بعد اتهامات للأمم المتحدة بنقل الحوثيين وتهريبهم. وسبق أن تسبب تعيين أحد الأعضاء الحوثيين الذين خرجوا من صنعاء بغرض حضور اجتماعات (ليس ضمن نطاق آخر الاجتماعات الأممية) لاحقاً سفيراً لدى سوريا، في تعزيز مثل هذه الصورة.
تجزم مصادر في الحكومة اليمنية أن محافظ البنك الحوثي لم يشارك حتى في اجتماعات سويسرا، لكن الحوثيين حرصوا على حضوره في الأردن، وتحججوا بأن عدد وفد الحكومة 5 أشخاص، وأنهم أربعة، ولذلك طلبوا أن ينضم إليهم. وتشير المعلومات إلى أنه كان من المرتقب أن يصل إلى الأردن، أمس.
لن يستغرب المتابع عندما يعرف أن المسؤول المالي الحوثي قدم من إيران، ويعتقد مصدران على الأقل أنه زار مسقط أيضاً، ولم يعد مع الوفد الحوثي إلى صنعاء بعد اجتماعات سويسرا سبتمبر الماضي، إذ «سافر على حسابه الخاص خارج سويسرا» وفقاً لمصدر غربي مطلع.
وتداولت مواقع إخبارية يمنية نبأ هاشم إسماعيل علي أحمد، رغم أن أحدها لم يذكر اسم مسقط مكتفياً بالإشارة إلى «دولة خليجية». ونشر «المصدر أونلاين» وهو موقع إخباري اتهامات للأمم المتحدة بأنها تنقل الحوثيين عبر طائراتها.
تحدثت «الشرق الأوسط» مع إزميني بالا، وهي مديرة الاتصالات في مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، للتأكد من الاتهامات التي أوردتها المواقع اليمنية وناشطون يمنيون.
تقول بالا في رد مكتوب: «إن المسؤوليات اللوجيستية لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن بخصوص اجتماعات اللجنة الإشرافية لتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى تتلخص في تيسير نقل أعضاء الوفود إلى مكان الاجتماع، ومن مكان الاجتماع إلى مراكز المغادرة». وأضافت: «طبَّق المكتب جميع الإجراءات المعيارية لنقل وفد أنصار الله (الحوثيين) في سياق اجتماع اللجنة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، في سويسرا، وفي سياق الاجتماع الحالي بعمّان هذا الشهر، وقد نسَّق المكتب العمل مع جميع السلطات المعنية من أجل الحصول على الأذونات المطلوبة وفقاً لهذه الإجراءات».
وأوضحت أن «حكومة اليمن و(أنصار الله) يتحملان مسؤولية اختيار أعضاء وفديهما وليس لمكتب المبعوث أي دور في اختيار أعضاء الوفود الممثلة للأطراف. لا يتحمل مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن أي مسؤولية عن أفعال أو مقاصد أعضاء الوفود خارج نطاق أغراض الاجتماع ومدة انعقاده».
وبالعودة إلى مسألة المشاورات، يعتقد ماجد فضائل وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية، وعضو وفد الحكومة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين يرفضون «وبتعنت مستمر إخراج أي من الصحافيين حتى المرضى منهم، رغم تقديمنا بديلاً عنهم مجرمين حوثيين مقدمين للمحاكمة وأسماء مهمة يطالبون بها، لكن لغرض التعطيل يرفضون التجاوب، ويرفضون أيضا إخراج أي من المدنيين المختطفين».
وشدد الوكيل على حرص الوفد الحكومي اليمني على تقديم «التنازلات الكبيرة من أجل إتمام الصفقة بكل السبل والطرق الممكنة، وما زلنا نعمل ومستمرين، من أجل ذلك متحملين تعنت وفد الميليشيات من أجل إنجاح الصفقة وإتمامها». وزاد: «في بداية هذه الجولة قبل أن يكون هناك حديث عن رفع التصنيف الأميركي للحوثيين جماعة إرهابية قدمنا لهم كشفاً بأسراهم، ولم يقبلوا إلا 63 أسيراً، من أصل 136 اسماً».
وعند بدء الحديث عن رفع التصنيف يقول فضائل: «قدمنا لهم ثلاثة كشوفات في فترات متفاوتة، كل كشف يحتوي على 100 أسير من أسرى الجماعة، بإجمالي 300 أسير، إلا أنهم لم يقبلوا منهم أحداً، ويصرون على أسماء أسرى لأسر هاشمية لا معلومة لدينا عنهم».
وتبقى مسألة الأسرى إنسانية في الصراع، وبتوافق الطرفين، لكن نتائجها يبدو أنها تحتاج وقتاً أطول، فأول توافق على إطلاق أسرى بعدد كبير بين الطرفين استغرق نحو عامين، رغم أنه بدأ قبل انطلاق مشاورات السويد (نهاية عام 2018).


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).