كيف يشكل خطر إرهابيي «داعش» تحدياً لإدارة بايدن؟

تستعد إدارة بايدن في الوقت الحالي لتطبيق سياستها الجديدة بشأن الشرق الأوسط، ومن المهم للغاية ألا يؤدي انشغالها بإحياء الاتفاق النووي الإيراني إلى أن يتجاهل البيت الأبيض التهديد الخطير الذي ما زال يشكله المتعصبون المتشددون الذين ينتمون لتنظيم «داعش» بالنسبة للأمن العالمي.
وفي تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي قال المحلل السياسي والباحث البريطاني كون كوفلن إنه منذ تولي طاقم السياسة الخارجية الذي عينه الرئيس جو بايدن في الشهر الماضي مهام عمله، كانت أولوياته الرئيسية فيما يتعلق بالشرق الأوسط، هي بحث احتمالات إعادة بدء مفاوضات مع طهران بشأن برنامجها النووي، وإقامة حوار مع القادة الفلسطينيين الذين قاطعوا على مدار السنوات الثلاث الماضية الرئيس السابق دونالد ترمب بسبب قراره الخاص بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وأضاف كوفلن، وهو أحد كبار الزملاء بمعهد جيتستون، أنه في ظل تبنى هذه النظرة الضيقة إلى حد ما بشأن التحديات العديدة التي تواجه المنطقة.
هناك مخاوف متزايدة من ألا يولي طاقم بايدن اهتماماً كافياً بالنسبة للتهديد المتزايد الذي يشكله إرهابيو «داعش».
وظهر أحدث دليل على الفعالية المميتة لـ«داعش» في الشهر الماضي عندما نفذ تفجيراً انتحارياً مزدوجاً في سوق بأحد شوارع بغداد أسفر عن 32 قتيلاً و75مصاباً. وتبنى تنظيم «داعش» في بيان أصدره على الفور بعد العملية المروعة مسؤوليته عن الهجوم، الذي قال مسؤولون أمنيون عراقيون إنه كان يهدف إلى سقوط أكبر عدد من الضحايا، ويأتي في وقت تتصدى فيه حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للعديد من التحديات الأمنية، ليس أقلها تدخل إيران المتواصل في شؤون بلاده.
وإضافة إلى ذلك، يأتي الهجوم على خلفية نشاط متزايد من جانب مقاتلي «داعش» في العراق. فقبل الهجمات الانتحارية، تم تحميل مقاتلي «داعش» المسؤولية عن تفجير أبراج كهرباء في محافظة ديالى العراقية، وهو إجراء كان هدفه شل إمدادات الكهرباء الأخذة في التناقص بالفعل في العراق.
وشن تنظيم «داعش» حملة ترهيب على مستوى منخفض في العراق خلال معظم العام الماضي، ولكن الزيادة الأخيرة في نشاط التنظيم تعد دليلاً على سعيه على نطاق واسع لإحياء نفوذه بعد أن تم القضاء على محاولاته لتأسيس ما يسمى بـ«دولة الخلافة» من خلال حملة إدارة ترمب الفعالة للغاية ضد مقاتلي التنظيم، الذين أُرغموا على التخلي عن آخر قطعة من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها في عام 2019.
ومنذ ذلك الوقت، ينهمك التنظيم في إعادة بناء بنيته التحتية الإرهابية، حتى أن تقريراً أصدره مؤخراً مجلس الأمن الدولي للأمم خلص إلى أن «داعش» يتحكم حالياً في أكثر من عشرة آلاف مقاتل موزعين في خلايا صغيرة في كل من سوريا والعراق. وأدى تصاعد أعمال العنف التي ينفذها تنظيم «داعش» إلى رد فوري من جانب الحكومة العراقية، التي أقرت بإعدام جماعي للمئات من مقاتلي «داعش» المدانين بتهم الإرهاب.
بالإضافة إلى ذلك، قتلت ضربة عسكرية أميركية عراقية مشتركة الشهر الماضي أكبر قيادي «داعش» في العراق. فقد قُتل أبو ياسر العيساوي، وهو قيادي مخضرم في الحملة الإرهابية «الجهادية» ضد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق، في عملية جوية وبرية مشتركة بالقرب من مدينة كركوك شمالي العراق. وقتل الهجوم ما إجماليه 10 من مسلحي «داعش»، ودمر أيضاً مخبأ للتنظيم في شبكة من الكهوف.
وقال كوفلن إنه من المؤكد أن عودة ظهور «داعش» كتهديد إرهابي كبير - حيث هناك أيضاً تقارير عن زيادة نشاط «داعش» الإرهابي في أفريقيا - أمر يتعين على إدارة بايدن أن تضعه في الاعتبار في الوقت الذي تبدأ فيه تنفيذ سياستها الجديدة الخاصة بالشرق الأوسط.
وذكر كوفلن في نهاية تقريره أنه من خلال تركيز توجهات السياسة الخارجية للإدارة الجديدة على إحياء الاتفاق النووي واستعادة العلاقات مع القيادة الفلسطينية، يخاطر بايدن بالتغاضي عن التهديد الكبير للغاية الذي يشكله الأنصار المتعصبون لـ«داعش»، والذي يمكن أن يتسبب مرة أخرى في حالة من الفوضى في الشرق الأوسط إذا لم يتم كبحه.