المعارضة الجزائرية تقترح «رئاسية» مبكرة و«حكومة وحدة»

جانب من مظاهرات الجزائريين وسط شوارع خراطة للمطالبة برحيل النظام أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الجزائريين وسط شوارع خراطة للمطالبة برحيل النظام أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

المعارضة الجزائرية تقترح «رئاسية» مبكرة و«حكومة وحدة»

جانب من مظاهرات الجزائريين وسط شوارع خراطة للمطالبة برحيل النظام أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الجزائريين وسط شوارع خراطة للمطالبة برحيل النظام أول من أمس (أ.ف.ب)

بينما اقترح قطاع من المعارضة الجزائرية، انتخابات رئاسية مبكرة في 2022 لـ«الخروج من المأزق السياسي»، يتجه الرئيس عبد المجيد تبون لتشكيل «ائتلاف سياسي» موالٍ له، يكون بمثابة «أغلبية رئاسية» تفرزها انتخابات برلمانية قبل موعدها، يريد إجراءها قبل نهاية العام الحالي.
ونشر حزب «الاتحاد من أجل التغيير والرقي»، بقيادة الناشطة والمحامية زوبيدة عسول، في حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، أمس، مقترحات لـ«الخروج من الانسداد وإحداث ديناميكية جديدة نحو التغيير». وطالب بانتخابات رئاسية قبل موعدها المحدد في 2024، وتفويض صلاحيات الرئيس الحالي لرئيس «حكومة وحدة وطنية».
وأكد الحزب أن «استمرار الوضع الحالي من شأنه زعزعة استقرار البلاد، وتعريضها لمخاطر هي في غنى عنها، بالنظر للعوامل الجيوستراتيجية والجيوسياسية، التي تشهدها المنطقة والعالم»، مبرزاً أن «السلطة أدارت ظهرها للمطالب الشعبية، من خلال فرض خارطة طريق انفرادية لم تزد الوضع سوى تعقيد وانسداد وجمود على مستوى الحكومة، ناهيك عن آثار الوباء الصحي، والغياب المزمن لرئيس الدولة بسبب مرضه».
وترى بعض أحزاب المعارضة أن حالة الرئيس الصحية لا تسمح له بالوفاء بأعباء الحكم، بعد أن قضى تبون ثلاثة أشهر في مصحات بألمانيا، على فترتين غير متباعدتين؛ حيث أجريت على قدمه عملية جراحية من تبعات إصابة بكورونا.
وسئل قادة ثلاثة أحزاب، استقبلهم السبت الماضي في مكتبه، عن حالته، فأجمعوا على أنه «يتعافى بشكل جيد»، كما نقل عنه أحدهم قوله إن «مرضه بات من الماضي».
واقترح حزب «الرقي» أن يعلن رئيس البلاد عن «رئاسية» مبكرة، تنظم خلال السنة المقبلة، يليها إنهاء مهام الحكومة الحالية، وتعيين رئيس حكومة يفوض له الرئيس العديد من صلاحياته، وفقاً لما هو محدد في الدستور، مثل التعيين في المناصب الرسمية، على أن يقوم رئيس الحكومة، بحسب الحزب، بـ«اقتراح حكومة وحدة وطنية بما فيها وزير للدفاع، يتكفل بإعادة هيكلة الجيش، وتجسيد احترافيته للدفاع عن الأمن القومي للبلاد».
ومن أبرز تكليفات «حكومة الوحدة الوطنية»، حسب مقترحات حزب عسول، أن تعمل على «إطلاق سراح السجناء السياسيين وسجناء الرأي، مع إعادة الاعتبار لهم، وفتح المجال الإعلامي والسياسي، وإلغاء جميع القوانين المسماة بالحريات، لتعارضها مع أحكام الدستور، إضافة إلى تكليف شخصيات وطنية مستقلة، ذات مصداقية، بالإشراف على ندوة جامعة للحوار الوطني، قصد إيجاد الآليات والشروط الضرورية لتنظيم انتخابات تعددية حرة نزيهة وشفافة.
ويستبعد مراقبون أن تتفاعل السلطة إيجابياً مع هذه المقترحات لسببين؛ الأول هو أن تبون عاد إلى نشاطه مبديا قدرة على مواصلة مهامه كرئيس، ما يعني أن «مسألة شغور السلطة» لن تطرح. وثانياً أن الرئيس نفسه أطلق مساعي لتعزيز حكمه، وذلك بتشكيل «ائتلاف سياسي»، يتكون من ثلاثة أحزاب، يرتقب أن تحصل على الأغلبية في «المجلس الشعبي الوطني» الجديد، الذي ستفرزه «التشريعية» المنتظرة.
وهذه الأحزاب هي «جيل جديد» بقيادة الطبيب البيطري سفيان جيلالي، الذي كان معارضاً شرساً للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، و«جبهة المستقبل» برئاسة بلعيد عبد العزيز، و«حركة الإصلاح الوطني» (إسلامي) برئاسة وزير السياحة السابق عبد القادر بن قرينة.
ويعتقد في الأوساط السياسية أن تبون يبحث عن «الأغلبية الرئاسية»، التي يتناولها الدستور الجديد، بالارتكاز على الأحزاب الثلاثة، ومنها سيختار «الوزير الأول» في حال حققت فوزاً عريضاً في الانتخابات، وهو المتوقع بقوة، في مقابل أغلبية للمعارضة، تفرز «رئيساً للحكومة» إذا حصلت على الأغلبية البرلمانية، بحسب ما ينص عليه الدستور.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.